ثورة 25 يناير أعادت الأمل لحركة التعاونيات المصرية التى يعود عمرها إلى أكثر من مائة عام فى استعادة دورها لخدمة الطبقات محدودة الدخل، وراهنت الحركة التى تضم فى عضويتها ملايين المصريين على الثورة لبدء مرحلة جديدة من التفعيل بعد سنوات من التهميش، وفى أول جمعية عمومية للاتحاد العام للتعاونيات بعد الثورة كانت حكومة الثورة حاضرة من خلال الدكتور أحمد حسن برعى، وزير القوى العاملة والهجرة، وعضو مجلس إدارة الاتحاد، والدكتور أيمن فريد أبوحديد، وزير الزراعة، والذى ألقى كلمة الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء. ورغم حرص شرف فى كلمته على تأكيد أهمية الحركة التعاونية باعتبارها أداة حاسمة لحماية محدود الدخل ومطالبته بتفعيل دورها فى مواجهة اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء إلا أن شرف لم يبت حتى الآن فيما تم الاتفاق عليه قبل نحو شهر ونصف مع مجلس إدارة الاتحاد حول تفعيل الحركة من خلال انشاء لجنة عليا للتعاونيات برئاسة شرف وعضوية عدد من الوزراء وممثلى الاتحاد العام التعاونى والاتحادات النوعية وهو ما دفع الدكتور احمد عبدالظاهر رئيس الاتحاد العام إلى إرسال خطاب تذكيرى لشرف يؤكد فيه أنه حتى الآن لم يرد إلى الاتحاد أية إفادة عن مقترحات تفعيل الحركة التعاونية، وقال عبدالظاهر: إنه رغم إيماننا الراسخ أنه بعد ثورة 25 يناير سوف يكون هناك اهتمام بالحركة التى تضم أكثر من 12 مليون أسرة تعاونية من خلال ما يقرب من 18 ألف منظمة تعاونية بعد ثلاثة عقود من التهميش المتعمد من الحكومات السابقة إلا أن الحركة تأسف أن يكون أداء الحكومة تجاهها هو ذات أداء الحكومات السابقة قبل الثورة ويؤكد الدكتور أحمد حسن البرعى وزير القوى العاملة أن اتحاد التعاونيات له مشاكله قبل وبعد الثورة مطالبا بضرورة إعادة النظر فى الأوضاع الداخلية للحركة التعاونية خاصة الأوضاع المالية التى اعتبرها سببا جوهريا فى ضعف الحركة، وأكد ضرورة إنشاء بنك تعاونى يسهم فى جهود تطوير التعاونيات المصرية وتفعيل دورها باعتبارها إحدى الآليات المهمة فى تحقيق العدالة الاجتماعية. من جانب آخر، كانت الجمعية العمومية للاتحاد العام للتعاونيات فرصة لطرح هموم الحركة ومشاكلها على أمل الإصلاح بعد الثورة. هذا ما لمسناه من خلال حوار «الشروق» مع أحد قيادات الحركة عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الزراعى: «بنك الائتمان» لم يصله خبر قيام الثورة حتى الآن أزمة الأسمدة مفتعلة وتستهدف إضعاف الجمعيات التعاونية «شعبان عبدالمولى عطية» عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى ورئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للميكنة الزراعية بالبحيرة.. أحد الشهود على مراحل صعود وهبوط الحركة التعاونية فى مجال الزراعة، يتهم عطية بنك التنمية والائتمان الزراعى بأنه يعمل ضد الفلاحين ويصفه بأنه ابن عاق لقطاع الزراعة، ويؤكد أن أزمة نقص الأسمدة مفتعلة من جانب البنك. «هناك حرب شرسة ضدنا منذ السبعينيات واستمرت حتى العهد البائد»، يقول عطية، مشيرا إلى أن نظام الرئيس السادات عندما أدرك قوة التعاونيات التى تضم ما يقرب من 50 % من سكان مصر وتمثل قوة كبيرة فى مجال الزراعة وأن هناك تنظيما قويا اسمه اتحاد الفلاحين فبدأت مرحلة الهدم التدريجى الذى استهدف اضعاف الجمعيات التى تنتشر فى جميع قرى مصر وانتهت العملية بتحويل بنك التسليف الزراعى الذى كان يعمل لخدمة الفلاح إلى بنك التنمية والائتمان الزراعى الذى يعمل كبنك استثمارى بالأساس وليصبح السيف المسلط على رقاب الفلاحين، بل انه اصبح يقوم بنفس الدور الذى كان يقوم به مجتمع ال0.5% قبل ثورة 23 يوليو وفقا لما يقول عطية الذى وصف التيسيرات التى كان يعلنها البنك للفلاحين قبل ثورة 25 يناير لم تكن حقيقية وكان لها من الشروط الصعبة ما يحول من الاستفادة منها. «بدورنا بدأنا حربا ضروسا قبل ثورة 25 يناير لاستعادة وضع التعاونيات الزراعية السابق» بحسب عطية الذى يشير إلى أن المعركة كانت مع وزير الزراعة السابق امين اباظة وبنك الائتمان الزراعى الذى يقرض الفلاح بفائدة تبلغ نحو 18%، وكان هدفنا استعادة الدور واسترداد مقار ومخازن الجمعيات التعاونية التى آلت إلى بنك الائتمان لإضعاف الجمعيات التى كانت تتولى مد الفلاحين بمستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة كما تقوم بدور مهم فى التوعية والإرشاد وقد فشل البنك فى تعويض هذا الدور حتى الآن. وفرنا 60% من مياه الرى ●وهل نجحتم فى ذلك؟ من أهم ما قامت به الجمعيات كان فى مجال الميكنة الزراعية حيث يتم تسوية الأرض بالليزر مما يوفر نحو 60 % من مياه الرى وتقدم الجمعية التعاونية الزراعية جهاز الليزر وقيمته 45 ألف جنيه للفلاح بدون مقدم وبفائدة بسيطة لا تزيد على 8 % فى حين يقرض بنك الائتمان الفلاح بفائدة استثمارية تصل إلى 18% كما تشارك الجمعيات حاليا فى توزيع مستلزمات الانتاج وفى مقدمتها الأسمدة ومما يسهل عمل الجمعيات فى هذا المجال انها تمتلك فروعا فى جميع القرى تزيد على 5 آلاف جمعية بينما لا يتوافر لبنك الائتمان مثل هذا الانتشار فكل فرع يقوم بخدمة نحو 10 أو 11 قرية مما يشكل عبئا على الفلاحين. أزمة مفتعلة ●وهل للجمعيات دور فى مواجهة أزمة الأسمدة الحالية؟ الأزمة مفتعلة لإبعاد الجمعيات عن هذا الدور وإيهام وزارة الزراعة بأن الجمعيات فشلت فى توزيع «السماد» مما أدى إلى سحب 5 محافظات فى الصعيد من الجمعيات وإعادتهم للبنك فهناك تضارب مصالح لأن البنك يريد تحقيق أرباح أما الجمعيات فتهدف لخدمة الفلاح. ●كيف يفتعل البنك هذه الأزمة وهو طرف فى الموضوع؟ منذ أن عادت التعاونيات إلى مجال توزيع الاسمدة العام الماضى وهناك محاولات لاستبعادها والبنك باعتباره الممول للأسمدة فهو الجهة المهيمنة على توزيع الأسمدة ويكفى أن يصدر تعليماته للشركات المنتجة بتأخير شحن الأسمدة للجمعيات لعدة أيام لتحدث مشكلة للفلاحين فى الجمهورية كلها وذلك فضلا عن اضرابات سيارات النقل فى هذه الفترة الاستثنائية وهو ما ساهم فى مشكلة الأسمدة فى بعض محافظات الصعيد. رد الاعتبار ●ألا ترى تحسنا فى الأمور بعد الثورة خاصة فى مجال العلاقة بين الجمعيات وبين البنك بما يصب فى صالح الزراعة المصرية والفلاح؟ كنا ننتظر رد اعتبار التعاونيات بعد الثورة لكن يبدو أن المكان الوحيد فى مصر الذى لم يصله خبر قيام الثورة بعد هو بنك التنمية والائتمان الزراعى فسياساته لم تتغير «والفلاح ينام أسبوعا أمام البنك حتى يحصل على شيكارة سماد» وقد قلنا للوزير إن البنك ابن عاق لقطاع الزراعة بأكمله بينما القطاع التعاونى هو الممثل الشرعى للقطاع وهو منتخب من القاع للقمة «وكلنا نعمل متطوعين ولا نتقاضى أى مقابل بينما يصل راتب رئيس البنك نحو 180 ألف جنيه شهريا منها 45 ألفا من البنك أجر وبدلات والباقى من صندوق البنك المركزى. ●لماذا لم تلجأوا إلى وزير الزراعة ورئيس الوزراء لدعم القطاع واستعادة دوره؟ أى وزير زراعة يأتى يتحيز للبنك من دون الجمعيات على الرغم من ان التعاونيات الزراعية فى الدول الرأسمالية هى التى تضع السياسة الزراعية لكن فى مصر يحدث العكس، لكننا لن نتنازل عن استعادة دور التعاونيات لخدمة الفلاح الذى لم يتقاعس ساعة واحدة أثناء الثورة وبذل جهدا كبيرا لتوفير الغذاء قام بتوريد 4.5 مليون طن قمح بما يمثل 50% من احتياجات مصر ويستحق هذا الفلاح كل دعم من جانب الدولة من خلال توفير مستلزمات الإنتاج له باسعار مناسبة وتوفير التمويل له بسعر فائدة مناسبة وهذا الدور تقوم به الجمعيات التعاونية، والاتحاد كان يعد للمؤتمر العام للتعاونيات الزراعية والذى يعقد كل 4 سنوات ويناقش التحديات التى تواجه الزراعة والتعاونيات وكيفية التغلب عليها وتقدمنا بطلب عقد المؤتمر لوزير الزراعة الا انه رد علينا بأن المجلس العسكرى اعترض على عقد المؤتمر نظرا للظروف الحالية رغم أننا القطاع الوحيد الذى لم يدع إلى مظاهرة او إضراب كما أننا لم يتم دعوتنا للجنة الوفاق الوطنى ولا الحوار القومى لم يتذكرنا أحد بعد الثورة ولذلك كنا نأمل فى عقد مؤتمرنا العام ويناشد عطية المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالسماح بعقد المؤتمر. ة التعاونية فى مجال الزراعة.