لا مكان لهؤلاء القتلة، وزير الصحة السوداني: رسالة البرهان هي صوت الشارع بشكل عام    اتحاد الكرة يعدل موعد ودية منتخبي مصر والجزائر الثانية    مصرع 3 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    "دولة التلاوة".. مصطفى حسني للمتسابق محمد سامي: شعرت في قراءتك بالفخامة    الطفل آدم مهنى: عندى 11 سنة ومبسوط إني جزء من أوبريت يالا بينا    مصطفى حسني للمتسابق محمد سامي: شعرت في قراءتك بالفخامة    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    آخر تطورات الحالة الصحية لطبيب قنا المصاب بطلق ناري طائش    جمارك مطار القاهرة تتصدى لهجمات مهربي المخدرات بضبط 20 كيلو مجددًا    قناة الزمالك تنعي وفاة محمد صبري    انتخابات إلكترونية لنادي هليوبوليس في حضور وزير الرياضة    نقيب الفلاحين: اللحوم في أرخص أيامها الفترة دي    الحكومة تعتزم إنشاء مركز تعليم الحرف اليدوية بمدرب اللبانة.. صور    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    من بينها الأهلي والزمالك.. تعديل مواعيد 3 مباريات في الدوري    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    لاعب وادى دجلة يوسف ابراهيم يتأهل إلى الدور نصف النهائي لبطولة الصين المفتوحة 2025    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    تعديل تاريخى فى مواعيد انطلاق الدوري الأمريكي 2027    للمصريين والأجانب.. تعرف على أسعار تذاكر زيارة المتحف المصري الكبير    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    سعر اللحوم مساء الجمعة 14 نوفمبر 2025    الأمطار الغزيرة تفاقم معاناة سكان في قطاع غزة    السنيورة: حزب الله فرض سلطته على لبنان وحوّل مرجعيته إلى طهران    إجراء جراحة دقيقة ومعقدة لإصلاح تمدد ضخم بالشريان الأورطي البطني بكفر الشيخ    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الأهلي يعلن مواصلة تريزيجيه والشحات برنامج العلاج الطبيعي    الأمم المتحدة: عشرات الآلاف من نازحى الفاشر فى عداد المفقودين    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    الطيران المدني توضح حقيقية إنشاء شركة طيران منخفض التكاليف    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    الزراعة": توزيع 75 سطارة مطورة لرفع كفاءة زراعة القمح على مصاطب ودعم الممارسات الحديثة المرشدة للمياه في المحافظات    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات واشتراطات الاستفادة من البرنامج    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات صدارة بطولة العالم للرماية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره في تركمانستان العلاقات الثنائية بين البلدين    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يبحثون مقترحًا لتدريب 3 آلاف ضابط شرطة من غزة    الخريطة الكاملة لمناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى الجيزة    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    ضبط 140809 مخالفات مرورية خلال 24 ساعة    الأهلي يصل صالة خليفة بن زايد لمواجهة سموحة فى نهائي سوبر اليد.. صور    وزير الخارجية: صلابة الدولة ورؤية القيادة ووعى الشعب أسهم فى استقرار الوطن    إعلام إسرائيلي: الأجهزة الأمنية تفاجأت بموافقة نتنياهو على إعمار مدن بغزة    رئيس كوريا الجنوبية يعلن زيارته لمصر والإمارات الأسبوع المقبل    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    جبران: تعزيز العمل اللائق أولوية وطنية لتحقيق التنمية الشاملة    انطلاق قافلة دعوية للأزهر والأوقاف والإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    غلق مخزن أغذية فى أسوان يحوي حشرات وزيوت منتهية الصلاحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارىء مينا فرنسيس يكتب: ايها الاخوة المواطنون ... نحن نعيش ازهى عصور الثورة المضادة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 04 - 2011

فى البداية اود ان اشير الى اننى لست من مدمنى نظرية المؤامرة , ذلك المخدر الذى يتعاطاة البعض للهروب من الفشل فى مواجهة الحقيقة ولكن ذلك لا يمنع ان بعض القراءة و التحليل واسناد كل فعل الى فاعلة , هى امور ضرورية للوقوف على الاسباب الحقيقية وراء كل حادث . و من ثم المساعدة فى تحديد ما يلزم لتفادى حدوثة مستقبلا .
مما لا شك فية ان عبارة "الثورة المضادة" اصبحت مصطلحا مستهلاكا بعض الشىء , لكثرة ترددة على السنة الكثيرين ممن هم: اولا لا يفهمونة , ثانيا هم جزء اصيل منة . قام هؤلاء بافراغ المصطلح من معناة باطلاقة عبثا على كل ما هو فارغ و لا يمت او يمت لة بصلة . فاصبحت "الثورة المضادة" لدى الكثيرين امر شبية ب "نظرية المؤامرة " حتى اننى ترددت كثيرا قبل ان اكتب فى هذا الموضوع .
ذلك الحاجز النفسى الذى ينمو بداخلك ليجعلك تفكر قبل ان تنطق فى ان من سيسمعك ربما يعتقد فى قرارة نفسة انك "منهم" , و انة سيظل يهز فى راسة مبتسما -واخدك على قد عقلك- متسائلا فى سرة "هما الجماعة بتوع البالطو الابيض ابو زراير من ورا اتاخروا لية ع الجدع دة؟ " .
و ربما كان هذا هو المقصود ان يتحول ذلك العدو الحقيقى الى وهما يصعب امساكة , وان يتحول كل من يراة الى مريض بالبارانويا ,و بالتالى ننفض من حولة ونشطبة من قائمة الاعداء و يتحول اهتمامنا الى امور اخرى.
ولكن هذا لا ينفى ان الثورات علم , كالطب و الفلك و الفيزياء و الرياضيات . ولكل علم مفرداتة و ثوابتة . و عدم المعرفة بامر ما لاتنفى وجودة . فانت لا ترى المرض و هو يغزو جسدك ولكنك تشعر باعراضة , وعندها تحتاج الى متخصص ليقوم بالفحص و للتشخيص الذى هو اول طريقك الى العلاج . الا اذا كنت مصريا طبعا عندها بامكانك ان تعالج كل شيء بقرصين ريفو و لحسة ابو فاس.
من ثوابت علم "الثورات" ما يسمى "بالثورة المضادة" و هى حقيقة لا جدال فيها . فكما انة لا توجد نار بلا حرارة , ولا زلزال بلا توابع , كذلك لا توجد "ثورة" بلا "ثورة مضادة" , فالثورة هى فعل قوى فى اتجاة اقتلاع نظام غير مرغوب فية من قوى الثورة , و بناء نظام جديد يلائم تطلعات تلك القوى .يقابلة فى الاتجاة المعاكس قوى النطام الغير مرغوب فية و التى تحاول حماية نفسها كرد فعل طبيعى . مستخدمة فى ذلك كل نفوذها وسطوتها التى اكتسبتها فى و قت طويل , هيمنت فية على كل موارد القوة وصادرتها لنفسها , فى الوقت ذاتة التى صدرت فية كل مواطن الضعف الى كل ما هو خارج حدودها . لتخلق بذلك جبهة مقاومة ضعيفة , وبيئة ملائمة لاعمال قواها وقت اللزوم لخلق انواع متجددة من "الثورة المضادة" , التى قد ينموا بعضها فطريا دون الحاجة الى زراعة .
و للثورة المضادة اشكال عدة , فمنها "المنظمة" , و "العفويه" , "و الغير مقصودة" و "الثورة المضادة الداخلية" .
و لان الثورةالمصرية ثورة مباركة -و مبروكة - فقد بليت بالانواع الاربعة - على بق واحد - , وساسلط الضوء فى هذا المقال على النوع الاخير بعد شرح ما اعنية بكل من الانواع الاخرى وابرز ما عايشناة من مظاهرها.
اولا الثورة المضادة المنظمة : و هى ردة فعل القوى الاساسية للنظام الغير مرغوب فية تجاة محاولات اقتلاعة اولا ثم محاسبتة ثانيا وانتهاءا حتى باجهاض كل محاولات البناء التى تقوم بها قوى الثورة , و تتميز تحركات تلك القوى بانها منظمة و مدروسة . ويعتبر هذا النوع هو الابرز و الاكثر شيوعا فى تاريخ الثورات و هو و ان تفاوتت درجات الابداع و الاستحداث فية , يتبع فى الاغلب سيناريوهات مكررة , سبقتها الية كل الانظمة الدكتاتورية على مدى التاريخ . بدا من سيناريو الترويع و الانفلات الامنى , و اطلاق البطجية , و التجويع , و غسيل المخ عن طريق وسائل الاعلام , مرورا باحداث الفتن وشق صف الثورة , و تشوية صورة الثوار , اللجوء الى تقديم بعض القرابين , المماطلة و المراوغة لاكتساب الوقت فمن ناحية تقوم بتستيف اوراقها فتفلت من الحساب , و من ناحية اخرى تجهد الثورة عن طريق اطالة فترة عدم الاستقرار و تعطيل خطط البناء مما يخلق مناخا عاما غير مستقر قد ينقلب على الثورة ويحملها المسؤولية, بل ويدعوا الى استعادة النظام القديم .
و هذة القوى لا يمكن التغلب عليها الا بتجفيف منابعها , و بتر رؤوسها المدبرة . و الا ستتوحش اكثر فهى تتميز بالنفس الطويل و الحنكة السياسيةو الخبرة المحلية و الخطط البديلة للاستفادة من كل الاوضاع . فربما لا تكتفى تلك القوى بان تنجوا بنفسها بل تستمر فى محاولة تحقيق مكاسب ما . عن طريق مد حالة عدم الاستقرار و زرع الفتن. فمع غياب الامن و القانون تتحول البلاد الى ما يشبة طوائف مسلحة و ميليشيات ربما تخلق فية لنفسها سوقا لتجارة الاسلحة .و هناك شواهد تؤكد ان هذا السيناريو مطروح ظهور بعض التيارات المتشددة على السطح و التى كانت جزء من هذا النظام استخدمة كثيرا , وعودة البعض الاخر والذى اعلن صراحة انة لا يستبعد العنف عند "الضرورة" , فلول امن الدولة المنحل , عصبيات فى صعيد مصر , بدو فى سيناء .. لن اسهب كثيرا فى هذا السيناريو اذ لا املك علية ادلة ملموسة ,و لكن عواقبة المرعبة ان حدث تجعلنا نتوقف قليلا عند تلك الشواهد ولا نهملها و تحتم علينا الاسراع فى بتر رؤوس تلك القوى و هم ثلاثة نعرفهم , و اثنان لا ننتبة لهم , و واحد نتجاهلة وربما تقتضى الظروف ان نستمر فى تجاهلة عن طيب خاطر .
ثانيا الثورة المضادة الغير منظمة : من الطبيعى لنظام استمر اكثر من ثلاثون عاما ان يخلق حولة طبقة من صغار المنتفعين , ممن استفادو بشكل او باخر من النظام , مثل صغار الموظفين الفاسدين , و اعضاء المحليات , و بعض ضباط الشرطة , بعض نجوم المجتمع , وطبقة اجتماعية معينة كانت تحصل على امتيازات ما .. هؤلاء يشكلون رأيا عاما مضادا للثورة وتتميز تحركاتهم بانها محدودة وغير مترابطة ولكنها واسعة الانتشار.
ثالثا الثورة المضادة العفوية : وهى وليدة تلك البيئة الضعيفة التى انتجها النظام لسنوات طوال . و تتمثل فى ردود فعل على الاغلب غير واعية وعاطفية ,ولكنها ليست شريرة بطبيعتها . بل تسعى تحت وطاءة الاحتياج او عدم الوعى -الذى لا يعيبها كجريمة ارتكبت فى حقها اولا ,كالاغتصاب الذى لا يعيب من اغتصبت - الى ما تعتقدة المصلحة العامة .تمثل هذا فى من تعاطفوا مع الرئيس السابق و نزلو مطالبين بالاستقرار او حتى تعاطفوا مع شفيق وطالبوة بترشيح نفسة للرئاسة !! ء
رابعا الثورة المضادة الداخلية : و هى التى تنتج عن تفكك القوى الوطنية للثورة . وتحدث عندما تتخلى بعض تلك القوى عن المشروع الوطنى للثورة لتتبنى مشروعا سياسيا خاصا . وهذا اخطر ما يكون على الثورة, اذ انة يضرب الثورة فى صميم قوتها و حجر الزاوية فى طريق نجاحها , و الذى هو الاتحاد على مشروع وطنى حقيقى تلتف حولة الجماهير فى مرحلة البناء . انشغال تلك القوى بمعارك سياسية مبكرة يضعف جبهة الثورة , و يجعلها هدفا سهلا لكل مخططات الثورة المضادة .
فالثورة الكاملة لابد وان تمر بثلاثة اطوار , تتبادل فيها النخبة السياسية و القاعدة الجماهيرية الادوار على النحو التالى .
طور الحشد : و الذى تتصدرة القوى السياسية كلها او بعضها ,وتعتبر تلك هى شرارة البدا للجماهير المشحونة اساسا من ممارسات الانظمة
طور الهدم: تتسلم فية الجماهير مقعد القيادة , فهى التى تخرج و تواجة و تصمد وتطالب و تحدد ما الذى تريدة وتملى ارادتها الثورية على الجميع بمن فيهم القوى السياسية
طور البناء : تتراجع الجماهير الى المقعد الخلفى وتسلم الراية الى النخبة التى تلتزم بمشروع وطنى يشترط فية ان يحصل على توافق الجماهير و يعبر عن طموحاتها الثورية و يتناسب مع ما قدمتة من تضحيات , و يكون دور تلك النخبة هو ادارة ذلك المشروع لا امتلاكة دون الخروج عن الارادة الشعبية التى تملك الشرعية , حتى تظل داعمة ومساندة .
للاسف لم تكتمل اطوار الثورة المصرية , التى تعانى الان من ذلك النوع من الثورات المضادة . والذى اصابها فى طورها الثالث , و هو و ان كان قد حدث بالفعل فى الطورين الاولين لم يكن مؤثرا . فكثير من تلك القوى لم تشترك فى الحشد و لم يكن هذا مؤثرا , فالشرارة التى انطلقت كانت كافية لتشعل النيران الكامنة اصلا فى الصدور . و الكثير ايضا ذهب ليراوغ و يفاوض و يناور سواء كان ذلك سرا او علنا خلال طور الهدم. و لم يكن ذلك مؤثرا حيث كانت للجماهير اليد العليا حين اجبرت هؤلاء فى العودة الى الميدان بعد ان فشلوا بجدارة فى اقناع الناس بالعودة الى الخلف و انكشف الحجم الطبيعى لهم فى الشارع.
وحينما جاء الوقت لتلك القوى لتلعب دورها الوطنى فى البناء -مع الوضع فى الاعتبار ان طور الهدم و التطهير لم ينتهى بعد -قامت نفس تلك التيارات التى لم تشارك فى الحشد , و انضمت لاحقا ثم ذهبت للتفاوض مع عمر سليمان . نفس تلك التيارات هى من تخلت عن المشروع الوطنى للثورة و تبنت مشروعا سياسيا خاصا.
اخرج الاخوان راسهم خارج خندق الثورة ليبحثوا عن الطريق الى التمكين . ليس لى ان افحص ما فى الصدور , ولا اتهمهم بالخيانة فهم يعتقدون من وجهة نظرهم ان فى هذا مصلحة وطنية بالتاكيد . كما تعتقد باقى قوى الثورة ان ما تسعى الية هو ايضا مصلحة الوطن .و الفارق هنا ان الرؤية الثانية توافقية كما كانت الثورة لا تعود بمصلحة مباشرة على اصحابها . اما الاولى فهى رؤية فردية تشبة ما كان يفعلة النظام السابق , فهو يرى انة الافضل و الامن على هذا الوطن وان رؤيتة هى الوحيدة و السليمة لذا يبرر لنفسة اية اساليب لتحقيق ما يراة هو فى مصلحتة مما قد يصب فى مصلحة الوطن لاحقا من وجهة نظرة, و هذا بافتراض حسن النوايا.
بات واضحا ان جماعة الاخوان -والتى لا انكر مشاركتها بقوة فى الطور الثانى من الثورة-تلك المشاركة التى لا تمنحها هى او غيرها الحق فى الانقضاض على الثورة- بات من الواضح انها على استعداد ان تفعل اى شىء للسيطرة على المرحلة الانتقالية و التى هى اهم من الوصول الى الحكم ذاتة. تلك المرحلة التى سترسم ملامح ما هو ات . و فى ظل وجود دعم غير مفهوم و غير ميرر من المجلس العسكرى , انتقلت الجماعة من مقعد المعارضة الى مقعد الحزب الحاكم , و اخذت تروج وتبارك كل ما يفعلة المجلس , و الذى يصب فى مصلحتها فقط . رغم اعتراض قوى الائتلاف الاخرى جميعا . لنصبح امام مشهد مماثل لما كان يحدث منذ اشهر قليلة قوى حاكمة تنفرد بصنع القرار كما يحلو لها , و قوى مستفيدة تهلل ,و قوى معارضة تخبط رؤوسها ف الحيط , وشارع لا يدرى ما يحدث من حولة ولا يحصد سوى المعاناة !
كان مشهد الابن المدلل الجديد كافيا لكى يسيل لعاب بعض الاحزاب الورقية و التيارات السياسية الاخرى التى لا تملك اى ثقل جماهيرى او تنظمى حقيقى على جزء من الكعكة , فهرعت الى الجماعة "المحظوظة" بصفتها الوريث الجديد .منها من امسك العصا من الوسط كعادة السيد البدوى , و منها من وضع كل ما يملك تحت امرة الاخوان .ك تيارات الاسلام السياسى الاخرى و بعض اليسارين
وبدا ان قواعد اللعبة تغيرت و ان الكل لدية ما يبيعة , فالاخوان يروجون لانفسهم باستخدام الدين سواء ان كان ذلك مباشرة او عن طريق الجماعات السلفية و التيارات الاسلامية الاخرى التى لا تستحى فى ان تعلنها صراحة , على عكس الاخوان الذين بحكم التمرس السياسى يوصلون نفس الرسالة بوسائل غير مباشرة حتى لا تمسك عليهم .وان مسكت فالانكار جاهز
و اليسارين ايضا ,الذين ادركوا بعد الاستفتاء ان القوى التصويتية تكمن فى الاحياء الفقيرة و الاقاليم , ذهبوا الى الحديث المفرط عن مدى انحيازهم الى الفقراء , وكيف انهم مساندين دائما للطبقات الكادحة , و مدى اعتزازهم بالفلاح و العامل معتبرين ان من يتحدث عن حقيقة نسبة الامية فى مصر هو شخص متعال وراس مالى متعفن الى اخر تلك الشعارات التى انقرضت منذ عقود
وانا اتسال هنا من اذن الذى يستخف بعقول الناس .. الذى يشير الى المشكلة و يريد اصلاحها , ام من يتاجر باحتياجات الشعب ويدغدغ عواطفة ؟
ولم يكتفى هؤلاء ببيع ما لديهم . بل اتجهوا ايضا الى الهجوم الضارى على القوى الوطنية الاخرى و التى يغلب عليها الفكر الليبرالى حتى المحافظ و الاشتراكى و الغير مسيس منها ., بدءا من الاتهام بالكفر و الانحلال و الادينية , الى الاتهام بالتعالى و الراسمالية و الفساد و مص دماء الشعوب.على الرغم من ان تلك القوى لم تمارس اى من تلك الافعال , فهى لم تكن يوما حاكمة او صاحبة قرار بل وبعضها غير مسيس ايضا , ولكن الهجوم جاء باعتبار ما سيكون و على سبيل الاحتياط.
مستغلين فى ذللك ان 80% من الشعب المصرى لا يعرف ماذا تعنى كلمة ليبرالية . فالمصطلح الغربى قد يخيف البعض ويسهل على البعض الاخر تفسيرة كما يشاء . فالمواطن المصرى العادى لا يعلم ان شعار عيش حرية كرامة انسانية هو افضل تلخيص لمعنى ليبرالية !
وان كان ذلك الهجوم على الليبرالية مقبولا من قبل بعض الجهلة من الدعاة المتشددين , فهو ليس مقبولا ممن يفترض فيهم انهم على قدر كبير و كاف من الوعى من اليسارين . فالاول يسب عن جهل ام الثانى فعن افتراء .
قد يدفع هذا القوى الليبرالية الى التخلى عن مبداها الايديولوجى الرئيسى ,و الذى يلتزم باستماتة الدفاع عن حقوق الغير فى الاختلاف عنها , و ربما تتوقف عن مسلسل الدعاية المجانية التى قامت بة لصالح التيارات الاخرى خلال الثورة , من تاكيد على حقوق الاخوان فى المشاركة و ضرورة قبولهم مجتمعيا بشرط الالتزام بقواعد اللعبة الديموقراطية و احترام حقوق الاقليات . وربما تدخل قربيا الى تلك الحلبة لترفع نفس الاسلحة الهجومية فى اوجة معارضيها . فلكل منهم بطحتة الخاصة التى يعرفها جيدا , وربما يتحسسها فى تلك اللحظات.
وعندما يحدث هذا لا يجب القاء التهمة كاملة على "المؤامرة"و ان وجدت , ولكن فليتحمل كل فصيل مسؤولياتة , فلو لم نكن متعصبين بالاساس لما نجحت معنا محاولات زرع الفتنة , و ان لم نكن ذاتيين لما نجحت مخططات تفريقنا , وان لم يكتفى البعض بالجلوس على الكنبة ليشاهد الثورة عبر التلفاز , لما نزل بعضنا بالجلاليب الى ارض استاد القاهرة ..
لقد اثبت هؤلاء -المتحالفين الجدد - انهم لم يكونوا افضل من نظام مبارك فى شىء , كل شيء مباح لفرض السيطرة حتى التشوية المتعمد , مثلما فعل بهم مبارك هكذا فعلوا بغيرهم , ربما هى ثقافة الاقصاء التى تربو عليها . رغم ان الاختلاف و التنوع جيد و مثرى و يساعد على التوازن .فوجود الليبرالى يضمن الحريات و التنمية الاقتصادية و المحافظ يضمن عدم الانفلات المجتمعى و حفظ الهوية الثقافية والاشتراكى يناضل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية ,فالجميع يتكامل من اجل احداث التوازن المطلوب ف المجتمع وبدون الاخر يسير اى منهج الى التطرف و من ثم الهلاك .
و لذا اتسأل :
الا تشعرون بالخزى مما تفعلون؟
هل كان هذا هو الوقت المناسب؟
لماذا تعجلتم مرحلة الصراع السياسى؟
فى مصلحة من يصب هذا التناحر و الاجهاد لقوى الثورة؟
الا تعلمون انكم الان, و على طريقة المكافحة البيولوجية, صرتم او صيرتم جزءا من الثورة المضادة؟
الم يكن مشروع وطني ليبرالي اشتراكي محافظ ممكنا؟
هل فات الاوان لتحقيقة؟
لا اريد اجابة احتفظوا بها فى صدوركم .. ولكنى ساظل أمل انها ستعود بكم مجددا .. الى التحرير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.