سألت داليا عن أسباب الاهتمام بكرة القدم وبلاعبيها؟ هذا السؤال القصير البسيط، له إجابة طويلة ومعقدة ومركبة، وهناك عشرات المقالات والأبحاث التى تناولت الموضوع، وهناك كتاب وأدباء طرحوا سؤال داليا بصيغ مختلفة، فقد كتب الأديب توفيق الحكيم فى مطلع الثمانينيات أن «الكرة الآن فى الأجوال وليست فى الأقدام.. والبطولة فى القدم ولم تعد فى القلم».. وقبل أشهر تساءل قارئ عن تخصيص أربع صفحات للرياضة يوميا، بينما هناك صفحة واحدة أسبوعية للعلوم، وأبدى انزعاجه للاهتمام بقدم أبوتريكة على حساب رأس جاليليو هذا العالم الكبير؟! كرة القدم لعبة شعبية فى العالم كله، وهى كذلك منذ انطلاقها من بريطانيا، ومع اتساع قاعدتها الجماهيرية اتسع الاهتمام بها. ولاعب الكرة عند جمهوره يمثل البطل، فهو ينتصر بانتصاره، ويخسر بهزيمته. والتفكير التقليدى بأن البشر ينقسمون إلى صنفين: صنف إسبرطى يفكر بعضلاته، وصنف أثينى يتميز بعقله، هو تفكير قديم، فالرياضى ليس فاقدا لعقله. ورأس جاليليو له موقعه ومكانته، ففى صحيفة يومية يمكن أن ننشر خبرا يقول: إن الإسبرين هو دواء القرن العشرين، وأن تركيبته لم تتغير على مدى قرن من الزمان، بينما فى مجلة علمية متخصصة يمكن أن تخصص صفحات لتركيب الإسبرين والمواد الفعالة، والأمراض التى يعالجها. لكن كرة لقدم لها شعبية تعود لعدة أسباب، منها: جماعية اللعبة، وملعبها الكبير، وحجم كرتها الصغير، الذى يكفى لمتابعة خطوط سيرها بسهولة، وتعدد خططها، وما تحويه من مناورات، ومحاورات، ومفاجآت متغيرة ومتجددة. لهذا كله تتوافر فى اللعبة القوة والحيوية والديناميكية، وهذا يخلق الإثارة والمتعة، والاستمتاع بموسيقى الأداء الجماعى الجميل الذى ينتهى بالأهداف. ومن كرة القدم استمدت شعوب العالم بثقافاتها المختلفة كل أشكال وألوان ألعاب الكرة التى ولدت من بطن كرة القدم، تلك اللعبة التى كانت مثل المعارك الحربية فى القرون الوسطى فى بريطانيا، فهى بين مدينتين أو بين قريتين، والهدف أن تصل الكرة إلى المدينة أو القرية الأخرى بكل الأساليب المشروعة وغير المشروعة. وقد غزت كرة القدم العالم لأنها ببساطة صورة من صور الحرب المشروعة، والحرب رياضة غريزية عند البشرية..لكن اللعبة لم تنتشر فقط لأنها حرب مشروعة، وإنما لأنها الحرب السهلة أيضا.