انتقد الناقد الدكتور سيد البحراوي نهج وزارة الثقافة السابق في تبني المصالح الشخصية والتركيز على المحسوبيات، مهملة أغلب الشباب، وثقافة المهمشين، والتي تبنتها الوزارة الجديدة برعاية الدكتور عماد أبو غازي، قائلا إن: "ذلك المكان كان بمثابة (مقهى) قبل أحداث 25 يناير، مهملا ثقافة المهمشين أو الهامشيين التي صنعت الثورة؛ والتي تمثل الثقافة الحقيقية التي يلجأ لها من يريد صناعة المستقبل. فأولئك الهامشيون هم من صنعوا التغيير وخلقوا جيلا جديدا مختلفا وواعيا؛ جيل الثورة التي بدأت تتحقق في 25 يناير ولكنها لم تنته بعد، بل ستستكمل بكم وبنا جميعا". جاء ذلك في الندوة التي أقامها منتدى "التكيّة" الأدبي بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، أمس الخميس، وحضرها نقاد وأدباء لمناقشة كتاب "جبّانة الأجانب". وتمت مناقشة كتاب "جبانة الأجانب"، الصادر عن دار "اكتب" للنشر، الذي يعد نتاج النسخة الأولى من مسابقة التكية المفتوحة، ويضم مجموعة من القصص والروايات القصيرة التي تبنت فكرة الرعب والخيال ذي الطابع المحلي، وذلك من خلال الندوة التي أدارها هيثم الحاج على، وحاضر فيها الدكتور خيرى دومة متحدثا عن أدب الرعب والفانتازيا بين الهروب والثورة الأدبية، وقام الدكتور شريف الجيار، مسؤول لجنة الشباب في اتحاد الكتاب، بقراءة نقدية فى المجموعة، والدكتور سيد البحراوى الذي تناول التواصل بين الكاتب والمجتمع، وحتمية ذلك فى فترة ما بعد الثورة. وأكد هيثم الحاج على في مداخلته أن "الجيل الجديد من الكتاب الشباب، والذي كان متهما بانعدام هويته، أثبت أنه قادر على جلب واستيعاب الثقافات الأخرى، وتطويعها في ثقافته وجعلها طوعا لهويته، لتتجلى في هذا الكتاب الشيق". في حين أكد دكتور شريف الجيار على مصرية هوية تلك القصص: "فأنت تقرأ خبراتك مع الجدة والأم، وحواديت أمنا الغولة، مرض الكوليرا، وتنقل تراث القرية المصرية الشفاهي إلى جيل كامل، فالكتابات تمرد من أجل الحضور"، مؤكدا أنه "أمام كتابات حقيقية وإن كانت تلك هي بداياتهم؛ لذا فمصر أمامها ترسانة شبابية هائلة من الكتاب والمبدعين الشباب"، واعدا أن أول كتاب من لجنة الشباب سيكون لإصدارات التكية الأدبية. وتحدث الدكتور محمود الضبع حول تشكّل الهوية الثقافية، العربية منها بشكل عام، والمصرية بشكل خاص، قائلا: "إن الرواية لم تعد مصرية، بل أصبحت عربية، تضم ثقافات مختلفة في حكايا روائية"، وأشاد بالرواية اليمنية والسعودية في السنوات السابقة، وأكد أن: "هناك عدة موروثات ثقافية شعبية تفرقنا عن الثقافات الأخرى، فاللغة هي جوهر الثقافة، وهويتنا الدينية مدى تأثيرها الكبير على معتقداتنا الشعبية، ومدي أهمية إبعاد الدين عن فكرة الإيمان والإلحاد، بل التعامل معهم من خلال فكرة الثقافة والجمال، كما يوجد الطبيعة واتصالنا مع الماضي، كل تلك الأمور من الموروثات التي ميزت طابعنا عن غيره". ولكن الدكتور خيري دومة استهل كلامه بعرض رأيه القَلِق بشأن استخدام كلمة "الثورة" واستهلاك اسمها وقدسيته، ثم أكمل أنه "رأى في الكتابات الساخرة التي انتشرت في الأعوام الماضية نيرانا تشتعل تحت الرماد" وأكمل قائلا إن: "تداخل الأحداث في الثمانية عشر يومابين الحقيقة والخيال، بل يكون أقرب للخيال من الحقيقة، ولكنه انقلب بعدها، فأصبحت الحقيقة خيالا، والخيال حقيقة، إن تداخل تلك العوال في عالم الكتابة من خيال وتهكم وسخرية باطنية، كان طريق الثورة، وأهمل النقد العربي تلك الظواهر برغم كثرتها، غير معترف بأن الفانتازيا هي جزء من الواقع، وأدبها ليس ببعيد عنه، بل قد يصبح جزءً من واقع عالمنا، مثلما حدث في ثورة يناير".