بعد حصول فيلمه «انفصال نادر وسيمين» على جائزة الدب الذهبى كأفضل فيلم فى مهرجان برلين السينمائى الدولى وحصول ممثليه على جائزتى أفضل ممثل وممثلة، قرر المخرج الإيرانى أصغر فرهادى أن يتحدث لأول مرة عن فيلمه الذى يلقى الضوء على الفجوة بين الطبقة المتوسطة من «المثقفين» والطبقة الافقر التى تضم الايرانيين التقليديين الذين يقدسون المعتقدات الدينية باعتبارها أهم ما فى حياتهم، وهو ما يعكس ما يدور فى الحياة الاجتماعية لإيران والانقسامات الطبقية الواضحة هناك والذى أشار إليه فرهادى قائلا: «عندما تقدم فيلما يناقش قصة اجتماعية فى إيران ستجد فى النهاية انه يعبر عن الأحداث السياسية أيضا فلا مفر من ذلك على الرغم من أنى لا أحب السياسة». فرسالة فيلمه كما فصلها: «رسالتى هى تشجيع الناس على التفكير فى موضوعات معينة وإعادة النظر فى منظومة الاخلاقيات التى تحكم المجتمع فقصة فيلمى تدور حول أحد نماذج الحياة الاجتماعية فى إيران ف«سيمين» سيدة إيرانية فى منتصف العمر تريد أن ترحل من بلدتها مع زوجها «نادر» وابنتهما التى تبلغ احد عشر عاما لتبنى حياة جديدة فى أى مكان آخر خارج إيران ولكن نادر يرفض ويختار أن يرعى والده الذى يعانى من مرض الزهايمر فتقرر سيمين أن تترك البيت وتنفصل عن زوجها ويعلن نادر انه لن يتخلى عن واجبه الأسرى تجاه والده وتشعر وأنت تشاهد الفيلم بالشفقة على أبطال العمل وما يعانونه بسبب الصراع بين الحياة التقليدية والحياة بالقوانين العصرية، وهو ما يوجد بكثرة فى إيران ويشير العمل إلى كيف يمكن أن يكون الانسان على صواب فى موقف معين ولكنه يجرح غيره إذا قام به فانفصال المرأة عن زوجها يضمن حياة ابنتها ولكنه فى نفس الوقت يجعلها تعانى، وهو ما يجعل من يريدون الحياة العصرية يبحثون عن تعريف جديد للأخلاق، فالفيلم ينتقد العلاقة بالدين والقوانين والقضاة الذين يحكمون القضايا الاجتماعية بشكل لا يلتفت إلى الظروف كما ينتقد التقاليد التى تعجز عن مواجهة الواقع». وأكد ايضا أن فكرة الفيلم خرجت من تجاربه الشخصية ومن الوضع فى إيران وبعض الصور فيه خيالية. أما عن تمويل الفيلم والسبب فى رفضه للتمويل من جانب الحكومة أوضح قائلا: «لم أرغب فى أن تنتج الحكومة العمل لذا حصلت على قرض من أحد البنوك الايرانية ولم يكن هذا صعبا، خاصة بعد نجاح فيلمى الأخير «عن ايلى» وهى ليست المرة الاولى التى انتج فيها أعمالى، فآخر ثلاثة افلام كانت كذلك والسبب هو اننى لم أرغب فى أن يفرض احد وجهة نظره على العمل أو أن يقول لى ما أفعل وهو ما يحدث عندما تنتج الحكومة أى عمل سينمائى وبسؤاله عن مدى اهتمامه وسعادته بما حققه من نجاح خاصة بعد أن أصبح من المخرجين الايرانيين الذين تسلط عليهم الأضواء ويحصدون جوائز مهمة ألان صرح قائلا: «على الرغم من أنها ليست هذه هى الجائزة الاولى لى فى مهرجان برلين فقد حصلت عام 2009 على جائزة الدب الفضى عن فيلم «عن ايلى» إلا أن شعورى هذه المرة مختلف، حيث أن رد فعل النقاد هذا العام كان مشجعا جدا كما أنى لم أكن أتوقع الفوز وأنى سأعتلى هذا المسرح مجددا». لم يعلق أو يتحدث فرهادى عما حدث لزميله جعفر بناهى من سجن واكتفى بالصمت وهو ما جعل الجميع يتساءل عن ذلك وجاء رده قائلا: «أشعر بالحزن لزملائى ويصعب تجاهل الأمر وربما بالنسبة للناس فهم فقط يشعرون بالشفقة أما بالنسبة لى الأمر أصعب لأنى أعرفه بشكل شخصى فلا يمكن لأحد أن يتخيل مدى صعوبة الأمر عليه عندما أبلغته أنى مسافر إلى برلين وانه لن يستطيع، أما عن صمتى فهذا لأنى عندما أردت تقديم افلامى لم يكن أمامى سوى اختيارين، إما أن اقول ما أريد والنتيجة هى أن أقع فى المشاكل ولا استطيع أن اقدم أفلاما مرة اخرى أو أن اقول ما يمكن أن اقول وأستمر فى عملى وأنا اخترت أن اقدم أفلامى وأحاول التعبير عن مشاعرى فى أفلامى فأنا لست بطلا وانما صانع افلام، واضاف ايضا قائلا «وان كنت تحدثت عنه ما الذى كان سيتغير فى الامر»! واكد فرهادى أن صناعة السينما فى إيران تواجه الكثير من الصعوبات قائلا: «المشاكل لم تتغير أو تختلف من فترة طويلة فهناك زاويتان للأمور إما أن تعبر عن الوجه السياسى للحكومة أو أن تعبر عن توقعات الناس فالحكومة مازالت لم تتقبل بعد العصرية وحرية الفنانين الذين يجب أن يعيشوا مثل السمك فى الماء لأنه كلما توافرت الحرية للفنان اصبح العمل سهلا». وأضاف ايضا أن الصعوبات لم تتوقف عند هذا الحد وإنما وصلت الى اختيار فريق العمل الذى اصبح فى غاية الصعوبة، حيث إن اغلب الممثلين يعملون فى المسلسلات التليفزيونية الايرانية ويراهم الناس كل يوم لذا يكون الاختيار محدودا جدا ولكن على الرغم من كل هذه المشكلات فلا أستطيع أن أترك إيران، وكما قال عباس كيروستامى ذات مرة فرق كرة القدم تلعب أفضل على أرضها، وهو ما أشعر به فربما أغيب عاما أو اكثر ولكن فى النهاية اشعر بأنى فى حاجة الى العودة الى جذورى فى إيران». وفى النهاية، صرح فرهادى قائلا: لقد اعتدنا الخوف لأننا كبرنا معه ولم يعد الأمر يشكل فرقا الآن سواء العمل داخل ايران أو خارجها». «واما عن مشاريعى القادمة، فأخطط الى تنفيذ فيلم خارج إيران وتحدثت مع المنتجين وجزء من العمل تم بالفعل وسيكون هناك جزء من الإنتاج من فرنسا».