قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن مبارك كان يمكنه إصدار قرارات سيادية جمهورية بحل مجلس الشعب وتشكيل جمعية وطنية لإعداد دستور جديد للبلاد، إذا كانت لديه الرغبة الأكيدة للتغيير والاستجابة لمطالب المتظاهرين فى ميدان التحرير. وأضاف الجمل ل«الشروق»: هناك قاعدة قانونية معروفة هى «أن كل ما بنى على باطل فهو باطل» وبتطبيقها على الأوضاع الحالية لا يمكن قبول تكليف مجلس الشعب ذى الأغلبية المطعون فى شرعية عضويتها بتعديل الدستور، لأن هؤلاء النواب حصلوا على عضوية المجلس بناء على استشكالات أمام محاكم مدنية لوقف تنفيذ أحكام بطلان الانتخابات، وهذه الاستشكالات باطلة ومعدومة الأثر وفق مبادئ المحكمة الدستورية العليا. واستطرد أن مبارك فى خطابيه الأخيرين كلف الحكومة ونائب الرئيس ومجلس الشعب بتنفيذ بعض مطالب المتظاهرين «بشكل روتينى لا يتناسب مع الظروف الحالية التى ولدت فيها شرعية ثورية جديدة تقتضى معالجة ثورية غير تقليدية للأوضاع القائمة، حيث يتيح الدستور للرئيس مبارك إصدار قرارات جمهورية بإعادة العمل بالقوانين التى عطلتها الحكومة السابقة مثل قوانين التموين والتسعير الجبرى ومنع الغش والتدليس والحد الأدنى للأجور». وأشار إلى أن تصريحات فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، بأنه سيحترم تقارير محكمة النقض بشأن بطلان عضوية بعض النواب، تدل على عدم اعتداده أو احترامه لأحكام مجلس الدولة، لأن أحكام القضاء الإدارى والإدارية العليا ببطلان الانتخابات فى العديد من الدوائر يجب أن تحترم ولها أولوية التنفيذ وإعمال الأثر بدون انتظار تقارير محكمة النقض. ورجح الجمل أن سرور يسعى لكسب الوقت لتهدئة الأوضاع فى انتظار هبوط أسهم الثورة الشعبية، عندما صرح بأن مجلس الشعب سيعدل المادتين 76 و77 من الدستور فى شهرين ونصف الشهر، وبعد مرور هذه الفترة يكون لكل حادث حديث. وشدد الجمل على «استحالة إنجاز جميع الوعود التى قطعها الرئيس مبارك على نفسه فى خطابه الأخير خلال الفترة الباقية من حكمه، إذا اتبع الطريق الروتينى التقليدى فى تنفيذها، بتمريرها على مجلسى الشعب والشورى المطعون فى شرعيتهما أصلا، والمطلوب تغييرهما بأسرع وقت». ويرى الجمل ضرورة إعداد دستور جديد لمصر وعدم الاقتصار على تعديل المادتين 76 و77 لأن المادة 88 أهم منهما باعتبارها المنظمة للإشراف القضائى على الانتخابات، كما يوجد عدد كبير من المواد التى ترسخ شمولية الحكم واستحواذ الرئيس على أكبر قدر من السلطات، بينما تتطلب الشرعية الثورية الجديدة إقامة جمهورية برلمانية دستورية توزع اختصاصات الرئيس على الوزراء والمحافظين وتضمن لا مركزية النظام. من جهته قال المستشار عادل فرغلى، الرئيس السابق لمحاكم القضاء الإدارى، إن أحكام القضاء الإدارى نزعت الشرعية من مجلس الشعب الحالى، وأن أى تصريح عن انتظار تقارير النقض عن بطلان العضوية يدل على الرغبة فى المماطلة وعدم إحداث أى تغيير حقيقى فورى. وقالت مصادر قضائية رفيعة بالمحكمة الإدارية العليا إن أى حديث عن انتظار تقارير محكمة النقض لتعديل عضوية مجلس الشعب ثم تعديل الدستور «هو لتضييع الوقت» لأن أحكام محكمتى القضاء الإدارى والإدارية العليا جاهزة ولا لبس فيها ولا يجوز تجاهلها، وإذا كان النظام لديه رغبة حقيقية فى التغيير لكان قد نفذها بدلا من التسويف لانتظار تقارير «النقض». وأوضحت المصادر أن محكمة النقض تستغرق شهورا طويلة فى إعداد تقرير واحد للطعن على الانتخابات، لأن التقرير هو تحقيق كامل فى ملابسات العملية الانتخابية وليس مجرد مطالعة أوراق، لأن أسانيد الطعن لا تقتصر على الأسباب القانونية بل تمتد لعمليات إغلاق اللجان وتسويد البطاقات، مما يتطلب وقتا طويلا لإعداد تقرير واحد. وأضافت المصادر أنه لا يجوز انتظار تقرير محكمة النقض لفحص عضوية نائب دخل الانتخابات من الأصل بالمخالفة للقانون، فمثلا هناك عدد كبير من النواب صدرت أحكام ببطلان الانتخابات فى دوائرهم بسبب افتقادهم الشروط الأساسية للترشيح أو ترشحهم على مقاعد العمال والفلاحين رغم أنهم حملة مؤهلات عليا. وأكد القضاة أن الحل الوحيد لتشكيل برلمان صحيح العضوية هو حل مجلس الشعب القائم لأن أحكام مجلس الدولة تضمن بطلان عضوية 188 نائبا مما يمنع اكتمال النصاب القانونى للمجلس.