نائب بالشيوخ: الانتخابات البرلمانية محطة حاسمة في مسار البناء الوطني    وزيرة التنمية المحلية: انتهاء استعدادات محافظات المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025    غرفتا الإسكندرية وبورسعيد التجاريتان تبحثان سبل التنمية الاقتصادية في المحافظتين    سعر مواد البناء مساء اليوم 23-11-2025    وزير دفاع الاحتلال: لن نسمح بالعودة إلى واقع ما قبل 7 أكتوبر 2023    إقالات بالجملة تطال قيادات في الجيش الإسرائيلي    النائب محمد رزق يعلق على التحركات الأمريكية لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية أجنبية    رئيس البرازيل يعرب عن قلقه من الوجود العسكري الأمريكي في البحر الكاريبي    رؤية مصر .. وإعمار غزة    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتعادل مع لوريان في الدوري الفرنسي    جامعة دمنهور تحصد 12 ميدالية في بارالمبياد الجامعات المصرية بالإسكندرية تحت شعار "أنت الحياة"    هل كان السبت الممتاز..حقًا؟    الطقس غدًا.. شبورة كثيفة على الطرق وتوقعات بهطول أمطار فى الإسكندرية    مصرع شخص وإصابة 4 آخرين إثر انقلاب سيارة ملاكي بطريق الخارجة - أسيوط    فيفي عبده تكشف تفاصيل دورها في "خلي بالك من مراتك"|خاص    تامر عبد المنعم: انزل وشارك صوتك بيفرق فى انتخابات مجلس النواب    «مسعود شومان»: سيناء كنز إبداعي يحتاج إلى رعاية واستثمار ثقافي واع    هل يجوز جمع الصلاة مع أخرى بسبب الدروس؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ بورسعيد: عمليات على مدار الساعة خلال يومي الانتخابات    نائب رئيس حزب المؤتمر: مشاركة المواطنين في انتخابات النواب 2025 واجب وطني    المستشارة أمل عمار تدلي بصوتها في انتخابات مجلس النواب 2025 غدا    أستراليا: الإعصار فينا يتجاوز داروين ويتحرك إلى بحر تيمور    شيرين عبد الوهاب: لن أعتزل أنا قوية    مخرج «الحياة بعد سهام» نمير عبد المسيح: صنعت الفيلم لحاجتي الماسة إلى الحكي عن علاقتي بأبي وأمي    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري مساء اليوم    الصحة: بنها التخصصي للأطفال ينجح في إنقاذ طفلين من جرح قطعي بالرقبة ومسمار دباسة بالبطن    ضبط سائق ميكروباص خالف الحمولة القانونية بعد تداول فيديو بالفيوم    عودة النصر للسيارات.. انطلاقة صناعية جديدة تقودها الربحية والتطوير الشامل    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    الصحة العالمية تكرم الزميلة أمل علام لفوزها بجائزة AMR Media    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    الجونة يتقدم على الاتحاد السكندري بهدف في الشوط الأول    تأجيل محاكمة 17 متهما بخلية العجوزة    تشكيل إنتر ميلان ضد ميلان المتوقع في قمة الدوري الإيطالي    فيديو.. إكسترا نيوز: تكدس غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح البري    بأمر النائب العام.. متابعة حالة الطفلة حور ضحية التنمر    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    إنشاء محطة لتموين قاطرات قناة السويس بالغاز الطبيعي المسال    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    أغنية إيطالية عن "توت عنخ آمون" تشعل المنصات وتعيد وهج الحضارة المصرية للعالم    الشروط والمستندات.. وظائف مشروع الضبعة النووي برواتب تصل ل45 ألف جنيه    وزارة الصحة: لقاح الأنفلونزا هام لكبار السن لحمايتهم من العدوى    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    تحصين 94,406 رأس ماشية عبر 1,288 فرقة بيطرية خلال 4 أسابيع بأسيوط    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هى دومينو تونسية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 01 - 2011

تخلصت تونس المحررة من وزارة الإعلام وهى فى الحقيقة وزارة الرقابة. ويوحى مشهد الهدوء الذى يواجهك فى المطار، أنها استغنت أيضا تقريبا عن معظم القيود على الزيارات السريعة. وهذه الأيام مترعة بالنشوة فى الدولة الديمقراطية الضعيفة البازغة فى العالم العربى.
قبل 54 عاما، ولدت هنا «جمهورية مستقلة». ومنذ ذلك الحين لم تشهد سوى رئيسين، كلاهما سيطر على البلاد بقبضة حديدية، ولم يتركها أى منهما طواعية. ومن ثم يمكن تفهم حالة الدوار التى أصابت التونسيين عندما وجدوا أنفسهم من دون الرجل القوى، يتمتعون بحرية التعبير.
وخلال عشر دقائق انتقلت من المطار إلى وسط المدينة. ووقفت الدبابات عند مدخل طريق بورقيبة (الذى يطلق عليه شانزليزيه تونس) حيث كانت عدة مئات من المتظاهرين قد تجمعت لمهاجمة حزب الديكتاتور المخلوع حزب التجمع الدستورى الديمقراطى، الذى هو ليس دستوريا ولا ديمقراطيا ومطالبة هذا الحزب ذى التسمية الخاطئة بالابتعاد عن الحكومة.
وتحدث معى اثنان من معلمى المدارس الثانوية، أحدهما يدرس اللغة الفرنسية والآخر الإنجليزية، وكانت رسالتهما واحدة: على اللصوص أن يرحلوا، فالدماء لم تنزف كى نتحمل نفس الوزراء. وعلا شعار يستخدم عبارة فرنسية ضد الحزب المكروه «خبز وماء، والتجمع لا!».
وكان الجو هادئا، فى حين يقف أفراد الشرطة حاملى الهراوات يتابعون من بعيد، بيد أن التوترات السياسية حادة. وتسعى السلطات المؤقتة، برئاسة محمد الغنوشى المحتفظ بمنصبه، لاكتساب مصداقية متعهدة «بتغيير نظيف» وإجراء تحقيقات قى الثروة الهائلة التى جمعتها أسرة بن على. وأبدت الشرطة ضبطا جديدا للنفس، كما تراجع حظر التجول، وتعمل الصحافة فى حرية، بينما انهمك فريق الغنوشى، فيما هو معتاد من اندفاع ما بعد الثورة إلى اكتساب مظهر جديد.
وربما لا يكون ذلك لائقا، بيد أن هناك أمورا كثيرة على المحك. وإذا استطاعت تونس أن تصبح تركيا العالم العربى، بمعنى دولة ديمقراطية فاعلة يكون فيها التيار الإسلامى جزءا من التنوع الانتخابى، بدلا من أن يشكل تهديدا له؛ سوف يتضح أن الذريعة المبتذلة التى يستخدمها الطغاة العرب، وهى أنهم حائط الصد الوحيد ضد الجهاديين، كذبة لحماية الذات.
ولا عجب أن يفقد الزعيم الليبى معمر القذافى رشده، فيهذى بكلام عن الثورة البلشفية والثورة الأمريكية فى شوارع تونس. ولا عجب أن يرتفع مستوى القلق فى مصر، حيث يكتب محمد البرادعى، الفائز البارز بجائزة نوبل والعامل المحتمل لتغيير اللعبة، على موقع تويتر عن درس تونس: «على النظام أن يفهم أن التغيير السلمى هو السبيل الوحيد لتجنب ما لا يحمد عقباه».
وأعتقد أن الرئيس حسنى مبارك، الذى رأس النظام لثلاثة عقود، سوف يواجه انتفاضة على الأقل، إذا حاول تسليم السلطة لولده، جمال، فى الظروف الحالية. حيث يسرى حاليا بين العرب الذين يعانون من سوء حكامهم ما هو أكثر من عدوى «جميعنا تونس الآن». وهم يتحدثون عن تأثير تونسى على غرار لعبة الدومينو.
وهو سبب كاف لكى تهتم تونس باكتساب هذا الحق، وفى اعتقادى أنها تستطيع. ولا شك أن السير مع القطيع وهو يهتف: اقطعوا رءوسهم جميعا! أمر مغر. غير أن العراق أوضح مخاطر تفكيك نظام كامل بين عشية وضحاها: الحزب وقوات الأمن وكل أركان النظام. حيث إن مئات الآلاف ممن يصيبهم التفكيك؛ لا يتلاشون وإنما يدبرون الانتقام. وكانت تونس فى ظل زين العابدين بن على دولة بوليسية، مثلها مثل العراق فى عهد صدام حسين، كما كانت تُحكم بدهاء شرس مثل سوريا.
ومن ثم، فسوف أنتظر ما سيقدمه الغنوشى طالما تعمل حكومته من أجل إجراء انتخابات رئاسية سريعة ومن ثم انتخابات برلمانية. وكما يوضح لإذاعة بى بى سى، سليم عمامو، وهو مدون معارض سابق أطلق سراحه من السجن قبل أسبوع، وأصبح كاتبا أول لدى وزير الشباب الآن: «ليس من السهل أن يكون فى الحكومة مبتدئ فى عالم السياسة مثلى».
وهذا صحيح: فلا يمكن أن ترتب الفوضى تصويتا له مصداقية. وهذه دولة تزهو أهم جماعة معارضة شرعية فيها بألف عضو، وهى الحزب الديمقراطى التقدمى. ويقول أحمد بوعزيزى عضو لجنته التنفيذية: «نحن نسير على قشر بيض»، فوزير الخارجية يداه ملوثتان بالدم، ووزير الدفاع أبرم صفقات غير مشروعة لصالح السيدة الأولى السابقة، والحزب الديمقراطى التقدمى قدم تنازلا عندما قبل تعيين وزير واحد، هو وزير التنمية المحلية الاقتصادية. فهل يمكن للحزب الآن أن يضغط من أجل المزيد؟
وعبر نافذة مفتوحة، يصل هتاف يتهم الحزب الديمقراطى التقدمى بخيانة المبادئ. فيقول عضو بالحزب: «هذا أمر جيد حرية التعبير!» وسيكون على تونس إجراء مقايضات مؤلمة، إذا أرادت أن تظهر فى نهاية الأمر أنه لا يوجد فى الجينوم العربى ما يحتم أن يحل ديكتاتور آخر محل الديكتاتور.
وتتمتع تونس بالكثير من العناصر التى تتيح لها المضى فى هذا الطريق: ارتفاع مستوى التعليم، ونساء متحررات لقين تشجيعا على استخدام وسائل تنظيم النسل، وحجم معقول للدولة، وحركة إسلامية وصفها مايكل ويليس، الخبير الجنوب أفريقى فى كلية سانت أنتونى جامعة أكسفورد بأنها «ربما تكون أكثر الحركات اعتدالا وبراجماتية فى محيطها». وقد أصدر زعيمها المنفى، راشد الغنوشى، العديد من التصريحات التصالحية. ومن ثم، يمكن لتونس ديمقراطية أن تقوم بدور تركيا.
وفى الأسابيع المقبلة، ستكون هناك عناصر تحريضية تراهن على الأسوأ، فضلا عن الرافضين المعتادين من كارهى المسلمين. فالديمقراطية العربية تهدد مجموعة من المصالح الخاصة. كما أنها السبيل الوحيد للخروج من مأزق الحكم المطلق الفاسد فى الدول العربية الذى يفرز التطرف، فضلا عن أنها تمثل مصلحة أمريكية حيوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.