جاءت الاحتجاجات التى شهدتها تونس، وأدت إلى خلع رئيسها، وما تبعها من إضرابات مشابهة فى الأردن والجزائر، لتبدل من أولويات أجندة القمة الاقتصادية العربية الثانية، التى بدأت الاجتماعات التحضيرية لها، أمس، فى شرم الشيخ، وسط حضور أكثر من 2500 من ملوك وأمراء ورجال أعمال من مختلف الدول العربية. فبينما كانت تتصدر ملفات مثل إنشاء الاتحاد العربى الجمركى، ومشروعات الأمن الغذائى، والربط الكهربائى، والربط المائى بين الدول العربية، أولويات الأجندة، «أصبحت هناك حاجة ملحة لمناقشة قضايا ارتفاع الأسعار، والبطالة، وتأمين احتياجات المواطن العربى أولا، وذلك لتفادى حدوث أى انقلابات مشابهة»، على حد تعبير مسئول فى الوفد الجزائرى، طلب عدم نشر اسمه. ويرى هذا المسئول أن الأسعار وصلت إلى مستويات تهدد الاستقرار السياسى للمنطقة العربية، و«على الحكومات إدراك خطورة الموقف والعمل على سرعة امتصاص غضب الشعوب»، بحسب قوله، مشيرا إلى أن هناك اتجاها بين ممثلى الدول العربية لعقد اجتماع طارئ لمناقشة الأوضاع فى تونس. وفى هذا السياق، اعتبر رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة والقائم بأعمال وزارة الاستثمار، أن «التطورات على الساحة العربية تجعل من القمة فرصة نادرة للإسراع بخطوات التكامل الاقتصادى لحل مشكلة البطالة فى المنطقة». وقد غاب الوفد الرسمى التونسى عن حضور الاجتماع الافتتاحى المشترك للمندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية، والتى تسلمت فيه مصر قيادة القمة الثانية، حيث ترددت أخبار عن اعتذار الوفد بأكمله نتيجة للأحداث التى شهدتها تونس يوم الجمعة، ولكن هذا ما نفاه أحمد بن حلى، نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، قائلا: «تأخر الوفد التونسى عن الحضور نتيجة لتعطل الرحلة ولكنه لم يعتذر»، بحسب قوله. ولكن حتى مثول الجريدة للطبع، لم يحضر أى ممثل رسمى من تونس. ووفقا للتقرير العربى الثانى والأخير حول التشغيل والبطالة فى الدول العربية، الصادر عن منظمة الدول العربية فى يوليو 2010، «برغم ما رددته دائما الحكومات العربية من تقدم فى الاداء الاقتصادى، مدللة على ذلك بإحراز تقدم فى معالجة مشكلة البطالة، إلا أن المنطقة العربية لاتزال تحتفظ بأعلى معدل بطالة كمجموعة 14.5% لعام 2007 2008، علما أن المتوسط العالمى بلغ 5.7% فى 2007»، على حد تعبير التقرير. ويتركز 64% من القوى العاملة العربية فى 5 دول، 29.9% فى مصر، و14.8% فى السودان، و13.9% فى المغرب، و13.2% فى الجزائر و9.8% فى المغرب. ولا يتوافر فى الدول العربية ما عدا الجزائر والبحرين تأمين ضد البطالة، وهذا ما يجعل العمل فى الحكومة والقطاع العام فى المنطقة العربية جذابا، ليس من حيث الاجر وإنما من حيث الأمن الوظيفى والاجتماعى. وتشير التقديرات إلى أن ما يزيد على 30% من القوى العاملة تعمل فى القطاع العام فى كل من مصر وتونس، و50% من العاملين فى الأردن، وما يقرب من 60% فى الجزائر، بينما يصل المعدل العالمى إلى 11% فقط. وبينما يمثل القطاع غير الرسمى فى المنطقة العربية ظاهرة تجذب فئة كبيرة من العمال، فعلى سبيل المثال، تتراوح حجم العمالة التى تعمل فى القطاع الزراعى غير المنظم ما بين 30 و65% فى الدول العربية، فهى تصل فى مصر إلى 40%، و63% فى المغرب، و35% فى تونس.