هل تابعتم ما عرضه التليفزيون التونسى عن أموال وكنوز الرئيس التونسى المخلوع؟ فى عرف من تكون البئر معطلة والقصر مشيدا؟ فى عرف من تكون الأموال بالملايين فى قصور الرئاسة ويكون بوعزيزى بلا عمل أو مال؟ هذا فساد. لا جديد فى ذلك. ولكننا لا نريد لذلك أن يحدث فى بلدنا. ولكن كيف؟ أولا وعلى نحو عاجل لا بد من أن تقوم الأجهزة الرقابية بالتحقيق فورا فى أملاك الرئيس مبارك وكل أسرته وكل من استفاد من وجود هؤلاء فى مناصبهم. وثانيا نريد قانونا معاصرا لاجتثاث الفساد من جذوره. ولنتذكر الأمر الرئاسى رقم 11222 لعام 1965 الموقع من الرئيس الأمريكى ليندن جونسون والذى يقضى بأنه «يَحرُم على أى موظف عام أن يتصرف على نحو يؤدى إلى أو يخلق الانطباع (create the appearance of) بأنه أو أيًا من ذويه أو أى شخص ينتسب إليه بصفة خاصة (مثل الصداقة) يستغل المنصب العام لاكتناز أموال أو لتحقيق مصلحة شخصية أو أنه يعطى أى معاملة تفضيلية لأى منظمة أو شخص، أو أنه يعيق كفاءة العمل الحكومى أو اقتصاد الدولة، أو اتخاذ قرارات حكومية خارج الإطار الرسمى للدولة، أو ينال من ثقة المواطنين فى نزاهة جهاز العمل الحكومى». وغير ذلك كثير. أى أنه يمكن أن يحاسب المسئول فى الولاياتالمتحدة مثلا ليس لأنه أو أى قريب أو صديق له استغل منصبه ولكن لأنه أعطى انطباعا، حتى لو كان على غير أساس، أنه استغل منصبه، لأن ذلك يخلق ثقافة تبرر الفساد للآخرين على أساس معلومة كاذبة أن فلانا استغل منصبه لتحقيق مصالح خاصة. ومع هذا تظل المهمة الملحة: من يعيد للمصريين أموالهم؟ هل الحكومة الحالية أو المجلس العسكرى اتخذ أى إجراء من شأنه أن يفتح ملف أموال الرئيس المخلوع وأسرته والمحيطين بهم؟ وطالما أن الإجابة لم تزل غامضة، إذن سيكون من الصعب أن نلوم الشباب الثائر والمتظاهر إذا استمرت ثورتهم وتظاهراتهم. هم متحمسون لاستمرار التظاهر لحين محاكمة (وليس فقط إزاحة) كل الفاسدين والمفسدين والمستفيدين من الحزب الوطنى طوال الثلاثين عاما الماضية. إن البيئة الحاضنة للفساد لم تزل قائمة، ولا بد من تفكيكها. والتفكيك يتطلب الإعلان الواضح والصريح عن ممتلكات الأسرة الحاكمة السابقة. إن أموال هؤلاء ما كانت لتتراكم إلا لأن هناك شبابا وموظفين وعمالا كان لهم نصيب من الناتج القومى أخذ منهم. هل تريدون وقف الاعتصامات والمظاهرات السياسية والفئوية؟ افتحوا ملف الفساد كاملا وبلا مواربة.