«أوافق على تغيير العملة فى قناة السويس إلى الجنيه المصرى» صفحة على الفيس بوك، أنشأها ثلاثة مواطنين، اجتمعوا من خلال الموقع الاجتماعى عقب ثورة 25 يناير، مطالبين بضرورة تغيير عملة المرور فى قناة السويس إلى الجنيه المصرى، تحت شعار «مش بس عملة، القناة شرارة تنمية شاملة». وجذبت الصفحة حتى الآن 1292 مؤيدا. والأعضاء الثلاثة لهذه المبادرة هم، ربان توفيق أنسى، وهو المسئول عن الجزء الفنى البحرى للمشروع، وسالم سيد سالم، باحث اقتصادى اكاديمى، وهو المسئول عن دراسة الجوانب الاقتصادية، والثالث هو إسلام شاهر، والمسئول عن الجانب التكنولوجى ومعد الصفحة على الإنترنت. «هذه المبادرة لا تستهدف، كما أشاع البعض، رفع قيمة الجنيه المصرى فى الأسواق الخارجية، بل الهدف الأساسى منها هو تحويل الجنيه المصرى إلى عملة متداولة دوليا، بحيث لا نكون دائما تحت سيطرة احتياجنا إلى الدولار للتعاملات الدولية الخاصة بنا»، هذا ما جاء على لسان سالم، قائلا «نحن على علم بأن هذه الفكرة ليست الفانوس السحرى الذى سيرفع الاقتصاد المصرى فى ليلة وضحاها، بل هذا طريق طويل يستلزم إعداد البيت من الداخل قبل تطبيقه». وفى هذا الإطار، يقول العضو الثانى، توفيق أنسى، «نعرض أفكارا وبدائل ومشاريع تمثل موارد بديلة ومضمونة للعملة الأجنبية، ونريد مناقشتها مع المتخصصين. والهدف هو النهوض بالاقتصاد المصرى»، بحسب قوله. ويرى مؤسسو هذه المبادرة أن دخل قناة السويس، والذى يقدر بما يقرب من 5 مليارات دولار سنويا، يمثل 10% فقط من إجمالى الناتج المحلى لمصر، ومن ثم تأثيره على مصادر العملة لن يكون كبيرا، ولكن منافع الاعتراف بالعملة المحلية ستكون أكبر»، بحسب قولهم، مشيرين إلى أن هذا الإجراء يجب أن تسبقه خطوات ضرورية مثل تفعيل دور البنك المركزى فى الخارج، وتحسين خامة العملة، والأهم من ذلك تعزيز موارد موازية للعملة الأجنبية. ويعترض سالم على الرأى القائل بأن تحويل العملة سيقلل من مصادر مصر للعملة الاجنبية «فالسفن التى ستمر وتدفع مرور الرسوم بالجنيه المصرى، ستشتريه مقابل الدولار»، بحسب قوله مشيرا إلى ان تصميم الولاياتالمتحدة والدول الكبرى على الإبقاء على العملة الاجنبية كرسم مرور ليس إلا لفرض مزيد من سيطرتها على مصر. وإن كان الخبراء الاقتصاديون يتفقون مع فكرة تحويل عملة المرور فى قناة السويس إلى الجنيه المصرى، إلا أنهم يرون أنه «يجب اتخاذ العديد من الخطوات لدفع عجلة الاقتصاد المصرى قبل التفكير فى هذا الاتجاه». وفى هذا الصدد، تقول ماجدة قنديل، مديرة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، «هذا الكلام نظريا جميل، ولكن أمامنا مشوارا طويلا لكى نصل إلى إمكانية تطبيقه»، مشيرة إلى وجود عدة عقبات قد تعوق هذه المبادرة، فهذا الربط بالجنيه المصرى، والذى يرتفع وينخفض وفقا لضغوط محلية وخارجية، قد يقلل من عوائد القناة حين ينخفض الجنيه، والأهم من ذلك ان هذا قد يفقد البنك المركزى قدرته على التعامل مع العملة، تاركا إياه تحت سيطرة التذبذبات العالمية». وتدعو قنديل لإعداد دراسة شاملة وطويلة المدى لتحديد آثار هذه الفكرة على الاقتصاد المصرى. وتجدر الإشارة إلى أن عملة الرسوم فى قناة السويس يتم حسابها وفقا لسلة عملات «وحدة حقوق السحب الخاصة»، وهى مكونة من العملات الرئيسية فى العالم، الدولار واليورو، والين اليابانى، وذلك لتفادى عدم الاستقرار فى سعر صرف عملة بعينها. ويشير مجدى صبحى، الخبير فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى وجود عجز ضخم فى الموازنة العامة للدولة، والميزان التجارى، وهو وضع «لا يعطينا الرفاهية للتفكير فى تغيير عملة المرور»، بحسب قوله. ويرى صبحى أن الأولوية حاليا يجب ان تكون لتحقيق التنمية، «كيف يستطيع الاقتصاد المصرى زيادة الإنتاجية، ومن ثم زيادة الصادرات، وتخفيض الواردات»، وبعد ذلك يمكن الحديث عن تحويل عملة المرور فى القناة إلى الجنيه المصرى من عدمه، خاصة أنه لا توجد مشكلة فى مدى استقرار الإيراد من قناة السويس. ويقترح أصحاب المبادرة موارد بديلة ومضمونة للعملة الأجنبية، فيقترح أنسى استخدام مساحات فى مرسى مطروح على البحر المتوسط ومنطقة برنيس على البحر الأحمر، لتخزين البترول فى تانكات، مثلما يحدث فى سنغافورة، و«هناك شركات ماليزية، وصينية، وتايلاندية، أبدت استعداداتها للقيام بهذه المشروعات»، بحسب قوله، مضيفا أن هذه المشاريع لن تكلف خزانة الدولة قرشا واحدة، مقترحا أن تتم بنظام BOT (البناء والتشغيل والتملك)، فى الفترة الأولى، على أن تتحمل هذه الشركات جميع نفقات البنية الأساسية. وكانت كوريا على سبيل المثال قد فازت الأسبوع الماضى بحق استغلال إنتاج الإمارات المستقبلى من البترول، وهو ما يقدر ب900 مليون برميل سنويا، مما يسمح لها بشراء هذه الكميات بأسعار رخيصة، على ان يتم تخزينها وبيعها بعد ذلك بأسعار أغلى، مما يمثل دخلا مضمونا للعملة الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك، هناك دراسات لاستغلال أراضى الساحل الشمالى لزراعة بالقمح وتصديره، «نحن نستهدف تنمية اقتصادية شاملة، وهذا هو وقتها»، بحسب أنسى.