قيادي بالشعب الجمهوري: ذكرى تحرير سيناء درس قوي في مفهوم الوطنية والانتماء    رئيس هيئة الاستعلامات: الكرة الآن في ملعب واشنطن لإيقاف اجتياح رفح    تعرف علي أسعار العيش السياحي الجديدة 2024    لليوم الثالث.. تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 24 أبريل 2024    قبل إجازة البنوك .. سعر الدولار الأمريكي اليوم مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية الأربعاء 24 أبريل 2024    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024    تراجع جديد لأسعار الذهب العالمي    تعرف علي موعد تطبيق زيادة الأجور في القطاع الخاص 2024    عودة المياه تدريجيا بمنطقة كومبرة بكرداسة    تراجع أسعار الذهب في ختام تعاملات الثلاثاء 22 أبريل    واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأمريكية بعد هجومين جديدين    «مقصلة العدالة».. لماذا لا تثور دول الأمم المتحدة لإلغاء الفيتو؟    بعد تأهل العين.. موعد نهائي دوري أبطال آسيا 2024    أرسنال يحقق رقمًا مميزًا بعد خماسية تشيلسي في الدوري الإنجليزي    حلمي طولان: الأهلي والزمالك لديهما مواقف معلنة تجاه فلسطين    رئيس نادي النادي: الدولة مهتمة بتطوير المنشآت الرياضية    يوفنتوس يضرب موعدًا مع نهائي كأس إيطاليا رغم هزيمته أمام لاتسيو    الخطيب يفتح ملف صفقات الأهلي الصيفية    موعد مباريات اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024| إنفوجراف    أمير هشام: إمام عاشور لم يتلقى عروض للرحيل ولا عروض ل "كهربا" و"الشناوي"    الأشد حرارة خلال ربيع 2024.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024    تحذير شديد بشأن الطقس اليوم الأربعاء .. ذروة الموجة الخماسينية الساخنة (بيان مهم)    وفاة 3 اشخاص وإصابة 15 شخصا في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالشرقية    محافظ الغربية: ضبط طن رنجة غير صالحة للاستخدام الآدمي وتحرير 43 محضر صحي    شم النسيم 2024.. الإفتاء توضح موعده الأصلي    حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 24-4-2024 مهنيا وعاطفيا.. الماضي يطاردك    أول تعليق من نيللي كريم بعد طرح بوستر فيلم «السرب» (تفاصيل)    السياحة توضح حقيقة إلغاء حفل طليق كيم كارداشيان في الأهرامات (فيديو)    بالصور.. حفل «شهرزاد بالعربى» يرفع لافتة كامل العدد في الأوبرا    مشرفة الديكور المسرحي ل«دراما 1882»: فريق العمل كان مليء بالطاقات المبهرة    شربنا قهوة مع بعض.. أحمد عبدالعزيز يستقبل صاحب واقعة عزاء شيرين سيف النصر في منزله    الموت له احترام وهيبة..تامر أمين ينفعل بسبب أزمة جنازات الفنانين    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    الاعتماد والرقابة الصحية توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنوفية لمنح شهادة جهار- ايجيكاب    فحص 953 مواطنا بقافلة بقرية زاوية مبارك بكوم حمادة في البحيرة    طريقة عمل الجبنة الكريمي من اللبن «القاطع»    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    تعرف على طرق وكيفية التسجيل في كنترول الثانوية العامة 2024 بالكويت    ما أهمية بيت حانون وما دلالة استمرار عمليات جيش الاحتلال فيها؟.. فيديو    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    أمين الفتوى: "اللى يزوغ من الشغل" لا بركة فى ماله    عادات خاطئة في الموجة الحارة.. احذرها لتجنب مخاطرها    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار الغضب بين النفس والجسد
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 05 - 2011

زيادة ضربات القلب وربما عدم انتظامها، نوبات مزعجة من القولون العصبى، صداع قاتل مستمر دون سبب واضح يدل عليه، فتور الهمة، إجهاد دائم لأقل جهد يبذل، آلام المعدة بلا مرض يفصح عن نفسه، اعتلال المزاج، الخوف من الآتى بلا مبررات منطقية أو ملابسات تشير إلى خطر قادم، إمساك مزمن، الشعور بالضيق والاختناق وصعوبة التنفس بلا أى مؤشرات لمرض بالقلب أو الرئة.. كلها أعراض مختلفة متباينة لا يجمعها رابط يمكن أن تعانى أياً منها أو من بعضها فى آن واحد فتهرع إلى الطبيب الذى يفحصك بعناية فائقة ويستخدم كل ما أوتى من معرفة ووسائل فحص متاحة من تقنيات حديثة وقياسات معملية وفحوصات إكلينيكية إلى أن يتوقف معلنا أنه قد تم استبعاد كل احتمالات المرض العضوى وأن الأمر مجرد حالة نفسية!
أنت بالفعل تعانى أعراضا حقيقية لكنك لا تعانى مرضا إنها اضطرابات جسدية نفسية المنشأ.
يعانى ثلث المرضى الذين يلجئون لعيادات الأطباء على الأقل أعراضا حقيقية قد تكون بالفعل مصدر معاناة وقلق لهم ولمن حولهم، إلا أنها أعراض لا تعبر على الإطلاق عن مرض عضوى. غالبا ما يشارك الطبيب المريض حيرته، لكن ما الأمر إذن إذا غاب المرض واستمر العرض؟
إلى بداية العشرينيات من هذا القرن كان الطب النفسى والعقلى يضع تلك الظاهرة فى خانة الهستيريا. الأمر الذى يعنى وجود صراع نفسى يعانى من جرائه المريض: صدمة عاطفية عنيفة، فقدان لعزيز أو حادثة مازالت آثارها عالقة بالنفس. إلى أن تطور تصنيف تلك الظاهرة باستخدام المصطلح أمراض جسدية ذات منشأ نفسى أو Psycosomatic Disorders أيضا الجسدنة Somatization.
وفقا لتعريف رسالة هارفارد للصحة النفسية تبدأ أعراض الأمراض الجسدية نفسية المنشأ غالبا قبل أن يتجاوز الإنسان أعوامه الثلاثين ويستمر الأمر لسنوات وقد يختفى فجأة كما ظهر.
تتباين الأعراض وتتداخل: الألم القاسى المبهم، معاناة الجهاز الهضمى والمشكلات العصبية مثل ألم أو تنميل الأطراف وربما اضطراب العلاقات الحميمة، أيضا اضطرابات القولون العصبى وما يتبعه من أعراض.
قد تحدث تلك الأعراض بصورة لا يمكن تفسيرها أو تفسير أسبابها لفترة قد تصل إلى ستة أشهر تنتهى بعدها، قد تحدث أيضا بصورة تعكس اضطرابا فى عمل الأعصاب فقط.
قد تحدث فى صورة ألم تتحكم حالة الإنسان النفسية فى درجة حدته ووقت ظهوره واستمراره أو انتهائه.
وقد تتعقد الأمور بصورة لا يمكن فهمها أو التفاهم معها الأمر الذى يحيل حياة الإنسان لعذاب مقيم، فلا هو يعرف متى يمكن أن تهاجمه الأعراض أو كيف تنتهى وينعكس الأمر على من حوله فهم على ثقة من غياب المرض العضوى ولا يشعرون بفداحة ما يعانى بل يتصورون دائما أنه يبالغ فيما يحكى من أعراض، وربما كان يبحث عن مظاهر الاهتمام به ممن حوله.
كيف يمكن تشخيص الأعراض فى غياب المرض العضوى؟
بالطبع تظل محاولات استبعاد حالة وجود مرض عضوى أو عصبى هى أفضل وسيلة لتشخيص الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسى، فيبدأ الطبيب بسلسلة من الفحوصات المعملية والإكلينيكية لاستبعاد مرض عضوى يختفى وراء الأعراض التى يعانيها المريض والتى غالبا ما يحكى عنها وقد لا يعانيها فى أثناء فحص الطبيب له.
كثيرا بالطبع ما يتصور الأطباء أن تلك الأعراض تكمن فى مخيلة المريض. لكن الطبيعى أن يضع شكواه محل اهتمام وأن يحاول بكل وسيلة معاونته للتخلص منها.
علاج الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسى
بعد التأكد من دقة التشخيص واستبعاد كل الأسباب المرضية العضوية التى قد تتسبب فى الأعراض فإن العلاج ممكن بعدة وسائل تلتقى فى أن الأساس البيولوجى والفسيولوجى فى كل الحالات واحد.
العلاج السلوكى المعرفى
يلجأ إليه عادة الأطباء فى البداية نظرا لأهميته ودوره الفعال فى الشفاء من تلك الأعراض التى تحيل حياة المريض لسلسلة متصلة من الألم والمعاناة. الحوارات المستمرة للتعرف على الجوانب النفسية الخفية للمريض، تمارين الاسترخاء والتأمل، حل المسائل، طرق التنفس التى تساهم فى أن يتحكم المريض فى نفسه الأمر الذى يمكن معه كسر تلك الحلقة من الألم والإحباط التى يعانيها المريض.
مضادات الاكتئاب
تأتى مضادات الاكتئاب فى مرحلة تالية للعلاج إذا احتاجها المريض فالواقع أن دورها غير مفهوم فى علاج الاضطرابات الجسدية الناجمة لكنها وبطريق غير مباشر قد تخفف من حدة أعراض القلق أو أعراض الإجهاد ما بعد الصدمة لو كان السبب الرئيسى هو صدمة عاطفية ما تعرض لها المريض. لكنها أيضا تحمل عددا من الأعراض الجانبية التى تجعل العديد من المرضى يتوقفون عن تناولها رغبة منهم فى تفادى المضاعفات فهم فى غنى عنها.
العلاجات الأخرى
كالمسكنات للألم، مهدئات الجهاز الهضمى، كمادات باردة للصداع، أدوية لمكافحة القلق، مهدئات بسيطة للنوم وما إلى ذلك من علاجات.
كلمة أخيرة
الأمراض الجسدية ذات النشأة النفسية حقيقة واقعة وإن كانت أعراضها لا تنم عن مرض عضوى إلا أن المعاناة حقيقة لا يمكن إغفالها أو التغاضى عنها أو التقليل من شأنها، إذ إن فى ذلك ما يضاعف من ألم المريض ويساهم فى إحباطه. لذا يجب أن نسعى لعلاج تلك الأعراض ومداواتها للتخفيف من آثارها.
على المريض أيضا أن يدرك أن ما يعانيه إنما هى أعراض لن تتطور إلى مرض قد يهدد حياته. لذا عليه أن يؤمن بصدق أنه فى أمان وأن تلك الأعراض ستنتهى إلى حيث لا رجعة فى وقت ما قادم لذا عليه أن ينتظر فى صبر وثقة أن كل شىء إلى نهاية.
إذا كان هذا بالفعل حوار الغضب بين النفس والجسد فلماذا لا نحاول بكثير من الفهم وقليل من الجهد أن نحول الحوار إلى حديث دائم ومتصل بلا غضب أو ألم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.