تستعد جنرال موتورز الأمريكية لاحتمالات إشهار إفلاسها، وهى الشركة التى تبيع أكثر من نصف إنتاجها من السيارات خارج الولاياتالمتحدة، وتنتج مصانعها فى ست قارات، وأعلنت كرايسلر، ثالث أكبر منتج للسيارات فى العالم إشهار إفلاسها فى نهاية أبريل الماضى، أما تويوتا، أكبر مصنع للسيارات فى العالم، فقد سجلت أول خسارة فى تاريخها فى العام المالى المنتهى فى مارس 2009. وتعتمد سوق السيارات فى مصر، كما فى بعض من الدول النامية، على توكيلات لتجميع السيارات من العلامات التجارية العالمية محليا، أو على استيراد السيارات من الخارج بشكل مباشر. لذلك امتدت معاناة الشركات العالمية وتراجع مبيعاتها، الشركات المحلية، العاملة فى السوق المصرية. «كل الوكلاء فى السوق المصرية حققوا خسائر» كما جاء على لسان مصطفى عبدالحليم رئيس قطاعات البيع والتسويق بشركة هيونداى مصر، التابعة لغبور. مصطفى يوضح أوضاع الوكلاء فى السوق المصرية، قائلا إن كل الشركات تراجعت مبيعاتها، مما أدى إلى أن كل الشركات تحقق خسائر فى الوقت الحالى، وهو ما دفع الوكلاء فى السوق المصرية إلى خفض أسعار البيع لأكثر من مرة خلال الفترة الماضية. تراجع مبيعات وكانت آخر تقارير للمبيعات عن السيارات فى السوق العالمية قد سجلت تراجعا فى مبيعات السيارات لأدنى مستوياتها فى 30 عاما، حيث سجلت تويوتا موتور كورب اليابانية، أكبر هبوط فى المبيعات بين مصنعى السيارات الكبار فى السوق الأميركى بلغ 42%، كما تراجعت مبيعات نيسان موتور التى بنسبة 38%، وانخفضت مبيعات شركة فورد الأمريكية بحوالى 32% فى حين هبطت مبيعات جنرال موتورز كورب 34%، وتراجعت مبيعات هوندا موتور اليابانية 25%. يقول عادل خضر العضو المنتدب لشركة منصور للسيارات إن مبيعات الشركة كانت قد تراجعت خلال الربع الأخير من العام الماضى ب41%، وانخفض هذا التراجع إلى 36% فى الربع الأول من العام الحالى. وكانت الكثير من الشركات قد أعلنت عن خفض إنتاجها مع تراجع المبيعات، وهو ما أدى إلى زيادة التكاليف الثابتة، التى تتحملها الشركة، وزيادة التكاليف المحملة على المنتجات. يتوقع صلاح الحضرى أن تزداد أسعار السيارات خلال الفترة القادمة مع زيادة التكاليف الثابتة بعد اتخذت العديد من الشركات قرارا بخفض الإنتاج. ويقدر الحضرى نسبة التراجع فى مبيعات السيارات فى السوق المحلية خلال الربع الأخير من العام الماضى، وحتى الربع الأول من العام المالى الحالى نحو 35 40%، لكنه يؤكد أن هناك تحسنا فى حركة مبيعات السيارات فى السوق المصرية. «مبيعات السيارات فى شهر فبراير، كانت أفضل من مبيعات يناير، كذلك فإن مبيعات مارس أفضل من فبراير» تبعا للحضرى. ورغم تأثر مبيعات السوق المصرية بالأزمة المالية العالمية فإن الحضرى يرى أن الخسائر، التى منيت بها شركات السيارات الأم فى العالم، لن تؤثر بدرجة كبيرة على الوكلاء المحليين فى السوق المصرى، «أغلب وكلاء السيارات شركات مصرية، وتعمل برأس مال مصرى» تبعا للحضرى. ويرى رأفت مسروجة الرئيس الشرفى لمركز معلومات السيارات (أماك) أن الأرباح، التى حققتها شركات الوكالة خلال السنوات الماضية سوف تساعدها فى تخطى أزمة تراجع المبيعات، بينما سيعانى من هذه الأزمة الوكلاء والموزعون. يقول مصطفى عبدالحليم إن الشركات المحلية اضطرت إلى خفض الإنتاج، حتى لا تتكبد مزيدا من الخسائر. قال عادل خضر إن الشركة اضطرت إلى غلق مصنعها لفترة، بعد تراجع الطلب فى السوق المحلية. الوكلاء المحلون ومن المنتظر أن يتحدد موقف شركة جنرال موتورز المالى فى بداية يونيو القادم، وهى المهلة التى منحتها الحكومة الأمريكية، لتوضح فيها كيف سيتم صرف المبالغ، التى منحت لها من الحكومة، وبينما تقترب جنرال موتورز من إعلان إفلاسها يرى مسروجة أن موقف وكلاء السيارات فى العالم أفضل من موقف الشركات الأم، فالشركات خارج الولاياتالمتحدة قدرتها التنافسية أفضل من الشركات الأم التى توجد فى أمريكا، كما أن نتائج الوكلاء، حتى مع الخسائر الأخيرة، ما زالت أفضل من الشركات الأم. مسروجة يقول إن السوق المصرية نجح فى أن يحقق نموا فى مبيعات عام 2008، بلغت 16% مقارنة بعام 2007، بعدد 260 ألف سيارة تم بيعها، مشيرا إلى أن معدل نمو المبيعات كان من المتوقع أن يصل إلى 25% لولا بداية تأثر السوق بالأزمة المالية العالمية. ويرى مصطفى عبدالحليم أنه رغم عدم تأثر شركات الوكلاء فى السوق المصرية بالأزمة التى تعانى منها شركات السيارات العالمية، فإن تراجع المبيعات، وإحجام المواطنين عن الشراء خلال الفترة الحالية سيظل مؤثرا على الشركات. إنعاش الطلب يرى وكلاء الشركات العالمية أن الدولة من الممكن أن تتخذ إجراءات لتشجيع الطلب على شراء السيارات، للحد من التراجع الذى أصاب السوق، يقول عادل خضر إن هناك دولا اتخذت خطوات لإنعاش الطلب على السيارات، منها تركيا التى أعلنت عن إلغاء ضريبة المبيعات على السيارات لكل من يقوم باستبدال سيارته القديمة، التى مر على شرائها خمس سنوات. وكانت وزارة المالية قد أعلنت عن مشروع لاستبدال التاكسى القديم، الذى تم تصنيعه حتى عام 89، وتم الاتفاق على استبدال السيارات القديمة بسيارات جديدة مصنعة محليا، وهى شركات هيونداى، وشيفروليه، ولادا، واسبرانزا، ولانوس، وبيجو. يقول عادل خضر إن هذا المشروع أنعش مبيعات الشركات، وعوض الانخفاض الذى حدث فى المبيعات. خسائر الشركات العالمية وتعانى صناعة السيارات فى العالم وحركة مبيعاتها فى الأسواق تراجعا حادا فى ظل الأزمة المالية الراهنة، التى وضعت الاقتصادات الكبرى على مشارف حالة من الانكماش الاقتصادى. فقد سجل قطاع صناعة السيارات الأمريكى أكبر انكماش له، وتراجعت مبيعات السيارات فى الولاياتالمتحدة بقوة، كما يقف قطاع صناعة السيارات فى ألمانيا على حافة ركود غير مسبوق، وتراجعت مبيعات معظم شركات تصنيع السيارات الرائدة فى اليابان وأوروبا، فضلا عن توقف أو خفض خطوط الإنتاج، وتسريح العمالة بالآلاف. وكانت جنرال موتورز قد سجلت ثانى أكبر خسارة فى تاريخها، الممتد لأكثر من 100عام، فى 2008، وخسرت ستة مليارات دولار فى الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالى، مع تراجع مبيعات السيارات فى الولاياتالمتحدة، وإغلاق 13من مصانعها بأمريكا وكندا خلال الشهور الماضية، وأعلنت الشركة فى أبريل الماضى عن نيتها تسريح 23 ألف موظف بحلول العام 2011 وتقليص شبكة وكلائها بنسبة 42%، فضلا عن خطتها لوقف إنتاج سيارات «بونتياك»، وهى الخطوات الأخيرة فى إطار جهودها لتقليص النفقات وخفض الخسائر، قبل الموعد النهائى، الذى وضعته الحكومة لها، وهو الأول من يونيو، الذى قد تجبر بعده على أن توضع تحت الحماية من الإفلاس. أما تويوتا فقد أعلنت عن خسائر فى نتائج أعمالها بنهاية العام المالى المنتهى يوم 31 مارس قدرت بنحو 4.4 مليارات دولار، وهى أول خسارة سنوية للشركة فى تاريخها، متأثرة بتراجع المبيعات، وكانت خسائر التشغيل خلال العام المالى الماضى 461 مليار ين مقابل، أرباح تشغيل قدرها 2.27 تريليون ين خلال العام المالى 2007.