استخدم حكام عرب القصف والرصاص والمال، اليوم الجمعة، في مواجهة احتجاجات شعبية تجتاح الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي جمعة دموية من اليمن إلى البحرين وسوريا حاول زعماء سحق انتفاضات شعبية تستلهم نهج الانتفاضتين في تونس ومصر بعدما أجاز مجلس الأمن الدولي استخدام القوة لحماية المدنيين في ليبيا. وقصفت قوات الزعيم الليبي معمر القذافي بلدة مصراتة في غرب البلاد، وقتلت 25 شخصا على الأقل، وذلك رغم إعلان الحكومة وقف إطلاق النار بعد قرار لمجلس الأمن الدولي سمح بفرض حظر جوي وبإجراءات أخرى لحماية المدنيين في ليبيا. وقالت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة: إن قواتها مستعدة لفرض حظر طيران فوق ليبيا ومنع قوات القذافي من مهاجمة المدنيين فيما سيكون أول تدخل دولي منذ بدأت موجة احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في العالم العربي. لكن لم يحدث أي تحرك عسكري فوري، حيث قالت حكومات غربية إنها تدرس إعلان وقف إطلاق النار قبل محادثات مزمعة بشأن ليبيا في باريس يوم السبت. وأعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حالة الطوارئ بعد مقتل 25 محتجا على الأقل وإصابة المئات في مظاهرة مناهضة للحكومة عقب صلاة الجمعة في العاصمة صنعاء. ونفى صالح الذي يكافح للاحتفاظ بالسلطة التي يسيطر عليها منذ 32 عاما أن تكون الشرطة أطلقت النار وحمل جماعات معارضة مسلحة المسؤولية. لكن مصادر طبية وشهود عيان قالوا إن قوات أمن وقناصة فتحوا النار على الحشود. واستقال وزير السياحة اليمني بسبب حادث إطلاق النار. وفي سوريا قال أحد السكان إن قوات الأمن قتلت ثلاثة محتجين وأصابت العشرات في مدينة درعا الجنوبية، اليوم الجمعة، في أشد اضطرابات تشهدها البلاد حتى الآن. وكان المتظاهرون يشاركون في احتجاج سلمي يطالب بالحريات السياسية والقضاء على الفساد في سوريا التي تخضع منذ نحو نصف قرن لقانون الطوارئ تحت حكم حزب البعث بزعامة الرئيس بشار الأسد. وقال الساكن إن القتلى كانوا ضمن عدة آلاف يهتفون: "الله.. سوريا.. الحرية" وشعارات أخرى مناهضة للفساد تتهم أسرة الأسد بالفساد. وأعلن الملك عبد الله، عاهل السعودية، اليوم الجمعة، عن منح ومكافآت بتكلفة 93 مليار دولار للمواطنين السعوديين وعزز قوات الأمن. وخلا الخطاب التلفزيوني النادر من أي تنازلات بشأن الحقوق السياسية في بلد تهيمن فيه الأسرة المالكة على الحياة العامة وتحظر الأحزاب السياسية ولا يوجد برلمان منتخب. ولم يتضمن الخطاب أي شيء بشأن تعديل وزاري متوقع منذ فترة طويلة. وأمر الملك عبد الله بتوفير 60 ألف فرصة عمل جديدة في مجال الأمن بوزارة الداخلية. ووعد بتخصيص مزيد من الأموال لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مؤشر على أن النخبة الحاكمة في المملكة لن تتسامح مع أي معارضة، وقال إن وسائل الإعلام لا بد وأن تحترم رجال الدين الذين يشرفون على تطبيق أحكام الشريعة في المملكة. وفي البحرين أزالت السلطات اليوم نصبا في وسط دوار (ميدان) اللؤلؤة، وهو مركز ورمز الاحتجاجات التي اندلعت قبل أسابيع. وشيع آلاف البحرينيين اليوم جثمان نشط قتل في الحملة التي شنتها قوات الشرطة والأمن على محتجين غالبيتهم شيعة، وهو ما أغضب إيران وصعد التوتر في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم. وقال وزير الخارجية البحريني إن مزيدا من القوات الخليجية ستصل إلى البحرين لدعم قواتها. وقال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة: إن ثلاث أو أربع دول خليجية بصدد إرسال قوات وإن تلك القوات ستظل في البحرين حتى استعادة النظام. واتهم إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلده. وجاءت تلك الحملات عشية استفتاء تاريخي في مصر على تعديلات دستورية تسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة لاختيار خليفة للرئيس السابق حسني مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية. وقالت كل من مصر وتونس إنهما لن تشاركا في أي عمل عسكري في ليبيا رغم تأييدهما لدعوة جامعة الدول العربية لفرض حظر طيران لحماية المدنيين.