اشتعلت المنافسة بين البنك المركزى المصرى الكائن بمنطقة وسط البلد، وبين منافسه فى منطقة طرة بضاحية المعادى أو«بورتو طرة»، كما أصبح يطلق عليه رواد المترو والكثيرون من أبناء الشعب المصرى على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، ففى الوقت الذى ينزف فيه احتياط البنك المركزى على مدى الشهور الثلاثة الماضية، يزيد رصيد بنك طرة «الافتراضى»، بإضافة ثروات الداخلين الجدد إليه من رموز النظام السياسى السابق، بشكل مطرد، مما يجعله منافسا للمركزى، الأب الشرعى لجميع الأموال فى ذلك الوطن. خسائر المركزى فى الشهور الثلاثة الأولى من عام الثورة وصلت إلى 6 مليارات دولار من الاحتياط، بالإضافة إلى تراجع إجمالى الودائع، فبعد أن كان رصيد الاحتياط من النقد الأجنبى 36 مليار دولار، فى نهاية ديسمبر وصل إلى 30 مليارا فى نهاية مارس، وأصبح ذلك الرصيد الذى يستخدم فى شراء السلع الاستراتيجية من الخارج وعلى رأسها القمح، يغطى 7 أشهر فقط بعد أن كان يغطى عشرة قبل ذلك، ومن المتوقع مزيد من تراجعه فى ظل حالة التباطؤ الاقتصادى التى تشهده الدولة. فى المقابل لذلك التراجع تدفق على «سجن مزرعة طرة»، بافتراض أنه كالبنك الذى تزيد أرصدته رغم أن الدولة لم تستعدها بعد، سيل من الأموال للمحبوسين على ذمة قضايا مالية وجنائية على خلفية اتهامات وجهت من قبل جهاز الكسب غير المشروع، فأصبح من عملاء السجن نزلاء يعدون الاغنى فى سجون العالم، منهم نجلا الرئيس المخلوع «علاء وجمال مبارك» وملياردير الحديد أحمد عز، وزكريا عزمى صاحب المليارات العشرة، وأحمد المغربى صاحب الرقم الأكبر حتى الآن 100 مليار جنيه، حسب الأرقام التى أعلنها مسئولون فى مكتب النائب العام وجهاز الكسب غير المشروع. «طوال الوقت نعمل على جذب أموال جديدة إلى الجهاز المصرفى، بجميع الإغراءات، ومع ذلك الأموال الموجودة خارج البنوك أكبر بكثير من الموجودة داخلها، فجميع ودائع الجهاز المصرفى تزيد على 900 مليار جنيه، لكن ما هو خارجه أكبر بكثير، لكن زيادة أرصدة نزلاء طرة، تعنى بالضرورة تناقصا من الأموال المتاحة للإيداع لدى المركزى والتى وصلت فى آخر يناير إلى 944 مليار جنيه»، تبعا لأحمد سليم، المدير بالبنك العربى الأفريقى الدولى. وقد زاد رصيد البنك الموازى فى طرة بعد أيام من خلع مبارك فى 11 فبراير الماضى، نحو 9 مليارات دولار دفعة واحدة، بعد دخول 4 من كبار رجال النظام السابق، وهم أحمد المغربى وزير الإسكان السابق، وزهير جرانة وزير السياحة، وحبيب العادلى وزير الداخلية، وأحمد عز رجل الأعمال وأمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى، الذين حلوا ضيوفا على السجن على ذمة قضايا يحقق فيها النائب العام حاليا. «حبس هؤلاء الأربعة بالإضافة إلى الدفعة الثانية، وأخرى مرشحة لانضمام إليهم، فى ظل البلاغات المستمرة، قد تجعل سجن طرة منافسا كبيرا للبنك المركزى، خاصة أن ودائع المصريين متوقع تراجعها على إثر الأحداث الأخيرة، فى حين تشير التوقعات إلى زيادة القيمة المجمعة لثروات نزلاء طرة مع تزايدهم المتوقع فى الفترة المقبلة»، تبعا لمصدر فى أحد البنوك التى يمتلك فيها البنك المركزى حصة كبرى. وحسب سليم، فالدفعة الثانية لنزلاء سجن طرة، والتى أراح دخولها كثير من المصريين، وانتهت بحبس علاء وجمال مثلت دفعة قوية لقوة المركز المالى لبنك طرة الافتراضى، «الشريف وسرور وعزمى وانس الفقى أصحاب مليارات كبيرة، كما قالت التحقيقات إذا أضيفت إلى أموال المحبوسين قبل ذلك بلا شك تغير مركزه المالى وتجعله منافسا قويا للمركزى بوسط البلد». وقد حل فى السابق عدد كبير من رجال الأعمال منهم حسام أبوالفتوح، كما حدثت إضافة كبرى لرصيد طرة عند حبس رجال الأعمال هشام طلعت مصطفى، المحبوس على ذمة قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم منذ 2008. ويعد حبيب العادلى وزير الداخلية السابق الذى يحاكم فى عدة جرائم كان أولها جريمة غسل أموال تقدر بنحو 5 ملايين جنيه كشفها بنك مصر، ثم انس الفقى وزير الإعلام الذى قال إنه يمتلك حسابا بنحو 2 مليون دولار فى سويسرا هم أقل عملاء بنك طرة ماليا. يذكر أن الاحتياط المصرى تكون عبر تراكم سنوى وصل 22 مليار دولار فى يونيو 2006 ولم يزد طوال ما يقرب من 5 سنوات، سوى 8 مليارات دولار، فى الوقت الذى أصبح فيه سجن المزرعة منافسا له فى عدة أشهر بفضل نزلاء الياقات البيضاء الذين نهبوا مدخرات مصر.