تتيح المخرجة والممثلة الفلسطينية فالنتينا أبو عقصة، فرصة لجمهور المسرح لمشاهدة جولة من جولات التحقيق التي تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية من خلال مسرحية (أنا حرة)، التي شاركها في تقديمها، مساء أمس الأحد، على خشبة مسرح عشتار في رام الله الممثل إياد شيتي. ويقدم الممثلان على مدار 60 دقيقة ملخصا معدا بعناية لما جمعته فالنتينا على مدار عام من البحث واللقاءات مع فلسطينيات اللائي خضن تجربة الاعتقال السياسي في السجون الإسرائيلية، استمعت منهن إلى ما تعرضن له خلال فترة التحقيق التي قد تستمر أياما وأسابيع في بعض الأحيان، تستخدم فيها الكثير من أساليب الترهيب والترغيب. وقالت فالنتيا، بعد العرض: "ما قدمته في المسرحية (أنا حرة) جزء حقيقي مما تتعرض له الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية، وأنا شخصيا لم أعش تجربة الاعتقال، ولكني بذلت كل جهد ممكن كي أتقمص شخصية الأسيرة خلال جولة من جولات التحقيق التي تتعرض لها الإسيرات". وأضافت، "لم أقدم تجربة أسيرة واحدة بل عملت بعد عام من البحث واللقاءات مع عدد من الأسيرات خلال مراحل مختلفة قبل الانتفاضة الأولى، وخلالها وخلال الانتفاضة الثانية عملت على إعادة صياغة هذه التجارب على مدار 3 أشهر لأقدمها على مدار ساعة من الزمن، لذلك المسرحية عرض لجولة تحقيق واحدة". العرض يعيش تجربة الأسيرات الفلسطينيات ويبدأ العرض المسرحي لحظة دخول الجمهور إلى قاعة المسرح، ليرى فتاة مكبلة اليدين والقدمين، معصوبة العينين، مربوطة إلى عمود في زاوية المسرح، يسمع صوت أنينها قبل أن يجرها السجان إلى غرفة مجاورة، لتدخل بعد ذلك أمام الجمهور وقد بدت عليها آثار التعذيب على وجهها. ويدخل بعد ذلك المحقق (إياد شيتي) لتبدأ جولة التحقيق التي تبدأ في تقديم نفسه كرجل يحترم حقوق الإنسان ويرفض ما تعرضت له الأسيرة من تعذيب، إضافة إلى استعراض ثقافته الواسعة للأدب العربي، ليبدأ مرحلة الترغيب مع الأسيرة في محاولة منه لانتزاع اعترافات منها. وينتقل بعد ذلك إلى الترهيب من خلال التهديد بتشويه السمعة بتلفيق تهم تتعلق بممارسة الجنس وصولا إلى مرحلة العنف والاعتداء على الأسيرة بالضرب ومحاولة اغتصابها، وتهديدها بجعل مجموعة من السجانين يغتصبونها، مشاهد عنيفة يشاهدها الجمهور على خشبة المسرح، حيث يقيد المحقق يدي الأسيرة، ويضع قدميه عليها، إضافة إلى شد شعرها بقوة وإلقائها على الأرض ومحاولة خنقها، إلى أن ينتهي بمحاولة اغتصابها. وأوضحت فالنتينا أنه ليس لجميع الأسرى والأسيرات مثل تلك الشخصية التي تقدمها في المسرحية، والتي ترفض الاستسلام أو الاعتراف، رغم كل أساليب التعذيب، وقالت: "بالطبع هناك أسرى وأسيرات يصمدون خلال التحقيق ويرفضون الاعتراف، وهناك آخرون ينهارون ويعترفون تحت الضغط النفسي والجسدي". وقال شيتي: "في البداية عندما عرض علي المشاركة في المسرحية تخوفت، لأنه حتى تكون مقتنعا يجب أن تتقمص الشخصية، وليس سهلا أن تتقمص شخصية بينك وبينها صراع، عملت على دراسة أساليب التحقيق واستمعت إلى روايات من الأسرى والأسيرات حول ما يجري معهم خلال التحقيق والأساليب التي يتم استخدامها من قبل المحققين الإسرائيليين، وانتهيت إلى تقديم النموذج الذي رايته في المسرحية". وأضاف، "سأشعر بالرضا إن كرهني الجمهور في هذه المسرحية، لأن ذلك سيعني أنني نجحت في آداء الدور". ويرى المسرحي الفلسطيني أدوارد معلم، أن العرض "جريء، ولأول مرة يتناول المسرح الفلسطيني بهذه الواقعية قضية بهذه الحساسية التي تعاني فيها الأسيرة داخل السجن، وبعد الخروج منه من خلال علاقتها بالمجتمع". وتابع، قائلا، بعد مشاهدته العرض: "لقد نجحت فالنتينا وبجرأة أن تنقل شيئا واقعيا من ما تتعرض له الأسيرات داخل السجون، وربما يكون ما قدمته رغم قسوته أقل بكثير مما يحدث مع الأسيرات داخل السجون الإسرائيلية، قد يكون الجمهور المحلي يعرف أو يسمع عن هذه القضايا، ولكن ربما يشكل ذلك صدمة للجمهور العالمي". ويستعد طاقم المسرحية لمواصلة جولة عروضه، لتكون محطتها القادمة في مدينة الناصرة في الرابع من الشهر القادم، بعد أن قدمت جولة من العروض في الرباط وعمان وحيفا ورام الله.