أسامة ربيع: 69 عامًا شاهدة على نجاح مصر فى حماية سيادتها على قناة السويس    متحدث التعليم: أى متظلم له درجات سيحصل عليها كاملة وسيسترد رسومه    جهود مصرية قطرية لزيادة حجم المساعدات لغزة والاعتماد على أكثر من معبر    ميناء دمياط.. 39 عامًا من التطوير    الإمارات تعلن استئنانف عمليات إسقاط المساعدات جوًا في غزة    بسبب حملة يقودها ترامب.. وكالة ناسا ستفقد 20% من قوتها العاملة    8 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف خيمة نازحين جنوب قطاع غزة    مقتل مدني جراء هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية في كورسك الروسية    القوات الإسرائيلية تستعد لاعتراض السفينة "حنظلة" المتجهة لكسر الحصار عن غزة    بعثة منتخب الدراجات تطير إلى الجزائر للمشاركة في البطولة الإفريقية للمدارس    برلماني: دعوات الإخوان للتظاهر خبيثة وتخدم أجندات إرهابية"    إعلان أوائل الثانوية الأزهرية دون احتفال |اعتماد النتيجة بنسبة نجاح 65.1٪ علمى و45.5٪ أدبى    وفاء عامر ترد على تضامن نقابة المهن التمثيلية معها    سميرة عبد العزيز: الفن حياتي والمخرجون طوّروا أدواتي    "التزمت بالمنهج العلمي".. سعاد صالح توضح حقيقة فتواها بشأن الحشيش    جامعة المنصورة تطلق القافلة الشاملة «جسور الخير 22» إلى شمال سيناء| صور    الحكم بحبس أنوسة كوتة 3 أشهر في واقعة هجوم النمر على عامل سيرك طنطا    بريطانيا: يجب على إسرائيل السماح بإدخال المساعدات لغزة    البحوث الإسلامية ردًا على سعاد صالح: الحشيش من المواد المخدرة المذهبة للعقل والمحرمة    هل تجنب أذى الأقارب يعني قطيعة الأرحام؟.. أزهري يوضح    ‬محافظ المنيا يضع حجر الأساس لمبادرة "بيوت الخير" لتأهيل 500 منزل    احذر- الأكل حتى الشبع يهدد صحتك    يا دنيا يا غرامي.. المجلس الأعلى للثقافة    بعد كسر خط مياه.. توفير 8 سيارات مياه بالمناطق المتضررة بكفر الدوار    ترامب: سأطلب من كمبوديا وتايلاند وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب    ضبط سائق ميكروباص يسير عكس الاتجاه بصحراوي الإسكندرية    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    مواعيد القطارات على خط القاهرة - الإسكندرية والعكس    حماة الوطن: الإخوان جماعة مشبوهة فى عداء مع الوطن وأنصارها ملوثو العقول    الكشف على 394 مواطنًا وإجراء 10 عمليات جراحية في اليوم الأول لقافلة شمال سيناء    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    الأهلي يعلن إعارة يوسف عبد الحفيظ إلى فاركو    محمد شريف: شارة قيادة الأهلي تاريخ ومسؤولية    عقوبة الإيقاف في الدوري الأمريكي تثير غضب ميسي    كلمتهم واحدة.. أبراج «عنيدة» لا تتراجع عن رأيها أبدًا    وزير الشباب: تتويج محمد زكريا وأمينة عرفي بلقبي بطولة العالم للاسكواش يؤكد التفوق المصري العالمي    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    وزير قطاع الأعمال يتابع مشروع إعادة تشغيل مصنع بلوكات الأنود بالعين السخنة    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    جامعة الأزهر تقرر إيقاف سعاد صالح لحين انتهاء التحقيق معها بعد فتوى الحشيش    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    سعر الحديد اليوم السبت 26-7-2025.. الطن ب 40 ألف جنيه    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    الجيش الإسرائيلي: رصد إطلاق صاروخ من جنوب قطاع غزة    وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عمر سليمان بالإسكندرية    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    حازم الجندي: فيديوهات الإخوان المفبركة محاولة بائسة للنيل من استقرار مصر    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجب علينا الشكر.. للجيش المصرى
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 02 - 2011

على فكرة.. أنا أفضل لقب الجيش المصرى أكثر من لقب القوات المسلحة الذى لا أدرى من أين جاء، فهو مكون من كلمات مجردة، لا تنتمى لأرض أو وطن بعينه، ويبعث فى النفس بهاجس من الخوف، لأنها ليست قوة واحدة ولكنها قوات، وهى مسلحة أيضا، أى أن وسيلة تفاهمها الأساسية هى السلاح، ويمكن أن يشاركها فى ذلك أى جماعة مسلحة حتى ولو كانت خارجة عن القانون، ولكن الجيش المصرى هو تعبير خاص يحمل اسم الوطن، وكلمة جيش تعبر عن كل ما يجيش فى النفس وما نرتضيه من حشد وتعبئة لأبناء الشعب المصرى وتكليفهم بأفضل المهمات سموا وهى الدفاع عن أرض الوطن.
لذا وجب الشكر علينا لهذا الجيش، لا لتاريخه الطويل والمشرف فقط، ولا لدفاعه عن ارض الوطن الذى نعيش فيه، ولكن أيضا للطريقة التى تصرف بها فى الأيام الأخيرة والحاسمة فى تاريخ مصر، فقد حمى شباب الثورة، الذين هم المستقبل، من الاغتيال المتعمد على أيدى رجال الشرطة والبلطجية التابعين لهم، لقد بلغ عدد الشهداء وفقا لجهات غير حكومية حوالى 722، وكان هذا العدد مرشحا لأن يتضاعف، فقد قامت الشرطة فى لحظات اليأس الأخيرة باستخدام الرصاص الحى ضد الثوار، وجاء تدخل الجيش فى تلك اللحظة الفاصلة، وكان وجوده كافيا لردع الشرطة عن هذا الاغتيال العشوائى، ووقف المذبحة أيضا حتى تنتصر الثورة.
وشكرا للجيش لأنه سارع بتحويل بعض من رموز الفساد، وليس كلهم للأسف، إلى الجهات القضائية للتحقيق معهم.. ونتمنى أن يتم مهمته ويوقف سيل الفساد الذى حاصرنا وأغرقنا طوال السنوات الماضية.
وشكرا لأن الغاز المصرى مازال متوقفا عن تغذية صلب الاقتصاد الإسرائيلى، ونرجو أن يظل متوقفا حتى نفصل فى هذا الملف المشبوه، فهو لا يستنزف فقط ثرواتنا الطبيعية برخص التراب، ولكنه يشعرنا أيضا بالعار والإذلال، والأكثر من ذلك أنه يشعرنا بأن انتصار أكتوبر قد ضاع هباء مادمت إسرائيل تستفيد من خيرات أرضنا وتستنزفنا بهذه الصورة الفجة
وشكرا للجيش لأنه وافق على مرور السفينتين الإيرانيتين الحربيتين من قناة السويس فى مواجهة كل الطنطنة التى أثارتها إسرائيل، ولو كان النظام السابق مازال موجودا لأرتعد خوفا أمام هذه التهديدات، ولألقى بالمعاهدات الدولية عرض الحائط، وأطاع صاغرا كل ما كانت تأمره به إسرائيل، ولكن الجيش المصرى أثبت بهذا القرار إننا دولة لها إرادتها المستقلة، وأنها لا تتلقى الأوامر من أعدائها بل إنها قادرة على تحديهم أيضا.
ولكن.. بعد كل هذه التشكرات علينا أن نطلب من الجيش المصرى أن يتم جميله، لقد تحمل عبئا كبيرا فى إدارة شئون البلاد فى الفترة الماضية، وهو يقف فى الشارع بجنوده ودباباته على طوال هذه الأيام، وقد سقط منه بعض الشهداء بسبب البلطجية واللصوص، هذه المهام الاستثنائية لا يجب أن تستنفد جهد الجيش، وليس عليه أن يستمع للأصوات التى تظهر فى وسائل الإعلام لتشجعه على البقاء لمدة أطول، فرغم أن قادة المجلس العسكرى قد حددوا الفترة بستة أشهر على وجه التحديد، إلا أن العديد من الأصوات منهم إعلاميون ورؤساء أحزاب تعلو لتزايد عليهم، بعضهم يدعوهم لقضاء عام على الأقل، وربما أكثر من ذلك، وهم بذلك يكلفون الجيش فوق طاقته، ويحولونه عن غرضه الأساسى، فليست مهمته أن يعمل بالسياسة، وليس مكانه أن يبقى فى الشارع، ولكن أن يعود إلى داخل الثكنات وإلى المواقع التى يتمكن فيها من حماية امن الوطن، إن ثوار 25 يناير يقدمون من خلال جهدهم حلا لهذه الأزمة علينا أن نتبناه جميعا، إزاء كل هذه الفوضى التى تعصف بالوطن، فإننا فى أمس الحاجة إلى حكومة مدنية، وفى حاجة للاستجابة للمطالب التى طرحتها الثورة، وهى مجلس رئاسى مكون من شخصية عامة، وشخصية قضائية وشخصية عسكرية، وفاء منا للدور الذى قام به الجيش فى حماية الثورة.
فالمدنيون وحدهم لهم القدرة على الحوار والتفاهم مع العديد من قطاعات الشعب التى ظلمت طويلا، وهى فى حاجة لمن يتفاهم معها دون أن يحمل سلاحا، لقد عانى العمال والموظفون طويلا من صلف النظام الماضى وغروره وتعاليه عن الاستماع إليهم، وبدلا من النظر إلى مطالبهم كان يرسل لهم الشرطة بعصيها ودروعها وقنابلها المسيلة للدموع، لم يعد هذا الأمر مقبولا، إننا نريد أن تتحاور كل طبقات الشعب وهى منزوعة السلاح، نريد تفاهما حضاريا دون قسر أو تهديد، ولن يقدر على فعل ذلك غير إدارة مدنية دون أن يخدش ذلك من كبريائها، وسيقوم هذا المجلس باختيار وزارة كفاءات من أبناء الشعب المصرى، لا يجب أن تقتصر على ذوى الخبرة فقط ولكن عليها أن تتسع للشباب فى العديد من مراكزها القيادية، فلا يعقل أن يبذلوا دماءهم من أجل التغيير، ثم يظفر غيرهم بالمناصب، كما أن وجودهم ضرورى ليبعثوا بدماء جديدة إلى قلب الوطن، لعله ينفض رداء الهرم والشيخوخة التى خيمت عليه طويلا نريد للروح الشابة أن تسرى فى عروق الإدارة المصرية.
وسوف يحل وجود المجلس الرئاسى أزمة ترقيع الدستور، فمع احترامنا للفقيه الدستورى الجليل طارق البشرى ومن معه، لا نريد لجنة معينة يتم قصر اختصاصها فى تعديل عدة مواد، وتحديد عملها فى عدة أيام، ولكننا نريد جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب، يشارك فيها المفكرون والقانونيون، وان يأخذوا الوقت الكافى لوضع دستور يناسب مصر المستقبل، وليس ترقيع أثر من مخلفات الماضى، فالدستور الجديد يجب أن يكون محصنا لا يتلاعب به الحاكم بل أن يردعه، وينص على استقلالية مؤسسات الدولة، ويؤكد على تداول السلطة، ولتحقيق هذه الغاية، لابد من وقت طويل لا يملكه الجيش المصرى الآن، فهو مقيد بالمدة التى حددها، ولكن مجلس الرئاسة ذى الأغلبية المدنية يمكن أن يتحمل هذا الأمر.
تبقى أهم المسائل وأكثرها حساسية، محاسبة جهاز الشرطة على جرائمه السابقة، إن أهالى الشهداء ولهم الحق فى ذلك يهددون باللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، فقضايا الإبادة واغتيال العزل جريمة ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم، ولا يمكن ولا يجب أن يفلت مرتكبوها من العقاب، علينا أن نقوم فى داخل مصر بإجراء عاجل حتى لا تتحول هذه القضية إلى قضية دولية، وتقدم حلا يرد حق الأهالى الثكلى على أبنائهم، ولا يجب كما يحاول البعض أن نساوى بين شهداء الوطن، وضحايا الشرطة، فالثوار العزل ماتوا غدرا وبدم بارد، بينما كان رجال الشرطة يحملون السلاح، وكان فى إمكانهم بقليل من الشجاعة أن يردوا البلطجية الذين كانوا يحاولون الثأر منهم، ولكنهم فضلوا الهرب، لقد رعى بعض رجال الشرطة هؤلاء البلطجية، واستخدموهم فى عملياتهم القذرة، من ترويع المواطنين إلى تزوير الانتخابات وتكسير عظام المعارضين، وكانت النتيجة أن انقلب عليهم هؤلاء البلطجية، لقد تحول العديد من أقسام الشرطة إلى أوكار للتعذيب، وكان حرقها هو الرد الطبيعى على جهاز أذلهم طويلا، يجب أن نحاسب هذا الجهاز قبل أن نسمح له بالنزول إلى شوارعنا مرة أخرى، ولن تتم هذه المحاسبة بدقة طالما كان وزير الداخلية واحد من سلك الشرطة، ولن تتم أيضا والجيش يمسك بزمام الأمور حتى لا يتهم بأنه يريد أن يأخذ ثأره من الشرطة التى تضخمت كثيرا على حسابه واستأثرت بمحبة النظام السابق، المجلس الرئاسى المدنى هو الذى سيكون قادرا على محاسبة هذا الجهاز وتفكيك البؤر الفاسدة فيه وإعادة بناؤه مرة أخرى، لا يجب أن يكون فى منصب وزير الداخلية واحد من قيادات الشرطة بعد ذلك، يجب أن يديره سياسى مدنى لا يخضع لإغراءات السلطة المطلقة، فهذا المنصب أهم من أن يتولاه شرطى مهما بلغت كفاءته، فقبل ثورة يوليو كان يتولى هذا الجهاز فؤاد سراج الدين وكان يحتل المرتبة الثانية فى الوفد بعد النحاس باشا مباشرة، وبعد الثورة تولاه جمال عبدالناصر شخصيا، ثم تولاه من بعده زكريا محيى الدين، انه جهاز أخطر من أن نتركه يدير نفسه بنفسه، وأخطر من نتركه يتضخم ويتوحش فى غيبة القانون الطبيعى ويرتكب الموبقات باسم قانون الطارئ.
نقول للجيش المصرى العظيم فى الختام، لقد أديت ما عليك، ولا داعى للانتظار هذه الأشهر الطويلة فوق أسفلت المدن، فالأمور بهذه الطريقة لن تستقيم، والمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات لن تتوقف، ونحن فى أمس الحاجة للعودة للمجتمع المدنى حتى نستطيع أن نتحاور ونتفاهم دون أن يكون فى أيدى أى منا سلاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.