فى تدوينته التى خصصها لمشاهداته عندما ذهب إلى أطفيح ضمن الفوج الذاهب ليستطلع أمر الخلافات بين المسلمين والمسيحيين هناك والتى انتهت بهدم كنيسة، كتب المخرج السينمائى والمدون أحمد عبدالله عن المشهد الذى جمع بين محمد حسان أحد رموز السلفية، وصفوت حجازى الرمز الإخوانى وبينهما لواء جيش وهم متشابكو الأيدى على المنصة متوجهين إلى جماهير أطفيح. يذكر أحمد عبدالله بأسلوب سينمائى أنه سأل صديقا له عن رأيه فى المشهد، فأخبره صديقه أنه أكثر مشهد مرعب منذ 25 يناير. تنامى تأثير الشخصيات ذات الميول السلفية على المجتمع المصرى بعد الثورة، مما أدى حتى لظهور محمد حسان على شاشة التليفزيون المصرى واستخدامه كوسيط لتهدئة أهالى أطفيح الذين هدموا كنيسة قرية صول، بالإضافة إلى تنامى التفكير السلفى ككل وظهوره على السطح فجأة بعدما كان فى مكمنه. أدى فى المقابل لظهور تخوفات شديدة من قبل عدد واسع من المصريين، وهذا يظهر من خلال رفض البعض لهم وانتقاده لأفكارهم من خلال وسائط الإنترنت. تعبر جانيت فوزى عن ضيقها من تصريحات السلفيين المستفزة تجاه الأقباط أو المتصوفين أو تجاه موقفهم من السياحة التى تعمل بها من خلال صفحتها على الفيس بوك، وتقول: «لست خائفة منهم على المستوى الشخصى، ولكن لا بد أن يتوجس منهم المجتمع كله، فأنا أرفض أن يكون المجتمع متعاطفا معهم». والقلق من السلفيين بالنسبة لجانيت يجب أن يتجاوز القلق من الإخوان المسلمين: «كما رأينا فى الفترة الأخيرة، السلفيين يقومون بتصرفات مضادة للقانون وهذا ما يجعلهم أخطر». ولكن هذا لا يمنع أيضا أن تكون تعليقاتها ساخرة على أخبارهم، فتقول ضاحكة: «فى النهاية فهم دائما يبدون وكأنهم جاءوا من عصر آخر». مواجهة التيارات السلفية أو الدينية التى تريد أن تسيطر على السياسة والمجتمع كان مبررا لوجود تجمعات ظهرت على منتديات الإنترنت قبل أن تعاود تجمعاتها على الفيس بوك بعد ظهوره، محمد عبدالحليم كان جزءا من مجموعة تسعى للتوعية من منطلق فكرى علمانى، تجمعت على المنتديات قبل أن يتقابلوا فى الواقع. يقول محمد: «التقينا فى الواقع عن طريق حزب الجبهة الديمقراطية، كنا من محافظات مصرية متعددة. وكان دخولنا الفيس بوك أصلا سببه أن نسعى للتوعية ضد أسلمة السياسة». ويضيف: «كنا نصنع بجانب حساباتنا الحقيقية حسابات بأسماء مستعارة، حتى ننتقد هذه التيارات بدون أن نتعرض للإيذاء، كان فى ذهننا قضية كريم عامر»، إشارة إلى المدون الذى حكم عليه بأربع سنوات بتهمتى إساءته للدين ولرئيس الجمهورية. انفرط عقد مجموعة محمد لأسباب شخصية كما يقول، ولكنه يرى أن تنامى التيار السلفى يحتاج لأن تعود وتجتمع مثل هذه المجموعات مرة أخرى: «نحن الآن نقوم بالتوعية بشكل فردى سواء عن طريق الفيس بوك أو فى الشارع ولكن أعتقد أننا نحتاج الآن لمثل هذه التجمعات، فالوضع يحتاج لاتحاد كل الجهود لمواجهة هذا التيار». محمد الذى يعيش فى المنوفية، المحافظة التى شهدت حرق أكثر من ضريح، يقول: «شعبية السلفيين قلت بعد حرقهم للأضرحة، وقد تعرضوا للضرب بعد ذلك»، ولكنه مع ذلك لا يثق فى أن المصريين يكرهونهم فعلا: «ما زلت غير قادر على تحديد موقف المصريين من السلفيين، هم رفضوا اعتداءاتهم على الأضرحة، ولكننى أشعر من جهة أخرى أنهم ما زالوا يحترمونهم، انظر حبهم للشيخ محمد حسان مثلا». باهر محمود الضابط بالبحرية التجارية والذى يصف نفسه باليسارى العلمانى لا يكتفى بالاعتراض على الفيس بوك، بل يحاول أن يوضح طبيعة تغلغل الإسلاميين فى المجتمع وشرح معنى العلمانية فى مقالاته، التى تنشر بموقع مؤسسة «الحوار المتمدن». يضع باهر التيارات الإسلامية كلها فى سلة واحدة، فهو لا يفرق كثيرا بين السلفيين والإخوان المسلمين مثلا. ولكنه فى النهاية يظل أكثر تفاؤلا، ويقول: «أعتقد أن التيارات الإسلامية كانت تستمد تعاطفها فى الشارع من كونها محظورة أو تتعرض لقمع الأمن، والآن عندما يتراجع ذلك وندخل فى تنظيم الأحزاب وطرح الأفكار ستجدهم فقدوا كثيرا من تأثيرهم. ستجدهم قد تعرضوا للنبذ ولكن فى هذه المرة من الناس العاديين. هم ليسوا أكثر من ظاهرة صوتية». باهر المنضم إلى حركة شباب من أجل العدالة والحرية يقول إن الحركة تسعى فى مواجهة التيارات الإسلامية لجمع كل الحركات السياسية فى مصر للدعوة لدولة مدنية، ويؤكد أن هذا هو الهدف الرئيسى للحركة حاليا. سألته إن كان يخشى من الإيذاء الجسدى من قبل الرافضين لأفكاره التى يطرحها فى مقالاته، فأجاب: «لقد كنا دوما مهددين من قبل النظام السابق الذى كان أقوى من التيارات السلفية، وحتى لو تعرضنا لذلك فسوف يكون هذا دليلا ضدهم أمام الناس ومكسب جديد لنا».