كما هو الحال فى أغلب الاحتجاجات والتظاهرات تظهر أزمات فى البنزين والمواد الغذائية وفى رغيف الخبز لذلك لم يكن أمرا يدعو للدهشة أن يحدث ذلك خلال الفترة الاحتجاجية التى تشهدها مصر، والتى بدأت منذ الخامس والعشرين من شهر يناير الماضى، والتى اعتبرها كثير من المراقبين أنها أزمة طبيعية شهدت كالعادة ارتفاعات فى أسعار السلع ليست بالكبيرة سرعان ما عاودت الاستقرار بالإضافة إلى حدوث نقص فى المعروض من بعضها مثل المكرونة والدقيق والأرز نتيجة تكالب المستهلكين على شراء كميات من المواد الغذائية وتخزينها فى وقت غابت فيه الحكومة والأمن عن ضبط الأسواق خاصة أن كثيرا من تلك الظواهر ليست بجديدة على المجتمع المصرى ولا ترتبط باحتجاج أو ثورة. ونتيجة لذلك أعيد للمشهد المصرى طوابير الخبز الطويلة، التى لم تقتصر على أفران ومنافذ بيع الرغيف المدعم، ولكن انتقلت إلى أفران العيش المحسن الحر، الذى يباع بأسعار تتراوح ما بين ربع ونصف جنيه، وقد شهدت بعض الأحياء الراقية مثل الزمالك ومدينة نصر والمهندسين بيع الرغيف ب75 قرشا. المخزون يكفى شهرًا كان الزحام شديدا على أحد فروع البيع بمحال الجملة حتى إنه اصطف طابور للنساء وآخر للرجال ومسئول الأمن بالمحل كان لا يسمح بدخول أى من الواقفين بالصف إلا بعد خروج واحد من المشترين. نعم فروعنا تشهد زحاما شديدا على الأبواب لكن السبب لا يكمن فى نقص السلع المعروضة ولكن فى تمديد حظر التجوال، الذى لا يترك للمواطن إلا ساعات محدودة يكون مضطرا فيها إلى شراء احتياجاته من السلع الغذائية بحسب صبرى عبدالواحد مدير عام محال «المحمل»، مشيرا إلى أن الشركات الموردة أغلقت أبوابها، واعتبرت نفسها فى إجازة مفتوحة وامتنعت عن التوريد خوفا من أن تتعرض مصانعها للنهب والتخريب من قبل بعض البلطجية، بالإضافة إلى أن أغلب مصانع المواد الغذائية تقع فى المدن الجديدة ويصعب معها النقل إلى محال التجزئة فى ظل هذه الظروف، ويؤكد صبرى أن الفروع الخاصة بهم لا تشهد سوى نقص فى السلع المبردة والطازجة مثل اللحوم والدواجن «والبانيهات» والأسماك إلى جانب بعض أنواع من الأجبان، ويشير إلى أن تلبية الطلب على السلع تأتى مما هو متوافر من المخازن، لافتا إلى أن المخزون يغطى الطلب لمدة شهر، وقال عبدالواحد إن محال بيع الجملة لا تلجأ فى العادة إلى السحب من المخازن لتعويض النقص من المعروض إلا فى حالات الضرورة أو الطوارئ، كما يحدث الآن ويؤكد أن حظر البيع لمدة 18 ساعة يوميا يسبب خسائر للتجار، ويرى أنه كان يجب أن تستثنى محال بيع السلع الغذائية من قرار الحظر. الإقبال أكثر على الزيت والسكر فى أحد محال المينى ماركت بأحد الأحياء الراقية كانت بعض الرفوف شبه خالية من البضائع برر ذلك محمد سمير مدير المكان بأن مستهلكى الحى يشترون كميات من السلع بالكرتونة أو «الباكيت»، موضحا أن هناك نقصا لديه فى أنواع مثل المكرونة والسكر والزيت والخبز والدقيق بعد أن امتنع الموردون عن الرد على الهاتف لتلبية طلباتنا، مشيرا إلى أنه يفتح أبواب محله للمشترين لمدة ساعتين فقط فى اليوم، ورغم ذلك فإن حصيلة بيع هاتين الساعتين توازى حصيلة اليوم بأكمله، ويؤكد سمير أن أغلب السلع لم تشهد زيادة فى الأسعار باستثناء بعض عبوات من اللحوم المجمدة ودواجن، والتى زادت بمقدار جنيه فقط لعبوة وزنها 400 جرام، لكنه أشار إلى أنه قد يضطر لرفع أسعار بعض السلع فى حالة زيادتها من قبل المورد. من جهة أخرى، أكدت نهى بكر طالبة أن أسعار كروت شحن التليفون المحمول زادت أسعارها مؤخرا ليباع الكارت، الذى قيمته 10 جنيهات ب15 جنيها بزيادة 50% مرة واحدة، موضحة أن الأمر لم يعد يقتصر على زيادة الأسعار فقط، ولكن على صعوبة الحصول على الكروت بعد أن كانت تباع فى كل مكان. استغلال التجار التجار بدأوا فى استغلال الأزمة وقاموا برفع الأسعار فى محافظة الإسكندرية بدون داعٍ لقد وصلت أسعار الطماطم على سبيل المثال إلى 7جنيهات والبطاطس إلى 10 جنيهات، لكن منذ يوم الثلاثاء الماضى بدأت الأسعار تعاود الانخفاض وفقا لما ذكره جمال زقزوق رئيس جمعية حماية المستهلك بالإسكندرية، مشيرا إلى أن المشكلة ما زالت فى طوابير الخبز خاصة بعد أن توقفت بعض الأفران عن عملها نتيجة أزمة نقل أنابيب البوتجاز خشية أن تستخدم فى أغراض أخرى خاصة بظروف الاحتجاجات، وقال إن اللجان الشعبية ترفض السماح بمرور ونقل هذه الأنابيب، لافتا إلى أن بعض الأسر لا تحصل على ما يكفيها من الخبز، وأكد دور شباب هذه اللجان فى التصدى لأصحاب المحال الذين يغالون فى أسعار المواد الغذائية، وأكد زقزوق دور جمعيات حماية المستهلك فى توعية المستهلكين بعدم التكالب على شراء المواد الغذائية وترشيد الاستهلاك خلال تلك المرحلة حتى لا يحدث نقص فى المعروض. وفى محافظة دمياط يشير أحمد والى مدير غرفة تجارة دمياط إلى أن السلع تتوافر بشكل عادى فى المدينة لأن دمياط لا يطبق عليها قرار حظر التجول، وقال إن أغلب الموردين يلبون احتياجات تجار التجزئة من المواد الغذائية، مؤكدا أن الأزمة الحقيقية فى رغيف الخبز رغم صرف حصص الدقيق المقررة فإن الأفران لا تعمل بكامل طاقتها نتيجة استعانة هذه المخابز بعمالة من خارج المحافظة لا تلتزم بالعمل طوال الوقت. وعن دور قطاع التجارة الداخلية فى الرقابة على الأسواق ومتابعة توفير السلع للمستهلكين أكد اللواء محمد أبوشادى رئيس قطاع التجارة الداخلية أنهم طالبوا الغرف التجارية واتحاد الغرف بضرورة قيام الشعب التجارية بدور وطنى بالالتزام بعدم رفع أسعار السلع واستغلال المواطنين فى ظل الظروف الحالية، مشيرا إلى أن أرصدة المواد الغذائية المتوافرة لدى القطاع العام والخاص تكفى لأكثر من 10 أيام، لافتا إلى أن المجمعات الاستهلاكية تعمل بكامل طتاقتها فى توفير السلع، وكذلك شركتا الجملة والتوزيع، وقال إن لدى قطاع التجارة الداخلية غرفة عمل لتلقى شكاوى التجار والمستهلكين تعمل طوال اليوم وأن أى مشكلة تواجه المستهلك سوف يتولى القطاع إبلاغ الشركة القابضة للصناعات الغذائية وكذلك الغرف التجارية باستكمال نقص السلع وأوضح أبوشادى أن المشكلة فى التصريح بنقل البضائع، مؤكدا أن اتفاقا تم مع القوات المسلحة بتأمين أساطيل النقل للسلع والمواد الغذائية.