إذا كنت أحد العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، والذى يضم نحو 6.2 مليون موظف، فبإمكانك أن تحقق أحلامك على طريقة وزارة المالية، والتى أعلنت قبل يومين عن برنامج يسمى «حقق أحلامك»، يستهدف العاملين فى الدولة، من خلاله يحصل الموظف على قرض شخصى، لن يقل عن 5000 جنيه. وتستهدف الحكومة تحفيز النمو الاقتصادى من خلال هذا البرنامج، لتخطى آثار الأزمة المالية وتسريع وتيرة النمو للوصول إلى معدل يصل إلى 8% بحلول عام 2012، تبعا لتصريحات سابقة لوزير المالية. لكن «المالية اتخذت طريقة غير سليمة لتحفيز الاقتصاد لأن زيادة السيولة التى ستتوافر للعاملين فى الدولة مع حصولهم على القروض من خلال البرنامج ستؤدى إلى زيادة الاستهلاك، والذى يمثل فى الوقت الحالى نسبة كبيرة من الناتج المحلى الإجمالى» تبعا لما ذكره، مجدى صبحى، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاقتصادية والسياسية. ويعرف الناتج المحلى الإجمالى، بأنه إجمالى ما تنتجه الدولة من السلع على مدار العام، وهو محصلة إجمالية لحجم الاستثمار والاستهلاك فضلا عن صادرات الدولة مطروح منها إجمالى قيمة وارداتها «تستهدف المالية من طرح هذا البرنامج زيادة حجم الاستهلاك لزيادة معدل نمو الناتج المحلى» تبعا لصبحى. ويمثل الإنفاق الاستهلاكى 85.9% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى 2009/2010، ويسهم ب4.2% من معدل نمو الناتج المحلى، والذى بلغ 5.1% بنهاية العام المالى السابق. بينما يرى عبدالله شحاتة، أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة القاهرة، أن الحكومة من الأفضل لها أن تنشط الاقتصاد من خلال تنشيط الاستهلاك، لأنه أقل تكلفة لها، من تكلفة حزم الانقاذ التى أقرتها مع بداية الأزمة المالية، والتى تم تمويلها من خلال الاقتراض الحكومى، وأدت إلى زيادة الانفاق العام. وكانت الحكومة فى محاولة لامتصاص أثر الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المصرى قد اتجهت إلى ضخ ثلاث حزم مالية، بقيمة إجمالية بلغت 33 مليار جنيه خلال العامين الماليين 2008/2009 و2009/2010، وتم توجيه معظمها لمشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة. أما «برنامج حقق أحلامك» فإنه سيساعد على دفع النمو دون أن يزيد من أعباء خدمة الدين على الموازنة» يضيف شحاتة. وكان وزير المالية، يوسف بطرس غالى، قد أشار خلال توقيعه بروتوكول تنفيذ البرنامج مع رؤساء خمس بنوك يوم الخميس الماضى، إلى أنه لن يمثل أى عبء على الموازنة العامة للدولة. ويقول شحاتة إن البرنامج سيحقق فائدة للبنوك أيضا حيث «سيفتح الفرصة أمام البنوك لتوظيف أموالها الراكدة». وتشارك فى البرنامج خمسة بنوك هى مصر، ومصر إيران، وناصر الاجتماعى، والقاهرة، والإسكندرية. وتواجه البنوك المصرية انتقادا بسبب انخفاض معدل توظيف الودائع لديها، حيث تتراوح معدلات التوظيف إلى ما بين 52% 54%. وعلى الرغم من المزايا التى يتيحها البرنامج لتنشيط الاقتصاد فإنه من جانب آخر سيؤثر على المواطن العادى، من غير موظفى الدولة، والذى لا تتاح له الفرصة للاستفادة من هذه القروض، ولكنه سيعانى إذا ارتفعت اسعار السلع فى السوق نتيجة زيادة الطلب الذى تخلقه هذه القوة الشرائية الجديدة، «فاحتمال زيادة معدل التضخم سيكون واردا بشكل كبير خلال الشهور المقبلة» كما يرى محمد عبدالعزيز حجازى، أستاذ المالية بالجامعة الأمريكية. ويعتبر مجدى صبحى أنه «كان من الممكن أن يكون تطبيق هذا البرنامج مجديا للاقتصاد إذا كانت معدلات التضخم فى مصر أقل من المعدلات الحالية، لكن الاقتصاد المصرى يعانى أصلا من زيادة نسب تضخم مرتفعة مقارنة باقتصادات الأسواق الناشئة» يضيف صبحى. ووفقا لأرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فإن مؤشر أسعار المستهلكين فى شهر نوفمبر قد بلغ 10.2% فى إجمالى الجمهورية، مقارنة بنوفمبر 2009، وهو أدنى مستوى سجله المؤشر فى 15 شهرا.