انتقلت أجواء ثورة 25 يناير من ميدان التحرير إلى شارع شريف، وتحديدا بالعمارة رقم 2، حيث مقر نقابة الموسيقيين مع اختلاف الأهداف والتوجهات، ولكن بنفس الحماس والمبادئ تقريبا فطالب «الموسيقيون الثوار» مجلس النقابة بالعدالة والتغيير ومحاربة الفساد. حاول منير الوسيمى احتواء ثورة الموسيقيين واتخذ قرارات عبر مجلس إدارة النقابة لم يكن يتوقعها أحد، وأبرزها عودة كل المفصولين والمشطوبين إلى مجلس إدارة النقابة، وبينهم الدكتور أحمد أبوالمجد وحسين الشهداوى ومصطفى داغر والتنازل عن القضايا المتبادلة والعفو عن كل من له خصومة مع مجلس النقابة، وهو ما ضمن له أن يحتوى قادة الانقلاب، الذى بدأ منذ يوم الخميس الماضى مع التعهد بزيادة إعانات البطالة. بدأت ثورة الموسيقيين من على مقهى بشارع فيصل، حيث اعتادوا التجمع هناك ومع توقف كل مصادر دخل الموسيقيين من الأفراح والكازينوهات ومسارح المنوعات خاصة فى شارع الهرم سادت حالة من البطالة وساءت ظروفهم المعيشية فضلا عن أن معظمهم فقد آلاته الموسيقية عند هجوم عدد من المتشددين والبلطجية على الأماكن التى كانوا يعملون بها. وطالبوا النقابة بصرف إعانة بطالة وبالفعل قررت النقابه صرف مبلغ 150 جنيها لكل موسيقى أسبوعيا، ولكن فعليا لم يتم تطبيق القرار بالشكل الأمثل، حيث تم دفع الإعانة لعدد محدود، وبعدها أغلقت النقابة واختفى أعضاء المجلس المنتخب لمدة 14 يوما فقام عدد من الأعضاء بمساندة من كانوا مشطوبين وأحد أعضاء المجلس الحالى وبدعم من المطربين ناصر صقر وأحمد العيسوى باللجوء إلى القوات المسلحة بعد تحرير محاضر فى قسم عابدين والتقدم ببلاغ للنائب العام يشكون فيه النقيب والمجلس بسبب غلق النقابة. وطالبوا الجيش بتسليمهم النقابة، وهو ما تم بالفعل، وعقد المحتجون اجتماعا بحضور ثلث أعضاء مجلس الإدارة، على رأسهم حسن فكرى أمين الصندوق وقرروا تجميد عضوية منير الوسيمى وعاصم المناوى، وتوجه صباح السبت قوة من الجيش إلى مقر النقابة إلا أن النقيب سبق الجميع، وذهب وفتح مقر النقابة وتجمهر المئات أمام المبنى وهم يمسكون بمستندات تخص النقابة قيل إن الوسيمى يحاول التخلص منها حتى لا يتم مساءلته قانونيا عنها، وحصلت «الشروق» على بعض منها إلى جانب عدد كبير من كارنيهات الأعضاء كانت ملقاة فى الشارع، وسادت حالة من الخوف أسفل العمارة، التى يقع بها مقر النقابة مع سريان شائعة بأن الوسيمى معه بلطجية وأنه جاء للاعتداء على من يقترب من مقر النقابة. وهو ما تأكدنا من عدم صحته وصعدنا إلى مقر النقابه الذى كان عن آخره وداخل مكتب منير الوسيمى تجمع العشرات من الموسيقيين يقودهم المطربان أحمد العيسوى وناصر صقر والملحن نشأت لطفى، الذى دخل فى حالة من الصراخ الهستيرى ضد عاصم المناوى رئيس لجنة القيد والعمل متهما إياه بالسرقة والرشوة وسط هدوء المناوى. وأخذت الحالة فى السخونة داخل مكتب النقيب، وحاول بعض الأعضاء توجيه سباب وألفاظ نابية لمجلس النقابة، إلا أن منير الوسيمى استمع للنهاية ثم طلب الكلمة ولكن الجموع المحتشدة لم تسمح له بالكلام حتى تدخل أحمد العيسوى، الذى كان يمثل صوت العقل فى هذا الموقف وطلب من المحتجين اختيار مجموعة للحديث مع النقيب أو كتابة مطالبهم إلا أن المحتجين لم يرضوا أيضا وزادت حدة الاعتراضات. فأصدر الوسيمى عدة قرارات تليت على المحتجين، وكان منها تحويل الأعضاء المنتسبين إلى أعضاء عاملين لكل من مر على عضويته خمس سنوات. ثم منح كل موسيقى عدة جديدة بدلا من التى فقدت «آلة موسيقية حسب تخصصه»، وفتح الحجز فى المدينة السكنية بالسادس من أكتوبر مع دفع الإعانات والتعويضات بانتظام الفترة المقبلة وقبل أن يكمل الوسيمى قراراته، قاطعه المحتجون فى مكتبه صارخين «الكلام حلو عايزين أفعال»، واشتعلت الاحتجاجات من جديد، وعاد نشأت لطفى إلى توجيه الشتائم للمجلس، وكاد بعض المحتجين يشتبكون مع عدد من أنصار الوسيمى، وسادت حالة من الهرج والمرج داخل مكتب الوسيمى مع إلحاح الموسيقيين على اقتراح الوسيمى لحل أزمة توقفهم عن العمل. وفى هذه الأثناء قام وائل الطناحى عضو الجمعية العمومية بكتابة ورقة تتضمن مطالب المحتجين، وتمثلت فى استكمال صرف الإعانات وزيادة المبالغ المقررة بحد أدنى 500 بدلا من 150 جنيها وزيادة المعاشات ومراجعة جداول النقابة والأعضاء الجدد خلال السنوات العشر الأخيرة إلغاء رسوم الامتحانات فى التحويل من عضو منتسب إلى عضو عامل الحفاظ على كرامة الموسيقى من خلال تحديد أجره فى الأماكن، التى يعمل بها ومحاسبة جميع أماكن العمل على مخالفتها فى حق الموسيقى مع إلغاء ال«دى جى» أو إلزامه بتشغيل ستة من أعضاء النقابة فى كل حفل إلى جانب محاسبة الفاسدين فى مجلس النقابة. وبعد ذلك قام الوسيمى بالتوقيع على هذه المطالب وتعهد بتنفيذها، وبالرغم من ذلك لم تهدأ الاحتجاجات إلى أن تدخل ناصر صقر وأحمد العيسوى، وقاما بإخراج المحتجين من مكتب الوسيمى ليعقد مجلس طارئ لأعضاء مجلس النقابة، ومعهم ممثلون عن المحتجين وبالفعل خرج الجميع لينعقد مجلس الإدارة. وأثناء انعقاد المجلس قام المحتجون باستدعاء حسن شرارة أمين صندوق النقابة للمشاركة فى المجلس، وكان شرارة قد انضم لجبهة المعارضين للوسيمى منذ فترة وظل مع المحتجين طوال الأيام الماضية. وشهد الاجتماع أكثر من موقف غريب كان منها اقتحام إيهاب سالم قائد فرقة المطرب السورى باسل شحرور للمجلس، ومعه نشأت لطفى ووجها اتهامات للمجلس خصوصا لعاصم المناوى بأنه يجبره على دفع 15 ألف جنيه شهريا بدون الحصول على إيصالات رسمية، وأكد أنه تقدم ببلاغ للنائب العام كما انسحب أحمد العيسوى من الحضور لأنه شعر بحرج من وجوده فى الاجتماع وهو ليس عضوا بمجلس الإدارة. وطلب المسئول عن صرف الإعانة من المطرب ناصر صقر أن يقرضه مبلغ 5000 آلاف جنيه لاستكمال صرف الإعانات بعد أن نفدت السيولة الموجودة بخزينة النقابة فوافق صقر وعندما نزل إلى سيارته وجد زجاج النافذة مكسور وسرق منها مبلغ كبير. وأثناء انعقاد المجلس حضر لمقر النقابة كل من الدكتور أحمد أبوالمجد وحسين الشهداوى وكانا موجودين طوال الأيام الماضية أمام المبنى، الذى يقع به مقر النقابة لأنهما ممنوعان من دخول النقابة. وحدثت مشادة حامية بين موسيقيين من الأقاليم والاسكندرية من ناحية وموسيقيين من القاهرة وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدى وتبادل الشتائم بسبب الانقسام حول ما يقوم به منير الوسيمى. وبعد أكثر من ساعة خرج المجلس على الموسيقيين بعدد من القرارات، وجاء أهم ما فيها تكليف منير الوسيمى بصفته نقيب الموسيقيين بمخاطبة وزير المالية لسرعة اتخاذ الإجراءات المتعلقة بصرف التعويضات للموسيقيين. كما وافق المجلس على تنفيذ الحكم القاضى الصادر لصالح أحمد أبوالمجد وحسين الشهداوى والقاضى بعودتهما لعضوية مجلس النقابة، وتقرر فتح مقر النقابة العامة وفروعها بكل الاقاليم والعودة لتقديم جميع الخدمات للأعضاء إعمالا بقرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وقررالمجلس أيضا التنازل عن كل القضايا المرفوعة ضد كل من أحمد رمضان وأحمد أبوالمجد وحسين الشهداوى. وقال الوسيمى ل «الشروق»: شعرت أن هناك من يحاول الانقلاب على الشرعية والبعض يحاول إثارة الفتنة داخل النقابة لدرجة الترويج فى وسائل الإعلام بأنهم أسقطوا عضويتى أنا وعاصم المناوى، وهذا أكبر خطأ لأننى حصلت على مقعد النقيب عبر انتخابات نزيهة من خلال الحمعية العمومية، ولن يستطيع أحد أن يبعدنى عنه سوى الجمعية العمومية. وأكد كذلك أنه غير متمسك بهذا المنصب، وأضاف: لكنه يمنحنى الفرصة لأداء خدمة للموسيقيين، ولذلك قررت أن نتخذ قرارات حاسمة لنزع فتيل الفتنة وإعادة كل المفصولين من المجلس، وأن نبدأ معهم صفحة جديدة، وسأحاول أن أنفذ للموسيقيين كل ما طلبوه لأنها حقوقهم وسأبذل كل جهدى مع وزير المالية لأحصل على تعويضات مناسبة. وتابع الوسيمى: البلد يمر بظروف صعبة، ولابد أن نقدر ذلك، والموسيقيون يمرون بظروف صعبة جدا، وكل أبواب الرزق أغلقت أمامهم، وسأحاول فتح صفحة جديدة مع الجميع وادعو الجميع إلى العمل من أجل النقابة ونسيان الماضى. وأوضح نقيب الموسيقيين أن الأعضاء الذين تم تصعيدهم سيستمرون داخل المجلس بشكل شرفى، وهم وافقوا على ذلك، أما بالنسبة للأوراق والمستندات التى عثر عليها فى الشارع فلست المسئول عنها وإنما حدثت محاولة لاقتحام مقر النقابة من بعض الأفراد فى ساعة غضب، وحاولوا الاستيلاء على بعض المستندات وأعتقد أنها غير مهمة.. أما موضوع البلطجية الذين أشاعوا أننى استعنت بهم فكما رأيت لا يوجد إلا الموسيقيون، وجميعهم يعرفون بعضهم جيدا سواء من القاهرة أو من الأقاليم وأرجوا أن أشيد بالأقاليم لأنهم ممثلون عن 15 فرعا للنقابة حضروا اليوم دفاعا عن شرعية المجلس المنتخب والنقيب المنتخب. ورغم هذه الأحداث التى تمر بها النقابة غاب كل نجوم الوسط الموسيقى، وتصدر المشهد مطربو الغناء الشعبى وقادة الفرق الموسيقية فى شارع الهرم، وهو ما يفسر الغياب المستمر للنجوم من مجلس إدارة النقابة، حيث نادى الكثير من الموسيقيين أن يقوم المطربون أصحاب الملايين بالتبرع للنقابة ومساندة زملائهم الفقراء الذين يعانون ظروفا معيشية صعبة، وتعهد المحتجون بالعودة إلى مقر النقابة مرة أخرى ومواصلة الاحتجاجات إذا لم يصل الوسيمى إلى حل سريع مع وزير المالية.