وصفت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم الخميس، الوضع على الحدود التونسية الليبية المشتركة بأنه "لا يزال حرجا جدا"، ويؤكد هذا وفاة مواطن مصري، ووضع ثلاث لاجئات مصريات مواليدهن في منطقة رأس الجدير. وجاءت وفاة أحد اللاجئين المصريين، أمس الأربعاء، برأس الجدير بأزمة قلبية، لتسجل أول حالة وفاة في صفوف اللاجئين الوافدين على تونس من ليبيا، كما وضعت خلال الأيام الأخيرة ثلاث لاجئات مصريات حوامل مواليدهن في منطقة رأس الجدير. ويقيم أكثر من 15 ألف مصري في مخيمات أقامها الجيش التونسي والأمم المتحدة بمنطقة "الشوشة" التي تبعد 7 كم عن معبر رأس الجدير، فيما يقيم آلاف آخرون في العراء. وقد أبدى اللاجئون المصريون غضبهم واستياءهم البالغ مما يعتبرونه "تباطؤا" من سفارتهم، و"تغافلا" منها عن أوضاعهم. وقد هم بعضهم بمهاجمة ممثل عن السفارة المصرية بتونس، أمس الأربعاء، برأس الجدير لمعاينة أوضاع اللاجئين المصريين، لكن الجيش التونسي تدخل ووفر له الحماية. ولا يزال الآلاف من اللاجئين يتدفقون نحو تونس هربا من الوضع الأمني المتفجر في ليبيا التي تشهد منذ أكثر من أسبوعين انتفاضة شعبية دامية، للمطالبة بتنحي العقيد معمر القذافي. وقالت عبير عطيفة، المتحدثة الإعلامية باسم برنامج المفوضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لوكالة الأنباء الألمانية: إن أكثر من 85 ألف لاجئ أغلبهم من المصريين، دخلوا تونس حتى الآن، وأن 14 ألف لاجئ دخلوا يوم الثلاثاء الماضي وحده بمعدل ألف لاجئ في الساعة. وترتبط تونس وليبيا بحدود برية مشتركة طولها 459 كيلو مترا، ولا يوجد على طول هذه الحدود سوى معبرين حدوديين، هما "رأس الجدير" و"الذهيبة". وقال مصدر عسكري: إن أغلب اللاجئين تدفقوا إلى تونس عبر معبر "رأس الجدير" الرئيسي. وذكر طاهر شنيتي، كاتب عام الهلال الأحمر التونسي، أن اللاجئين ينتمون إلى أكثر من 30 جنسية (أفارقة وآسيويين وعرب من شمال إفريقيا). وينظم الجيش التونسي ومنظمات غير حكومية تونسية ودولية وهياكل أممية وسكان دخول اللاجئين القادمين من ليبيا إلى التراب التونسي، وتقديم الغذاء وتوفير الإحاطة الصحية لهم. ووصف طارق بن علي، وهو خبير في "العودة الطوعية للمهاجرين" لدى منظمة الهجرة الدولية، تنظيم تدفق اللاجئين إلى تونس بأنه "ممتاز"، منوها ب"توفير كل الوسائل الصحية اللازمة". وبدأ تدفق اللاجئين نحو تونس يوم 20 فبراير الماضي، عندما هرب 2000 تونسي من ليبيا غداة اتهام سيف الإسلام القذافي (نجل الزعيم الليبي) في خطاب بثه التليفزيون الليبي تونسيين بالمشاركة في الاحتجاجات ضد نظام والده. ولا يحمل كثير من اللاجئين وخاصة من الجنسيات الإفريقية جوازات سفر، ما اضطر السلطات التونسية إلى الاتصال بسفاراتهم، للنظر في إجراءات ترحيلهم إلى بلدانهم. وتغير المشهد في رأس الجدير، أمس الأربعاء، بحلول آلاف من البنغاليين قدرت عبير عطيفة عددهم بنحو 18 ألفا. ولا توجد ممثلية دبلوماسية لبنجلاديش في تونس، وقد تكفلت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بترحيل البنغال إلى بلدهم. وقال النقابي حسين بالطيب، وهو من أبناء مدينة بن قردان التي تبعد 30 كم عن معبر "رأس الجدير": إن مراكز الإيواء في المدينة وفي المدن التونسية المجاورة اكتظت باللاجئين، بسبب سرعة تدفقهم وبطئ ترحيلهم (إلى بلدانهم الأصلية)، وأن عشرات الآلاف منهم يبيتون منذ أيام في العراء. وحذر بالطيب من وقوع كارثة إنسانية ما لم تعجل المجموعة الدولية بترحيل اللاجئين إلى بلدانهم. كما حذر من إمكانية تدفق الآلاف من هؤلاء بشكل غير شرعي نحو الشواطئ الأوروبية. وقال النقابي الذي ينسق مبادرة أهلية أطلقها سكان بن قردان لإغاثة اللاجئين: "ما زال عشرات الآلاف من اللاجئين عالقين على الجانب الليبي من الحدود، وينتظرون دورهم في الدخول إلى تونس". وأوضح أن هؤلاء "بلا مأوى ولا مأكل ولا مشرب"، وأن الهلال الأحمر التونسي حاول التدخل في الجانب الليبي من الحدود لإغاثتهم، "ولكن السلطات الليبية رفضت ذلك". وأضاف: "أمام هذا الرفع اضطر سكان بن قردان إلى رمي قوارير مياه ومأكولات من فوق سياج يفصل بين حدود البلدين، فكانت مشاهد تهزّ الوجدان، وتدمي القلب عندما ترى المئات يتدافعون ويتقاتلون على قارورة ماء أو قطعة خبز". ودعت تونس، الثلاثاء الماضي، المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمجموعة الدولية إلى "التسخير الفعلي والعاجل للوسائل المتاحة لدى وكالات الإغاثة الإنسانية"، من أجل ترحيل اللاجئين إلى بلدانهم. وطالبت ب"الإسراع بإقامة جسر جوي وبحري مكثف وسريع قصد إجلاء المواطنين الأجانب، وفي مقدمتهم المصريين" معتبرة ذلك "الحل الأفضل للتخفيف من خطورة الوضع الإنساني بالمنطقة". وبدأت دول أوروبية في إرسال مساعدات غذائية وطبية، وتوفير طائرات وبواخر لنقل اللاجئين إلى دولهم.