الفقيرة» هنا ليست مجرد صفة وإنما اسم أيضا لهذه القرية التابعة لقرية بنى عقبة بمحافظة بنى سويف أو كما تسمى (المضل) الأثرية والتى تم اكتشاف «مزامير داود» فيها. تقع القرية على بعد 45 كيلومترا جنوب شرق مدينة بنى سويف، وهى تابعة لمجلس قروى «سدس» مركز ببا، وإن كانت أقرب لمدينة الفشن على الحدود الشرقية. إذا نجحت فى الوصول ل«الفقيرة» عبر المعدية أو المراكب الشراعية الصغيرة، التى تعتبر وسيلة المواصلات الوحيدة إليها، سرعان ما ستحاصرك مشاهد الفقر وغياب الخدمات. هذا ما يؤكده الشيخ خلف محمد مكاوى، العامل بمدرسة الفقيرة الابتدائية، الذى يؤكد أن المدرسة الابتدائية هى المرفق الحكومى الوحيد بالقرية، ولا توجد مدرسة إعدادية أو خلافه، وأقرب مدرسة إعدادية فى «المضل» على بعد 3 كيلومترات من قريتنا. المفاجأة التى فجرها خلف أيضا أن القرية بأكملها لا يوجد بها سوى خريج جامعة واحد فقط وحاصل على بكالوريوس هندسة منذ عامين، أما عدد الحاصلين على المؤهلات المتوسطة بالقرية فيتراوح ما بين 15 و20 خريجا جميعهم من الذكور. عدم وجود بنات بين الخريجين يرجع إلى معتقدات أهالى القرية عن أن البنات من العيب أن تخرج وتتعلم فى وجود القنوات المفتوحة والدش أو ما يطلقون عليه «قلة الأدب»، «ويصبح السؤال الرئيسى لديهم هنا هو: كيف يأمن الأب على ابنته أن تغترب أو تركب مواصلات مع شباب»؟ مشاكل القرية لا تنتهى عند هذا الحد إذ يشير أحمد صقر عضو مجلس محلى مركز ببا إلى أن الفقر سمة هذه القرية ولسوء حظ شبابها فإنه لا توجد بها مساحات زراعية خضراء للعمل بها إنما أغلب الشباب يعملون أعمالا موسمية خاصة فى المحاجر والبناء. ويشير جابر عكاشة حماد عضو مجلس محلى قرية سدس ومن أبناء القرية، إلى أن الأهالى يتضررون من رفع قيمة الايجار للمبانى السكنية لأربعة أضعاف من 50 قرشا إلى جنيهين للمتر. ويتساءل مستنكرا: كيف تدفع المرأة الفقيرة التى لا تجد قوت يومها هذا المبلغ الضخم؟ وكيف تتم مساواتنا مع بقية أبناء المحافظة فى الواجبات ولا تتم مساواتنا فى الحقوق؟ أين الطرق الممهدة؟ أين الوحدات الصحية؟ أين مراكز الشباب؟ مع العلم بأننا تقدمنا بطلبات وأخذنا وعودا منذ اكثر من 6 سنوات ولم يحدث شىء.