«اشتكينا لكل الناس، من أول النقابة لحد مجلس الدولة». يقولها سيد رمضان، 58 عاما. سيد يعمل شيالا بالسكة الحديد منذ أكثر من 20 عاما، ورديته قد تمتد 12 ساعة يوميا. «إيديا تعبت من كتر الشيل» يقولها سيد وهو يجر عربة يدوية فوقها أكثر من 20 كرتونة مياه معلبة من باب محطة رمسيس حتى كافتيريا المحطة. يتعثر فى طريقه وهو يحاول أن يخطو فوق عتبة الكافتيريا، فيساعده شابان على رفع العربة ودفعها. المحطة بها ما يقارب 15 شيالا فى الوردية الواحدة، يعتمدون كلية على البقشيش. يعطون كل ما يحصلون عليه لأمين يختارونه، ثم يقسمون الدخل بالتساوى عليهم فى آخر يوم العمل. «ساعات باكسب 20 جنيه فى اليوم، وساعات برجع من غير ولا مليم». يضيف أن موسم الصيف هو موسم الرزق الوحيد، حيث تمتلئ المحطة بالركاب فى كل المواعيد، ومنهم السياح من العرب والأجانب. التسعيرة المتعارف عليها للشيال هى جنيه واحد لكل قطعة من الحقائب، إلا أن دخل الشيالين الأساسى يعتمد على سخاء الزبائن. «الزبائن العرب ممكن يدفعوا 100 جنيه فى المرة الواحدة، دى بقى مش بقشيش دى زكاة» كغيره من الشيالين، يقع سيد فى منطقة رمادية من الهيكل الإدارى لهيئة السكة الحديد، فهو معين بها، لكن ليس لديه راتب أو تأمين صحى. يقول سيد إن زملاءه من الشيالين «أجدع من النقابة» لأنهم يساعدون المريض منهم بالتنازل عن جزء من نصيبهم له. أما نقابة الشيالين، «فكل ميزتها إنها بتدينى حتة الصفيحة دى»، ويخرج من جيبه سبيكة حديدية تحمل رقما مميزا، غرضه تمكين الزبائن من تعقب الشيال فى حالة حدوث سرقة. اشتراك النقابة يبلغ 3 جنيهات شهريا، «وقت ماتموت يعطوا أهل الميت ألف جنيه، وكده دور النقابة خلص» يلتقط سيد أنفاسه وهو يشير إلى زميله، عبدالسميع، فى الجانب المقابل من المحطة، ويحكى كيف أن زميله قد وقع منذ 6 سنوات على قضيب القطر وأدت إصابته إلى بتر كف اليد كاملة. لم يحصل عبدالسميع على تعويض باعتبارها إصابة عمل، فرغم أن العمال يرفعون أحمالا ضعف أوزانهم، فلا يوجد لهم أى رعاية طبية خاصة. يقول سيد إنه يخاف اليوم الذى لا تساعده قواه على الشيل. عندها سيضطر للتقاعد وتقديم أوراقه لمعاش السادات أو وزارة التضامن الاجتماعى، فبعد 20 عاما من العمل، لا يوجد فى رصيد سيد معاش يسنده أو جنيه واحد فى مدخراته.