لمنتحرون الذين يحرقون أنفسهم فى بعض الشوارع المصرية على طريقة بوعزيزى التونسى إما زهقا أو مرضا أو استفزازا أصبح لانتحارهم بهذه الطريقة الشنيعة صدى محلى ودولى فى ظل حالة الرعب واسترضاء كل الغاضبين سواء كانوا مظلومين أو حتى مبتزين. الرياضيون على ما يبدو سيستخدمون نفس الطريقة وبدءوا فى تعميم التجربة على بعض الأندية.. ولكن بأسلوب مختلف يتناسب مع أهدافهم التى يسعون إليها وكادت الدولة أن تقع فى الفخ بل لعلها تورطت فى بعض الوعود والعقود دون أن تدرى أن هناك سلسلة من المنتحرين فى الطريق. قبل أيام أعلن محمد مصيلحى رئيس نادى الاتحاد السكندرى استقالته.. واكب هذا القرار ضجة كبيرة فى الأوساط السياسية قبل الرياضية والإعلامية. لم يتحمل بعض المسئولين من وزراء وسياسيين ونواب أن يغضب جمهور الاتحاد لاستقالة رئيسه الذى صنع لناديهم حالة ومكانة وإن كان الفريق يعانى حاليا من سكرات الهبوط إلى دورى الظلام لأن التنحى فى هذا التوقيت عن المنصب الرفيع فى الرياضة السكندرية للرجل صاحب الحصانة البرلمانية. هرع العديد من الجهات لتعلن عن استعداها لمد يد العون للنادى حتى يعود رئيسه عن قراره.. فالشروط التى وضعها مصيلحى لإنقاذ النادى من عثرته المالية وأزماته المتتالية تستوجب تحرك الحكومة لأن رجال الأعمال المتشدقين بحب الأندية لم يعد لهم مكان فى خطط التنمية للكيانات التى صدعونا بالحديث عن عشقهم لها. دخلت وزارة البترول لكى تلقى بطوق النجاة «لسيد البلد» حتى لا يغرق فى الديون وبأوامر من الوزير سامح فهمى الذى يتبعه مباشرة العديد من الأندية إنبى وبتروجيت وغيرهما وباتفاق مع المحافظ وبتلميحات عن تدخل شخصيات ذات ثقل فى المجتمع السياسى وفقا لما جاء فى تصريحات مصليحى فى أحد البرامج الرياضية الذى كان أشبه بمظاهرة احتجاجية للأندية الشعبية تم تنظيمها باقتدار لتشعل النار فى نفوس جماهيرها فى محافظات مختلفة. ولم تمض ساعات على هذه المحاولة من جانب مصيلحى حتى كان كامل أبوعلى رئيس النادى المصرى يعلن هو الآخر استقالته وأنه طلق منصبه طلقة بائنة فلن يعود مهما كانت الوعود من مسئولين أو رجال أعمال بورسعيدية لأنهم تخلوا عنه وتركوه وحده يدفع 45 مليون جنيه للمصرى. وكانت جماهير بورسعيد تنتظر أن يهرع المسئولون إلى أبوعلى لكى يطفئوا حريقا متوقعا فى جسد النادى المصرى العريق تفجره الاستقالة المقرر تفعيلها فى نهاية الموسم الجارى.. ولكن لم يحدث لأن الحكومة شعرت أنها ستفتح الأبواب والشبابيك لصراخ مزيد من المستقيلين فسيعقب رئيس المصرى، رئيس الأوليمبى ثم رئيس المنصورة وستكون المصيبة كبيرة لو أن عدوى الاستقالات الانتحارية انتقلت إلى الأهلى أو الزمالك وكلاهما يعانى من أزمة مالية ولكن لا حسن حمدى فكر فى أن يستخدم طريقة بوعزيزى ولا المستشار جلال إبراهيم يقبل أن يتخلى عن مسئوليته رغم المأساة التى يعيشها الزمالك. ربما كانت هذه المحاذير من فتح أبواب الاستقالات فى كل الأندية الجماهيرية سببا فى إحجام الوزراء والمسئولين عن حضور المؤتمر الجماهيرى الذى دعا له مصيلحى فى الإسكندرية احتفالا بعودته وتأكيدا على مشاركة الدولة فى إنقاذ النادى ماديا لأن هذه المشاركة «توريطة» ستدعو المزيد من الرؤساء للتهديد بالانتحار مادامت الطريقة أصبحت تؤتى ثمارها بعقود رعاية حكومية وأراضٍ تخصصها المحافظات وربما وصل الأمر إلى حد تعديل نظام الهبوط إلى دورى الظلمات