وسط أجواء من التقدير والحفاوة بعلماء مصر، ووسط تجمع احتشد فيه أكثر من مليون شخص، وقفوا في الطرقات والشوارع لمسافة تزيد علي خمسة كيلومترات، ألقي فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الإسلامي (بجامعة مركز الثقافة السنية) بكيرالا جنوب الهند، وذلك بمشاركة كبار رجال الدين الإسلامي وعدد من الشخصيات والقيادات السياسية من العالم العربي والإسلامي. وقال جمعة -في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر- "إن كل من يسعى لخلق فوضى اجتماعية مخالف لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف والفطرة الإنسانية، وإن ما لا يجوز لنا أن نفعله بمسلم لا يجوز أيضا أن نفعله بغير المسلم". وأضاف "إن الإسلام أرسى دعائم حضارة أخلاقية وبشرية، حضارة حوت بداخلها واستوعبت تعددية الديانات والفلسفات والحضارات التي ساهمت إلى حد كبير في بناء الحضارة الإسلامية، وإن المسلمين عامتهم يعبدون الله، ويشاركون في تنمية مجتمعاتهم، وينشدون بناء شخصية أخلاقية خيرة". وشدد جمعة على أن الإسلام ينهى عن الاعتداء على المسلم وغير المسلم سواء بسواء، وأن ما لا يجوز لنا أن نفعله بمسلم، لا يجوز أن نفعله بغير المسلم. كما حذر من أخذ المعلقين على الأحداث في الدول غير الإسلامية بأنها أفعال أقلية مخربة، مشيرا إلى أنها وإن كانت صغيرة لكن لها تواجد يمكن ملاحظته بوضوح ويحكمون من خلالها على مبادئ الأغلبية المعتدلة المسلمة السمحة، مدعين أن الإسلام دين عنف منذ نشأته وأنه للأسف تأكدت هذه النظرة خلال عرض الإسلام في معظم وسائل الإعلام الغربية، وأن تلك المغالطات الصارخة تعد بعيدة تماما عن الصحة والصواب. وطالب الدكتور علي جمعة طلاب (جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية) وخريجيها تحمل مسؤولياتهم تجاه دينهم، وأن يكونوا سفراء الإسلام وأن يقوموا بعرض الإسلام وأسسه ومبادئه بصورة أعمق وطريقة أشمل وبموضوعية في كل من وسائل الإعلام ومناهج التعليم، مؤكدا أن خريجي تلك الجامعات العريقة ذات المنهج العلمي المعتدل بإمكانهم أن يلعبوا دورا بارزا ومهما في نشر الوعي بدين الإسلام الذي يمثل التعايش السلمي جوهر رسالته. وشدد على ضرورة إرساء مفهوم الثقة والفهم بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى، مؤكدا أن هذه العملية تستلزم وجود شركاء من الجانبين لديهم الرغبة في الحوار، مشيرا إلى أن القرآن الكريم ذكر أن جمال الكون يكمن في التعددية الدينية والعرقية والثقافية وغيرها. وقال جمعة "إن الإسلام لم يأمر أتباعه بالتنكر لثقافاتهم ليصيروا عربا، وهذا الأمر يفسر الزخم الذي نراه اليوم من إنجازات ثقافية وفنية وعلمية وحضارية والتي يصح أن نضفي عليها الصفة الإسلامية والتي نفخر بها نحن المسلمين، والتي تشمل (تاج محل) في الهند والذي يعتبر علامة على جزالة النظم وعلى جمال الروحانية الإسلامية". ومن المقرر أن يصل الدكتور علي جمعة إلى نيودلهي في وقت لاحق مساء اليوم الاثنين، حيث يلتقي بكل من نائب رئيس جمهورية الهند الدكتور حامد أنصاري، ونائب رئيس مجلس الشيوخ (راجيا سابها) الدكتور رحمان خان، ووزير الطاقة الجديدة والمتجددة الدكتور فاروق عبد الله.