ماذا لو؟. ماذا لو تركت شاشة التليفزيون والجريدة، وأخبار تونس الشقيق، وعبير الياسمين، وقررت أن تذهب لحضور افتتاح معرض فاروق حسنى وزير الثقافة؟ وماذا لو تناسيت هموم الثقافة وقيادة الشأن العام وتذكرت فقط أن الأمر يتعلق بمجرد معرض لفنان تشكيلى؟ لكنه فنان ذائع الصيت اكتسب شهرة ونجاحا دوليين ويتنافس على أعماله الصفوة. ستجد جحافل الصحافة والإعلام والكاميرات تغزو قاعة أفق محاولة التقاط تصريح للفنانة هيفاء وهبى مع زوجها رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، اللذين حرصا على حضور الافتتاح. وكذلك الحال مع العديد من نجوم الفن مثل سميحة أيوب ورزان مغربى ولبلبة وعزت أبوعوف وهشام عبدالحميد ودنيا ودينا فؤاد أو قد تخترقك كاميرا تريد أن تلحق بهذه الجولة بين اللوحات، التى تجمع الفنان فاروق حسنى برجل الأعمال نجيب ساويرس. ستسمع هذه السيدة المتأنقة التى حزنت لبيع إحدى اللوحات محاولة إقناع زوجها باقتناء لوحة أخرى، وسترى كيف ينبهر البعض بمجموعات الألوان، التى يبرع الفنان فى استخدامها، ويتحدث البعض الآخر عن «الراحة النفسية» التى يشعر بها، وعن «مشاعره» حيال اللوحة حتى وإن لم يدرك معانيها أو يفك شفرتها. بينما يحاول آخرون أن يرصدوا آثار معركة اليونسكو على استخدام الفنان للألوان وغياب حيوية اللون أو الحزن المخيم على بعضها. أى تقييم العمل الفنى بربطه بالعمل العام، وهى معايير تلقى غريبة على النقد الفنى. وستجد عن حق، إذا كنت من المولعين بأعمال فاروق حسنى التجريدية، أن الفنان الذى بدأ مسيرته الفنية بمرحلة قصيرة مع الفن التشخيصى قبل أن يتحول إلى التجريد، اللاشكل، يقترب اليوم قليلا من الفورم والشكل المعبر. أى أن هناك تغييرا طارئا على أعماله، بعد أن كانت المساحات اللونية الكبيرة هى بطل العمل يتخللها الرموز الهندسية، أصبح هناك تكوينات لونية تشكل كيانات مزدوجة مثل ثنائية معمارية قد تكون نافذة أو بابا أو قد ترى شكلا أقرب إلى ثمرة التفاح أو إلى الفراش.. إلخ. التغيير الآخر فى الأربعين عملا الذى يقدمه اليوم هو تجديده فى مجموعات الألوان التى صارت أكثر ازدحاما وتنوعا على سطح اللوحة فى أغلب الأعمال، بل ويذهب إلى حد المغامرة فى إحدى اللوحات باستخدام درجات الأسود فى لوحة واحدة على السطح وفى الخلفية، بينما يحل عليها اللون الأبيض على استحياء. نعم ستستمتع بالحدث الذى صار اليوم تقليدا سنويا، ولكن بعد خروجك من القاعة ستتلفت يمينا لتجد متحف محمود خليل وحرمه، الذى يخضع لأعمال الإصلاح بعد حادث سرقة زهرة الخشخاش الشهير، وستتذكر أنك قلما تجد فى افتتاح معرض فن تشكيلى هذا الكم من نجوم المجتمع، وتدرك أنك لم تفلح فى النسيان وأنك كنت فى حضرة وزير الثقافة.