منظمة الطيران المدني تحمل روسيا إسقاط الطائرة الماليزية وقتل جميع ركابها ال 298 شخصا    3 شهداء وإصابات جراء قصف الاحتلال خيمة نازحين في خان يونس    قصر في السماء| هدية قطر إلى «ترامب».. هل تصبح بديلة «إير فورس ون»؟    حكام مباريات اليوم في الدوري| "الغندور" للزمالك وبيراميدز و"بسيوني" للأهلي وسيراميكا    تشكيل الأهلي المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    السيطرة على حريق في كميات من الهيش بكورنيش النيل    حبس عصابة «حمادة وتوتو» بالسيدة زينب    مستشفى سوهاج العام يوفر أحدث المناظير لعلاج حصوات المسالك البولية للأطفال    تراجع أسعار النفط عن أعلى مستوياتها في أسبوعين بعد اتفاق أمريكا والصين    «الاتصالات» تطلق برنامج التدريب الصيفي لطلاب الجامعات 2025    تفاصيل.. مؤتمر الاتحاد المصري لطلاب الصيدلة في نسخته الرابعة    بعد استلام ألكسندر.. هل تواصل إسرائيل خططها لتصعيد هجومها في غزة؟    الدولار ب50.45 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 13-5-2025    عيار 21 يعود لسابق عهده.. انخفاض كبير في أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء بالصاغة    الأهلي يحصل على توقيع موهبة جديدة 5 سنوات.. إعلامي يكشف التفاصيل    أديب عن انقطاع الكهرباء مع ارتفاع الحرارة: "تخفيف أحمال" أم "حوادث متفرقة"؟    ارتفاع أسعار الأسهم الأمريكية بعد إعلان الهدنة في الحرب التجارية    رئيس شركة شمال القاهرة للكهرباء يفصل موظفين لاستغلال الوظيفة والتلاعب بالبيانات    ما هي أهداف زيارة ترامب إلى الرياض ودول الخليج؟    «اعترف بتشجيع الزمالك».. نجم الأهلي السابق ينفجر غضبًا ضد حكم مباراة سيراميكا كليوباترا    رعب أمام المدارس في الفيوم.. شاب يهدد الطالبات بصاعق كهربائي.. والأهالي يطالبون بتدخل عاجل    دي ناس مريضة، مصطفى كامل يرد على اتهامه باقتباس لحن أغنية "هيجي لي موجوع"    مواعيد أهم مباريات اليوم الثلاثاء في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جولة تفقدية لمدير التأمين الصحي بالقليوبية على المنشآت الصحية ببهتيم    بعد اطمئنان السيسي.. من هو صنع الله إبراهيم؟    علي صالح موسى: تجاوب عربي مع مقترح دعم خطة الاحتياجات التنموية في اليمن    ثبات سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الثلاثاء 13 مايو 2025 (بداية التعاملات)    محافظ سوهاج: تشكيل لجنة لفحص أعمال وتعاقدات نادي المحليات    السيطرة على حريق نشب في حشائش كورنيش حدائق حلوان    انفجار أسطوانة غاز السبب.. تفاصيل إصابة أم وطفليها في حريق منزل بكرداسة    قناة السويس تجهز مفاجأة لشركات الشحن العالمية (تفاصيل)    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية بمحافظة المنيا للفصل الدراسي الثاني 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    كيف ردت سوريا على تصريحات ترامب بشأن رفع العقوبات؟    ميمي عبدالرازق: الأهلي يحتاج لمدرب أجنبي قوي.. وهناك مجاملات للأحمر!    الكشف على 490 مواطناً وتوزيع 308 نظارات طبية خلال قافلة طبية بدمنهور    بعت اللي وراي واللي قدامي، صبحي خليل يتحدث عن معاناة ابنته مع مرض السرطان (فيديو)    يلا كورة يكشف.. التفاصيل المالية في عقد ريفيرو مع الأهلي    كشف لغز العثور على جثة بالأراضي الزراعية بالغربية    تحت شعار «اكتشاف المشهد».. «أسبوع القاهرة للصورة» يواصل فعاليات دورته الرابعة بدعم غزة (صور)    5 أبراج «لو قالوا حاجة بتحصل».. عرّافون بالفطرة ويتنبؤون بالمخاطر    محامية بوسى شلبى تعلن مقاضاة كل من يخوض بعرضها أو ينكر علاقتها الزوجية    بسبب الاشتباكات العنيفة.. ما حقيقة تعليق الدراسة والامتحانات ب طرابلس؟    افتتاح أول مركز للقيادات الطلابية بجامعه المنوفية    اعتماد 24 مدرسة من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد بالوادي الجديد    إيمان العاصي في "الجيم" ونانسي عجرم بفستان أنيق.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    قبل عرضه على "MBC".. صلاح عبدالله ينشر صورة من كواليس مسلسل "حرب الجبالي"    أميرة سليم تحيي حفلها الأول بدار الأوبرا بمدينة الفنون والثقافة في العاصمة الإدارية    النصر يكتسح الأخدود بتسعة أهداف نظيفة في ليلة تألق ماني    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟| الإفتاء تجيب    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    انتحار شقيقي الشاب ضحية بئر الآثار في بسيون بالغربية    جامعة القاهرة تحتفل بيوم المرأة العالمي في الرياضيات وتطلق شبكة المرأة العربية- (صور)    جدول امتحانات المواد غير المضافة للمجموع للصف الثاني الثانوي ببورسعيد(متى تبدأ؟)    طفل ينهي حياته داخل منزله بالإسماعيلية    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤلف يرى ضرورة التكامل بينهما..لماذا يتصارع أهل العلم والأدب؟
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 04 - 2011

فى 1959 ألقى عالم الفيزياء، والأديب الإنجليزى «سى بى سنو» محاضرة، أثارت الجدل، وفتحت شهية المثقفين، ذكر فيها سنو أن المثقفين ينتمون إلى فئتين، إحداهما فئة أصحاب «الثقافة العلمية» ممن يشتغلون بالعلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، والفئة الثانية فئة أصحاب «الثقافة التقليدية» أو «الإنسانية» التى يعمل أفرادها فى مجال الآداب والفنون.
وكان الجدل الذى طرحه سنو يتمثل فى تأكيده أن الثقافتين منفصلتان تقريبا بلا تواصل، ولا يدرى أفراد كل فئة الكثير عن نشاط الفئة الأخرى.
الكارثة أن أفراد الثقافة العلمية، قلما يقرأون الأدب أو التاريخ مثلا، وأفراد الثقافة الأدبية لا يعرفون إلا أقل القليل عن القوانين العلمية حتى أبسطها كقوانين الكتلة أو عجلة التسارع.
مثل هذا الكلام، الذى يجب أن يطلع عليه المثقفون من الفئتين، نجده فى كتاب «الثقافتان» الذى ألفه «سى بى سنو»، وقدمه «ستيفان كولينى»، وترجمه إلى العربية وقدمه مصطفى إبراهيم فهمى، الذى أشار فى الكتاب، الصادر عن المركز القومى للترجمة، إلى الانفصال بين الثقافتين الذى من شأنه أن يضر بالمجتمع، ذلك أن الثقافتين كلتيهما من ضروريات تقدم الأمم محليا وعالميا، وأن استمرار هذا الانفصال يعوق كثيرا من تقدم المجتمع، ورفاهة الإنسان عموما.
الكتاب يفضح ما يفعله المثقفون من الجانبين. نعرف أن معظم مثقفينا التقليديين، لا يقرأون إلا فى الأدب أو التاريخ، أو كل ما يخص العلوم الإنسانية، ولا يقتربون من العلوم الطبيعية إطلاقا. وقد يتباهى البعض بأنه يعرف علم النفس أو القليل من الفيزياء.
وعن هذا يقول سنو: «لدينا مجموعتان مستقطبتان: هناك عند أحد القطبين مثقفو الأدب، وهؤلاء فيما يعرض أخذوا فى غفلة من الأنظار يشيرون لأنفسهم على أنهم «المثقفون»، وكأنه لا يوجد مثقفون غيرهم».
ولتوضيح رأيه، أشار سنو إلى استخدامنا إلى كلمة intellectual التى تعنى مفكرا عقلانيا أو مثقفا، وهى لا تنطبق مثلا على علماء الفيزياء أمثال «روذرفورد»، و«إدنجتون»، و«أدرياك».
ويذكر سنو أن غير العلماء ينحون إلى التفكير فى العلماء على أنه فيهم وقاحة وتبجحا، ويشير إلى أحاديث الناقد الإنجليزى الكبير ت.س. إليوت التى أكد فيها: «أنه لا يمكن لنا أن نأمل إلا أقل الأمل». فى حين نرى صوت عالم الفيزياء «روذرفورد» يقول: «هذا هو العصر البطولى للعلم، هذا هو العصر الإلزابيثى!».
ويكمل سنو أنه «يوجد لدى غير العلماء انطباع مغروز بعمق بأن العلماء متفائلون تفاؤلا فيه ضحالة، وغير واعين بحال الإنسان. والعلماء من الجانب الآخر يعتقدون أن مثقفى الأدب ينعدم لديهم تماما أى تبصر بالعواقب، وهم على وجه خاص لا يهتمون بإخوانهم من البشر، وهم بمعنى عميق ضد العقلانية، ويعملون بلهفة على أن يقصروا كلا من الفن والفكر على اللحظة الوجودية».
منذ شهور ناقش صالون المركز القومى للترجمة الكتاب. وخلال المناقشة، انتقد الدكتور نبيل على، خبير المعلومات، القيام بترجمة الكتاب، متسائلا: «هل هناك جدوى من ترجمة كتاب صدر منذ 50 عاما، خاصة وأنه يطرح قضية التقدم فيها سريع جدا؟».
والسؤال يبدو ملحا ومنطقيا. لكن الإجابة عنه تبين جدوى الترجمة، وهى أن المجتمعات، على الأقل العربية، لا تتطور بالشكل المطلوب، ولم تتجاوز ما قاله سنو، منذ خمسين عاما.
إذا تحقق مع قاله سنو، وهو عدم الانفصال بين الثقافتين، فنحن مطالبون بعدم إصدار كتابه إلا باعتباره جزءا من التراث الإنسانى، أما إذا لم نتجاوز ما قاله فنحن فى حاجة مستمرة إلى كتابه، وكتب غيره، التى تتعامل معها بعض المجتمعات المتقدمة باعتبارها جزءا من تراثها الفكرى.
فى الصالون نفسه، عاب الدكتور محمد السيد على سنو أنه: «دافع عن العلماء دفاعا ضاريا، حط فيه من شأن الأدباء، واصطنع لهم عدوا وهميا. لعل ذلك وقتها كان منطقيا بعض الشىء، حين كان الطلاب يقبلون على الدراسة الأدبية، وقليل منهم من يقبل على الدراسة العلمية؛ لأن الطريقة الملكية وقتها لم تكن للعلم وكانت للآداب والحقوق، وكان الأدباء يلقون اهتماما واسعا من الجمهور والملوك، لكن هذا الأمر تغير الآن تمامًا، انظر إلى ما يحدث فى الغرب، حيث يتحدث العلماء بطلاقة وكل غرور، وتراجع الأدباء بشدة».
الملاحظ أن سنو لم يحط من شأن الثقافة الأدبية أو الثقافة العلمية، بل أكد ضرورة الإلمام بهما معا، بدون انفصال. وقد يزال تعليق الدكتور السيد حول هذه النقطة، إذ عرفنا أن سنو نفسه من طائفة الأدباء، وصاحب سلسلة روايات سنو التى تقع فى أحد عشر مجلدا بعنوان «غرباء وأشقاء».
لكن لم يمنع ذلك سنو أن يصف الأدباء بصفات غير أخلاقية.
أما النقطة الجديرة بالالتفات ما ذكره د. نبيل على أن سنو قد: «اختزل مفهوم الثقافة اختزالا معيبا، بالإضافة إلى أن السرد المتكرر خلال الكتاب، والمتمثل فى مقدمة كولينى، ثم المحاضرة الأولى ثم الثانية، كان فائضا عن الحد، وكان من الممكن تلخيصه فى عدة نقاط أساسية».
مشكلة منْ يناقش كتاب سنو، هو محاولة المناقش أن يحط من شأن الثقافة العلمية ويعلو من شأن الأدب، الذى فيه كل شىء. المتعة والفن، بل والعلم، حسب وجهة نظر بعض المناقشين. وكأننا فى صراع بين الثقافتين، ناسيا ما ينادى به سنو، وهو التكامل بين الثقافتين لا الانفصال، فلا يهم من الأفضل: العلوم أم الآداب.
ويزال اللبس نتيجة طرح مقارنة بينهما، إذا عرفنا أن الثقافتين (العلمية والأدبية) كانتا ملتحمتين فى نسيج واحد، ليس بينهما فصل قاطع. كان أرسطو يكتب فى الميتافيزيقا، والعلة الأولى، ويكتب فى الشعر ويضع أسسه. كان ابن سينا فيلسوفا وطبيبا، ومثله أبو بكر الرازى. ليوناردو دافنشى كان رساما، وموسيقيا، وكان إلى ذالك عالما فى الميكانيكا.
وفى النهاية أهمية الكتاب، تجىء فى أنه يحفز العقول على العصف الذهنى، فضلا عن بحث مشكلة الثقافة وارتباطه بالتعليم. ومن هنا تظهر دعوات التعليم المبدع، وثلاثية العلم (الفلسفة والفيزياء والسياسة)، ووحدة المعرفة، وهى دعوات يحتاجها الآن المجتمع المصرى بعد تفجر شهوة الثورة فى كل أركانه، خاصة فى مجالى التعليم والفكر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.