6 ساعات تحد قضاها المتظاهرون عقب انتهاء صلاة جمعة أمس الأول، بعد أن خرجت الحشود المليونية، من ساحة مسجد القائد إبراهيم وسط الإسكندرية، فى مسيرات حاشدة فى أعقاب خطاب الرئيس والذى أثار حفيظتهم من جديد.. ليضعوا عنوانا لتلك التظاهرة المليونية وهو التحدى بالاعتصام أمام القصر الرئاسى بمنطقة رأس التين والذى غادر منه الملك فاروق البلاد عام 54 فى مشهد لايزال يذكره التاريخ. صلاة المغرب بقصر رأس التين إنها دقات السادسة مساء.. الملايين يؤدون صلاة المغرب.. لا يستطيع احد أن يفرق بين الرجال والنساء الكل خاشع فى سجوده يدعى الله النصر، الإمام ينهى صلاته.. لتذيع مكبرات الصوت عبر «جهاز راديو» محمول على الهواء مباشرة.. الخبر الذى وقع على مسامع الملايين ممن احتشدوا أمام القصر والذى أحاط به عشرات الدبابات المدعومة بالأسلاك الشائكة للإحالة دون اقتراب المتظاهرين من القصر. الملايين سجدوا لله شكرا الجميع ساجد لله شكرا.. يرددون عبارات «الحمد لله لقد تحررنا، وشباب مصر.. جاب النصر، ومن النهارده ما فيش فساد.. ما فيش رشوة.. ما فيش صمت»، الجميع أصبح يعرف مكان ميدان التحرير وكل ميادين مصر.. الكل يتبادل التهانى والمصافحات يعانق بعضهم البعض.. وسط زغاريد السيدات والتى ملأ صداها الكون ليصطدم بأصوات الألعاب النارية والشماريخ. فرحة النصر.. بالخروج من القصر الأعلام ترفرف فى سماء عروس البحر الأبيض المتوسط، فرحة ما بعدها فرحة.. الجميع لا يفكر سوى فى أن يعيش لحظات سعيدة بعد غياب طال 30 عاما فى ظل حكم استبدادى حسب ما يردده الشعب «الحمد لله لقد حررتنا ثورة الشباب.. أبناء الوطن أصحاب العزة والكرامة» والجميع يردد الأغانى الوطنية والتى أعادت إلى الأذهان نصر أكتوبر المجيد ولحظات العبور، فرحين بنصر الخروج من القصر. اقروا الفاتحة لأبو العباس المصراوية أجدع ناس الجميع «أطفال وشباب وكهول»، يرددون عبارات سيسطرها التاريخ منها «كلنا إيد واحدة كلنا مع بعض، ودلعو يا دلعو النظام شعبه خلعو، ومصر يأم ولادك أهم دول عشانك شالو الهم، والشعب خلاص اسقط النظام، واقروا الفاتحة لأبو العباس المصراويه.. اجدع ناس، ورحل العادلى والداخلية.. والشعب اسقط نظام الحرامية، وجيشنا يا جيشنا جبنا النصر.. وحسنى أصبح بره القصر، وكل الشعب قالها قوية.. وقدر يحصل على الحرية». شهداء الثورة ووالدة «خالد سعيد» فى مشهد مؤثر.. ظهرت والدة خالد سعيد «شهيد التعذيب» إلى جوار أهالى شهداء الثورة ممن يرتدون الملابس السوداء.. ورغم ما بداخلهم من حزن إلا أن علامات الفرحة برحيل النظام الفاسد غلب على تلك الأحزان.. يتبادل التهانى.. مؤكدين استمرار ملاحقة الفاسدين، وجميعهم يسعى من جديد لإزالة اللافتات التى كانت تحمل اسم الرئيس واستبدالها بلافتات شهداء الثورة، مسطرين بها عبارات «يا شهيد ارتاح ارتاح.. خلصنا من النظام السفاح». زفاف «أفراح» ليلة الثورة العديد من الشباب عكف على عقد قرانه والاحتفال بزفافه فى تلك الليلة، وكأنهم يتوقعون قدوم عهد الحرية برحيل الرئيس ونظامه.. ليبدأوا حياة جديدة منذ ذلك التاريخ.. كثير من حفلات الزفاف تمر بطريق الكورنيش.. الكل يهنئهم بالنصر من ناحية وبزفافهم الذى سيذكره التاريخ من ناحية أخرى. الجيش والشعب.. إيد واحدة «الجيش والشعب إيد واحدة»، هذه العبارات طبقت أمس على ارض الواقع.. الثوار يعانقون ضباط الجيش.. يبحثون عنهم فى كل مكان.. وضباط الجيش بدورهم شاركوا الشعب فرحته بإشارات النصر.. الدبابات لم تكد عدسات الكاميرات تراها من كثرة المعتلين عليها رغبة فى التقاط الصور التذكارية.. فى مشهد تاريخى يسطره الزمان.. فهو لن يتكرر.. من هنا ورايح الجميع يعلم حقوقه وواجباته. شيكولاتات وعصائر فرحاً بالحرية أصحاب المحال التجارية راحوا يسارعون فى توزيع العصائر وقطع الحلوى والجاتوهات على المحتفلين فى الشوارع ممن غمرت الفرحة أعينهم فى مشهد تاريخى لم تشهد.. مصر من قبل.. الكل نزل إلى الشوارع فرحا بالحرية والنصر المبين والذى انتظروه كثيرا. «تريلا وتوك توك» فى الممنوع لا احد يفكر فى شيء.. النصر وحده سيطر على العقول.. لأول مرة تطأ عجلات سيارات «التريلا والتوك توك» طريق الجيش «الكورنيش».. مئات الأفراد يعتلون «تريلا» ضخمة طولها يزيد على 10 أمتار.. كبينتها تحمل بداخلها قرابة 20 طفلا.. لا احد يشعر بالزحام.. إنها الفرحة.