حينما تتخلى الأغلبية الصامتة عن صمتها، يُكتب لها الحياة. فكما يقول المثل: " احرص على الموت، توهب لك الحياة ". وحينما تتخلى الأغلبية الصامتة عن صمتها، يكون بوسعها فعل الكثير. لقد تحركت الجماهير التونسية الغاضبة، بعد طول صمت، دام لأكثر من 23 عاما، فاستطاعت بتحركها أن تزلزل الأرض تحت أقدام النظام الغاشم الذي ظل يحكمها بالحديد والنار. حينما تخلت الأغلبية الصامتة عن خوفها، وأرادت أن يصل صوتها الغاضب لأغلى مستوى، استطاعت ذلك، وانتقلت عدوى الخوف إلى خصومها! من المفارقات أن ينقسم الوطن إلى خصمين: حاكم ومحكوم، بدلا من أن يكونا لونين في نسيج واحد. لقد كان من الواجب أن يتحدد هدفا قوميا، يجمع جميع أفراد الأمة، ويصهرها في بوتقة واحدة حتى تستطيع تحقيقه! ولكن العكس كان هو النموذج السائد!! عموما، من أراد أن يتعرف على مزيد من تجارب تخلي الأغلبيات الصامتة عن خوفها، فلينظر إلى التاريخ ... فمن الأمثلة الحديثة، حينما أطلقت امرأة عجوز من رومانيا - قبيل إسقاط نظام الرئيس شاوسيسكو - كلمة حق في وجه ترسانة الأمن التي حاولت قتلها، حينما قالت لهم: إن تقتلونني، فهناك الآلاف من ورائي الذين لن تستطيعوا قتلهم. في ذلك الوقت لم تستطع قوى الأمن أن تفعل لها شيئا!! واستطاعت الجماهير الصامتة، التي امتلأت غضبا، إسقاط النظام. من هنا تكمن قوة الأغلبية الصامتة. من هنا يتجلى سر تحرك الأغلبية الصامتة. إذا تخلت الأغلبية الصامتة عن صمتها، وتحركت الجماهير الغاضبة معا، بحيث كانت على قلب رجل واحد، فلابد من استجابة النظم الحاكمة لهم. إما إذا تحرك كل فرد في اتجاه، فلن يكون هناك أدنى تأثير لهذه الحركات!!