رئيس حماية المستهلك يلتقي وزير الطيران لبحث تعزيز ثقة السائحين الأجانب    التموين تسمح للمصطافين بصرف الخبز المدعم حتي هذا الموعد    ترامب: قد نتدخل لمساعدة إسرائيل للقضاء على البرنامج النووي الإيراني    من أجل سواد عيون الصهاينة…حكومة الانقلاب تعتدى على قافلة الصمود وترحل 200 مشارك وتتحفظ على جوازات سفر العشرات    إمام عاشور: داخل أعمل العملية.. والإحساس اللي جوايا مش سهل    محافظ الإسكندرية يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 85.5 %    المشدد 15 عاما لقاتل شيخ خفراء قرية بالشرقية    بعد أن زيف مشهدًا من الحرب.. ما هو «VEO» أداة جوجل الجديدة التي أربكت الجميع؟    "فات الميعاد" والسجن العاطفي.. العلاقات التوكسيك ليست حكرًا على الرجال.. ماما "عبلة" نموذجًا    برج العذراء.. حظك اليوم الأحد 15 يونيو 2025: عرض زواج    «قرية قرب الجنة» يحصد خمس جوائز في مهرجان الفيلم النمساوي بفيينا    السفير رخا أحمد حسن: اشتعال صراع إيران وإسرائيل يهدد أمن المنطقة بأكملها    رسميًا.. جاتوزو مدربًا للمنتخب الإيطالي    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    مانشستر يونايتد يواجه ضربة بسبب تفضيل جيوكرس لأرسنال    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    خالي قتل أمي بكوريك.. القصة الكاملة لجريمة بالغربية سببها علبة سجائر    تحريات لكشف تفاصيل اتهام موظف بسرقة أدوية فى الطالبية    السيسي يصدق على إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء الشهداء    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    تأجيل نهائي كأس أمير الكويت لأجل غير مسمى بسبب أحداث المنطقة    رئيس الوزراء العراقي: العدوان الإسرائيلي على إيران يمثل تهديدا للمنطقة    ما يقرب من 2 مليون.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    لطلبة الثانوية العامة.. تناول الأسماك على الغداء والبيض فى الفطار    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    مجلس النواب يُحيل 5 قوانين للبحث والتنقيب عن البترول للجان المختصة    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    ماشى بميزان فى سيارته.. محافظ الدقهلية يستوقف سيارة أنابيب للتأكد من الوزن    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    نظام غذائي متكامل لطلبة الثانوية العامة لتحسين التركيز.. فطار وغدا وعشاء    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد الثاني من بؤونة بكنيسة العذراء والشهيدة مارينا بالعلمين (صور)    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارىء مينا فرنسيس يكتب: ايها الاخوة المواطنون ... نحن نعيش ازهى عصور الثورة المضادة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 04 - 2011

فى البداية اود ان اشير الى اننى لست من مدمنى نظرية المؤامرة , ذلك المخدر الذى يتعاطاة البعض للهروب من الفشل فى مواجهة الحقيقة ولكن ذلك لا يمنع ان بعض القراءة و التحليل واسناد كل فعل الى فاعلة , هى امور ضرورية للوقوف على الاسباب الحقيقية وراء كل حادث . و من ثم المساعدة فى تحديد ما يلزم لتفادى حدوثة مستقبلا .
مما لا شك فية ان عبارة "الثورة المضادة" اصبحت مصطلحا مستهلاكا بعض الشىء , لكثرة ترددة على السنة الكثيرين ممن هم: اولا لا يفهمونة , ثانيا هم جزء اصيل منة . قام هؤلاء بافراغ المصطلح من معناة باطلاقة عبثا على كل ما هو فارغ و لا يمت او يمت لة بصلة . فاصبحت "الثورة المضادة" لدى الكثيرين امر شبية ب "نظرية المؤامرة " حتى اننى ترددت كثيرا قبل ان اكتب فى هذا الموضوع .
ذلك الحاجز النفسى الذى ينمو بداخلك ليجعلك تفكر قبل ان تنطق فى ان من سيسمعك ربما يعتقد فى قرارة نفسة انك "منهم" , و انة سيظل يهز فى راسة مبتسما -واخدك على قد عقلك- متسائلا فى سرة "هما الجماعة بتوع البالطو الابيض ابو زراير من ورا اتاخروا لية ع الجدع دة؟ " .
و ربما كان هذا هو المقصود ان يتحول ذلك العدو الحقيقى الى وهما يصعب امساكة , وان يتحول كل من يراة الى مريض بالبارانويا ,و بالتالى ننفض من حولة ونشطبة من قائمة الاعداء و يتحول اهتمامنا الى امور اخرى.
ولكن هذا لا ينفى ان الثورات علم , كالطب و الفلك و الفيزياء و الرياضيات . ولكل علم مفرداتة و ثوابتة . و عدم المعرفة بامر ما لاتنفى وجودة . فانت لا ترى المرض و هو يغزو جسدك ولكنك تشعر باعراضة , وعندها تحتاج الى متخصص ليقوم بالفحص و للتشخيص الذى هو اول طريقك الى العلاج . الا اذا كنت مصريا طبعا عندها بامكانك ان تعالج كل شيء بقرصين ريفو و لحسة ابو فاس.
من ثوابت علم "الثورات" ما يسمى "بالثورة المضادة" و هى حقيقة لا جدال فيها . فكما انة لا توجد نار بلا حرارة , ولا زلزال بلا توابع , كذلك لا توجد "ثورة" بلا "ثورة مضادة" , فالثورة هى فعل قوى فى اتجاة اقتلاع نظام غير مرغوب فية من قوى الثورة , و بناء نظام جديد يلائم تطلعات تلك القوى .يقابلة فى الاتجاة المعاكس قوى النطام الغير مرغوب فية و التى تحاول حماية نفسها كرد فعل طبيعى . مستخدمة فى ذلك كل نفوذها وسطوتها التى اكتسبتها فى و قت طويل , هيمنت فية على كل موارد القوة وصادرتها لنفسها , فى الوقت ذاتة التى صدرت فية كل مواطن الضعف الى كل ما هو خارج حدودها . لتخلق بذلك جبهة مقاومة ضعيفة , وبيئة ملائمة لاعمال قواها وقت اللزوم لخلق انواع متجددة من "الثورة المضادة" , التى قد ينموا بعضها فطريا دون الحاجة الى زراعة .
و للثورة المضادة اشكال عدة , فمنها "المنظمة" , و "العفويه" , "و الغير مقصودة" و "الثورة المضادة الداخلية" .
و لان الثورةالمصرية ثورة مباركة -و مبروكة - فقد بليت بالانواع الاربعة - على بق واحد - , وساسلط الضوء فى هذا المقال على النوع الاخير بعد شرح ما اعنية بكل من الانواع الاخرى وابرز ما عايشناة من مظاهرها.
اولا الثورة المضادة المنظمة : و هى ردة فعل القوى الاساسية للنظام الغير مرغوب فية تجاة محاولات اقتلاعة اولا ثم محاسبتة ثانيا وانتهاءا حتى باجهاض كل محاولات البناء التى تقوم بها قوى الثورة , و تتميز تحركات تلك القوى بانها منظمة و مدروسة . ويعتبر هذا النوع هو الابرز و الاكثر شيوعا فى تاريخ الثورات و هو و ان تفاوتت درجات الابداع و الاستحداث فية , يتبع فى الاغلب سيناريوهات مكررة , سبقتها الية كل الانظمة الدكتاتورية على مدى التاريخ . بدا من سيناريو الترويع و الانفلات الامنى , و اطلاق البطجية , و التجويع , و غسيل المخ عن طريق وسائل الاعلام , مرورا باحداث الفتن وشق صف الثورة , و تشوية صورة الثوار , اللجوء الى تقديم بعض القرابين , المماطلة و المراوغة لاكتساب الوقت فمن ناحية تقوم بتستيف اوراقها فتفلت من الحساب , و من ناحية اخرى تجهد الثورة عن طريق اطالة فترة عدم الاستقرار و تعطيل خطط البناء مما يخلق مناخا عاما غير مستقر قد ينقلب على الثورة ويحملها المسؤولية, بل ويدعوا الى استعادة النظام القديم .
و هذة القوى لا يمكن التغلب عليها الا بتجفيف منابعها , و بتر رؤوسها المدبرة . و الا ستتوحش اكثر فهى تتميز بالنفس الطويل و الحنكة السياسيةو الخبرة المحلية و الخطط البديلة للاستفادة من كل الاوضاع . فربما لا تكتفى تلك القوى بان تنجوا بنفسها بل تستمر فى محاولة تحقيق مكاسب ما . عن طريق مد حالة عدم الاستقرار و زرع الفتن. فمع غياب الامن و القانون تتحول البلاد الى ما يشبة طوائف مسلحة و ميليشيات ربما تخلق فية لنفسها سوقا لتجارة الاسلحة .و هناك شواهد تؤكد ان هذا السيناريو مطروح ظهور بعض التيارات المتشددة على السطح و التى كانت جزء من هذا النظام استخدمة كثيرا , وعودة البعض الاخر والذى اعلن صراحة انة لا يستبعد العنف عند "الضرورة" , فلول امن الدولة المنحل , عصبيات فى صعيد مصر , بدو فى سيناء .. لن اسهب كثيرا فى هذا السيناريو اذ لا املك علية ادلة ملموسة ,و لكن عواقبة المرعبة ان حدث تجعلنا نتوقف قليلا عند تلك الشواهد ولا نهملها و تحتم علينا الاسراع فى بتر رؤوس تلك القوى و هم ثلاثة نعرفهم , و اثنان لا ننتبة لهم , و واحد نتجاهلة وربما تقتضى الظروف ان نستمر فى تجاهلة عن طيب خاطر .
ثانيا الثورة المضادة الغير منظمة : من الطبيعى لنظام استمر اكثر من ثلاثون عاما ان يخلق حولة طبقة من صغار المنتفعين , ممن استفادو بشكل او باخر من النظام , مثل صغار الموظفين الفاسدين , و اعضاء المحليات , و بعض ضباط الشرطة , بعض نجوم المجتمع , وطبقة اجتماعية معينة كانت تحصل على امتيازات ما .. هؤلاء يشكلون رأيا عاما مضادا للثورة وتتميز تحركاتهم بانها محدودة وغير مترابطة ولكنها واسعة الانتشار.
ثالثا الثورة المضادة العفوية : وهى وليدة تلك البيئة الضعيفة التى انتجها النظام لسنوات طوال . و تتمثل فى ردود فعل على الاغلب غير واعية وعاطفية ,ولكنها ليست شريرة بطبيعتها . بل تسعى تحت وطاءة الاحتياج او عدم الوعى -الذى لا يعيبها كجريمة ارتكبت فى حقها اولا ,كالاغتصاب الذى لا يعيب من اغتصبت - الى ما تعتقدة المصلحة العامة .تمثل هذا فى من تعاطفوا مع الرئيس السابق و نزلو مطالبين بالاستقرار او حتى تعاطفوا مع شفيق وطالبوة بترشيح نفسة للرئاسة !! ء
رابعا الثورة المضادة الداخلية : و هى التى تنتج عن تفكك القوى الوطنية للثورة . وتحدث عندما تتخلى بعض تلك القوى عن المشروع الوطنى للثورة لتتبنى مشروعا سياسيا خاصا . وهذا اخطر ما يكون على الثورة, اذ انة يضرب الثورة فى صميم قوتها و حجر الزاوية فى طريق نجاحها , و الذى هو الاتحاد على مشروع وطنى حقيقى تلتف حولة الجماهير فى مرحلة البناء . انشغال تلك القوى بمعارك سياسية مبكرة يضعف جبهة الثورة , و يجعلها هدفا سهلا لكل مخططات الثورة المضادة .
فالثورة الكاملة لابد وان تمر بثلاثة اطوار , تتبادل فيها النخبة السياسية و القاعدة الجماهيرية الادوار على النحو التالى .
طور الحشد : و الذى تتصدرة القوى السياسية كلها او بعضها ,وتعتبر تلك هى شرارة البدا للجماهير المشحونة اساسا من ممارسات الانظمة
طور الهدم: تتسلم فية الجماهير مقعد القيادة , فهى التى تخرج و تواجة و تصمد وتطالب و تحدد ما الذى تريدة وتملى ارادتها الثورية على الجميع بمن فيهم القوى السياسية
طور البناء : تتراجع الجماهير الى المقعد الخلفى وتسلم الراية الى النخبة التى تلتزم بمشروع وطنى يشترط فية ان يحصل على توافق الجماهير و يعبر عن طموحاتها الثورية و يتناسب مع ما قدمتة من تضحيات , و يكون دور تلك النخبة هو ادارة ذلك المشروع لا امتلاكة دون الخروج عن الارادة الشعبية التى تملك الشرعية , حتى تظل داعمة ومساندة .
للاسف لم تكتمل اطوار الثورة المصرية , التى تعانى الان من ذلك النوع من الثورات المضادة . والذى اصابها فى طورها الثالث , و هو و ان كان قد حدث بالفعل فى الطورين الاولين لم يكن مؤثرا . فكثير من تلك القوى لم تشترك فى الحشد و لم يكن هذا مؤثرا , فالشرارة التى انطلقت كانت كافية لتشعل النيران الكامنة اصلا فى الصدور . و الكثير ايضا ذهب ليراوغ و يفاوض و يناور سواء كان ذلك سرا او علنا خلال طور الهدم. و لم يكن ذلك مؤثرا حيث كانت للجماهير اليد العليا حين اجبرت هؤلاء فى العودة الى الميدان بعد ان فشلوا بجدارة فى اقناع الناس بالعودة الى الخلف و انكشف الحجم الطبيعى لهم فى الشارع.
وحينما جاء الوقت لتلك القوى لتلعب دورها الوطنى فى البناء -مع الوضع فى الاعتبار ان طور الهدم و التطهير لم ينتهى بعد -قامت نفس تلك التيارات التى لم تشارك فى الحشد , و انضمت لاحقا ثم ذهبت للتفاوض مع عمر سليمان . نفس تلك التيارات هى من تخلت عن المشروع الوطنى للثورة و تبنت مشروعا سياسيا خاصا.
اخرج الاخوان راسهم خارج خندق الثورة ليبحثوا عن الطريق الى التمكين . ليس لى ان افحص ما فى الصدور , ولا اتهمهم بالخيانة فهم يعتقدون من وجهة نظرهم ان فى هذا مصلحة وطنية بالتاكيد . كما تعتقد باقى قوى الثورة ان ما تسعى الية هو ايضا مصلحة الوطن .و الفارق هنا ان الرؤية الثانية توافقية كما كانت الثورة لا تعود بمصلحة مباشرة على اصحابها . اما الاولى فهى رؤية فردية تشبة ما كان يفعلة النظام السابق , فهو يرى انة الافضل و الامن على هذا الوطن وان رؤيتة هى الوحيدة و السليمة لذا يبرر لنفسة اية اساليب لتحقيق ما يراة هو فى مصلحتة مما قد يصب فى مصلحة الوطن لاحقا من وجهة نظرة, و هذا بافتراض حسن النوايا.
بات واضحا ان جماعة الاخوان -والتى لا انكر مشاركتها بقوة فى الطور الثانى من الثورة-تلك المشاركة التى لا تمنحها هى او غيرها الحق فى الانقضاض على الثورة- بات من الواضح انها على استعداد ان تفعل اى شىء للسيطرة على المرحلة الانتقالية و التى هى اهم من الوصول الى الحكم ذاتة. تلك المرحلة التى سترسم ملامح ما هو ات . و فى ظل وجود دعم غير مفهوم و غير ميرر من المجلس العسكرى , انتقلت الجماعة من مقعد المعارضة الى مقعد الحزب الحاكم , و اخذت تروج وتبارك كل ما يفعلة المجلس , و الذى يصب فى مصلحتها فقط . رغم اعتراض قوى الائتلاف الاخرى جميعا . لنصبح امام مشهد مماثل لما كان يحدث منذ اشهر قليلة قوى حاكمة تنفرد بصنع القرار كما يحلو لها , و قوى مستفيدة تهلل ,و قوى معارضة تخبط رؤوسها ف الحيط , وشارع لا يدرى ما يحدث من حولة ولا يحصد سوى المعاناة !
كان مشهد الابن المدلل الجديد كافيا لكى يسيل لعاب بعض الاحزاب الورقية و التيارات السياسية الاخرى التى لا تملك اى ثقل جماهيرى او تنظمى حقيقى على جزء من الكعكة , فهرعت الى الجماعة "المحظوظة" بصفتها الوريث الجديد .منها من امسك العصا من الوسط كعادة السيد البدوى , و منها من وضع كل ما يملك تحت امرة الاخوان .ك تيارات الاسلام السياسى الاخرى و بعض اليسارين
وبدا ان قواعد اللعبة تغيرت و ان الكل لدية ما يبيعة , فالاخوان يروجون لانفسهم باستخدام الدين سواء ان كان ذلك مباشرة او عن طريق الجماعات السلفية و التيارات الاسلامية الاخرى التى لا تستحى فى ان تعلنها صراحة , على عكس الاخوان الذين بحكم التمرس السياسى يوصلون نفس الرسالة بوسائل غير مباشرة حتى لا تمسك عليهم .وان مسكت فالانكار جاهز
و اليسارين ايضا ,الذين ادركوا بعد الاستفتاء ان القوى التصويتية تكمن فى الاحياء الفقيرة و الاقاليم , ذهبوا الى الحديث المفرط عن مدى انحيازهم الى الفقراء , وكيف انهم مساندين دائما للطبقات الكادحة , و مدى اعتزازهم بالفلاح و العامل معتبرين ان من يتحدث عن حقيقة نسبة الامية فى مصر هو شخص متعال وراس مالى متعفن الى اخر تلك الشعارات التى انقرضت منذ عقود
وانا اتسال هنا من اذن الذى يستخف بعقول الناس .. الذى يشير الى المشكلة و يريد اصلاحها , ام من يتاجر باحتياجات الشعب ويدغدغ عواطفة ؟
ولم يكتفى هؤلاء ببيع ما لديهم . بل اتجهوا ايضا الى الهجوم الضارى على القوى الوطنية الاخرى و التى يغلب عليها الفكر الليبرالى حتى المحافظ و الاشتراكى و الغير مسيس منها ., بدءا من الاتهام بالكفر و الانحلال و الادينية , الى الاتهام بالتعالى و الراسمالية و الفساد و مص دماء الشعوب.على الرغم من ان تلك القوى لم تمارس اى من تلك الافعال , فهى لم تكن يوما حاكمة او صاحبة قرار بل وبعضها غير مسيس ايضا , ولكن الهجوم جاء باعتبار ما سيكون و على سبيل الاحتياط.
مستغلين فى ذللك ان 80% من الشعب المصرى لا يعرف ماذا تعنى كلمة ليبرالية . فالمصطلح الغربى قد يخيف البعض ويسهل على البعض الاخر تفسيرة كما يشاء . فالمواطن المصرى العادى لا يعلم ان شعار عيش حرية كرامة انسانية هو افضل تلخيص لمعنى ليبرالية !
وان كان ذلك الهجوم على الليبرالية مقبولا من قبل بعض الجهلة من الدعاة المتشددين , فهو ليس مقبولا ممن يفترض فيهم انهم على قدر كبير و كاف من الوعى من اليسارين . فالاول يسب عن جهل ام الثانى فعن افتراء .
قد يدفع هذا القوى الليبرالية الى التخلى عن مبداها الايديولوجى الرئيسى ,و الذى يلتزم باستماتة الدفاع عن حقوق الغير فى الاختلاف عنها , و ربما تتوقف عن مسلسل الدعاية المجانية التى قامت بة لصالح التيارات الاخرى خلال الثورة , من تاكيد على حقوق الاخوان فى المشاركة و ضرورة قبولهم مجتمعيا بشرط الالتزام بقواعد اللعبة الديموقراطية و احترام حقوق الاقليات . وربما تدخل قربيا الى تلك الحلبة لترفع نفس الاسلحة الهجومية فى اوجة معارضيها . فلكل منهم بطحتة الخاصة التى يعرفها جيدا , وربما يتحسسها فى تلك اللحظات.
وعندما يحدث هذا لا يجب القاء التهمة كاملة على "المؤامرة"و ان وجدت , ولكن فليتحمل كل فصيل مسؤولياتة , فلو لم نكن متعصبين بالاساس لما نجحت معنا محاولات زرع الفتنة , و ان لم نكن ذاتيين لما نجحت مخططات تفريقنا , وان لم يكتفى البعض بالجلوس على الكنبة ليشاهد الثورة عبر التلفاز , لما نزل بعضنا بالجلاليب الى ارض استاد القاهرة ..
لقد اثبت هؤلاء -المتحالفين الجدد - انهم لم يكونوا افضل من نظام مبارك فى شىء , كل شيء مباح لفرض السيطرة حتى التشوية المتعمد , مثلما فعل بهم مبارك هكذا فعلوا بغيرهم , ربما هى ثقافة الاقصاء التى تربو عليها . رغم ان الاختلاف و التنوع جيد و مثرى و يساعد على التوازن .فوجود الليبرالى يضمن الحريات و التنمية الاقتصادية و المحافظ يضمن عدم الانفلات المجتمعى و حفظ الهوية الثقافية والاشتراكى يناضل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية ,فالجميع يتكامل من اجل احداث التوازن المطلوب ف المجتمع وبدون الاخر يسير اى منهج الى التطرف و من ثم الهلاك .
و لذا اتسأل :
الا تشعرون بالخزى مما تفعلون؟
هل كان هذا هو الوقت المناسب؟
لماذا تعجلتم مرحلة الصراع السياسى؟
فى مصلحة من يصب هذا التناحر و الاجهاد لقوى الثورة؟
الا تعلمون انكم الان, و على طريقة المكافحة البيولوجية, صرتم او صيرتم جزءا من الثورة المضادة؟
الم يكن مشروع وطني ليبرالي اشتراكي محافظ ممكنا؟
هل فات الاوان لتحقيقة؟
لا اريد اجابة احتفظوا بها فى صدوركم .. ولكنى ساظل أمل انها ستعود بكم مجددا .. الى التحرير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.