الناس لا تستطيع أن تصدق أن ما تراه أمامها ليس أضغاث أحلام، أو مقاطع أفلام، أو أشياء من قبيل الأوهام. الرئيس السابق وولداه ورجالهم ومعاونوهم ومحاسيبهم محبوسون الآن، وفقا لتأكيدات كل الجهات المعنية، غير أن الجماهير لا تريد أن تصدق، ولا تستطيع أن تستوعب أن ما يجرى واقع مادى محسوس وليس فنتازيا أو خيالا علميا، ولذا فالجميع متعطشون للقطة واحدة مصورة تؤكد لهم أنهم أيقاظ ولا يحلمون. لقد صار الرقم (15) عنوانا للمرحلة، فمعظم رموز النظام السابق حصلوا على قرارات حبس احتياطى 15 يوما يتم تجديدها.. والسؤال ماذا بعد؟ هل ستعود فعلا حقوق المصريين، حقوق الدماء والأموال؟ شخصيا أصدق أن ما يحدث ينتمى إلى الواقع، وليس من قبيل الضلالات والهلاوس، لكن ثمة اشياء فى الخلفية تبدو متناقضة، ومثيرة للدهشة والأسئلة، منها على سبيل المثال هذه المكافآت السخية لأشخاص ناصبوا الثورة العداء، والإصرار على الاحتفاظ بوجوه تنتمى إلى النظام الذى أسقطته الثورة، فى وزارات ومواقع حساسة. إن تشكيلة المجلس القومى لحقوق الإنسان كمثال تضم أسماء ووجوها يحتاج من يطالعها إلى مجهود هائل كى يستوعب وجودها، فى هذا المكان.. ولا يقتصر الأمر على الثنائى حازم منير ومحمد صبحى فقط، بل إن هناك شخصيات تنتمى كلية إلى النظام السابق، ومن هؤلاء السفير أحمد حجاج الذى كان يكتب شعرا فى حالة حقوق الإنسان أثناء حكم مبارك، ومن يقرأ دراسته المنشورة فى «الأهرام العربى» 13 مارس العام الماضى سيعتقد أنه يتحدث عن سويسرا، وليس مصر التى شهدت ثورة غير مسبوقة فى التاريخ كان محركها الأساسى تدهور حقوق الإنسان بها.. ولعل الدكتور الجمل، واضع هذه التشكيلة العجيبة، يعلم أن أول ضوء لفجر هذه الثورة انطلق من مجموعة اسمها «كلنا خالد سعيد» وهو النموذج الصارخ لانتهاك حقوق الإنسان فى مصر. إن السفير حجاج صاحب الغنائيات الخالدة فى روعة وجمال عصر مبارك كان عضوا فى لجنة مصر والعالم التابعة لأمانة السياسات المملوكة لجمال مبارك منذ إنشائها. كما أن ابنه كريم شغل منصب المساعد الخاص لجمال مبارك لمدة خمس سنوات، ثم تم نقله عام 2005 مستشارا إعلاميا فى واشنطن بميزانية سنوية قدرها ملايين الدولارات للتعاقد مع شركات الدعاية للنظام ولجمال مبارك لدى الراى العام الأمريكى، ولا يزال فى واشنطن يمارس عمله حتى هذه اللحظة. إن أشياء مازالت تحدث تثير الفزع وتأخذ الناس بعنف إلى جحيم الأسئلة: ماذا يفعل يحيى الجمل بالضبط؟