ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أنه في الوقت الذي يستعد فيه جنوب السودان للانفصال تتزايد مخاوف الأقليات في شمال السودان، خاصة بعد إعلان الرئيس السوداني عمر البشير أنه سيتم فرض الشريعة الإسلامية واللغة العربية إذا صوّت الجنوب للانفصال في الاستفتاء الذي لا يبشر بالخير للتنوع الثقافي للبلاد. وأضافت أن الابتهاج الذي يعيشه جنوب السودان أثناء تحضيرات التصويت للاستقلال غدًا الأحد، ويعم أرجاء الجنوب كافة لا يشاركهم فيه الكل في الشمال، خاصة في المنطقتين المضطربتين، جنوب كردفان والنيل الأزرق، والذين ساعدوا الجنوب في الحرب الأهلية، ولكن تم تجاهلهم في اتفاق السلام السوداني بين الشمال والجنوب ليبقوا تابعين للخرطوم. وأشارت الصحيفة إلى أن المنطقتين اللتين يسكنهم نوبيون وعرقية الانجيسيا، ويعتنقون الإسلام والمسيحية والديانات المحلية، يطلق عليهم حاليا "الجنوبيون الجدد"، في إشارة إلى وضعهم المستقبلي كأفارقة مهمشين على الحد الجنوبي لدولة عربية إسلامية موحدة، وهو بالضبط الوضع الذي كان يعيشه أهل الجنوب، وأدى إلى مطالبتهم بالاستقلال. وتضيف الصحيفة أن ما يعقّد الوضع هو أن معظم إنتاج شمال السودان من البترول يأتي من جنوب كردفان، وبالتالي، فإن تصويت الجنوب للانفصال يعني فقد شمال السودان 80% من إمدادات البترول التي تأتي من الجنوب، ولن ترغب الخرطوم في فقد الباقي من ذلك. وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم نص اتفاقية السلام السودانية على أن يتم منح المنطقتين حق "المشورة الشعبية" لتقرير مصيرهم، فإنه تم تجاهل الأمر مثلما حدث في منطقة ايبي الغنية بالبترول، وما يزيد من قلق تلك الأقليات هو تعهد الرئيس السوداني بتعديل الدستور وفرض الشريعة الإسلامية واللغة العربية دون النظر للأقليات العرقية والدينية الأخرى. وأشار كمال كمبال، من منظمة تضامن جبال النوبة بالخارج، أن ذلك سبّب رغبة الجنوب في الانفصال، مضيفًا: "بالطبع ستكون كارثة أيضا لمن يجبرون على العيش مع أشخاص بتلك العقلية، موضحًا أن النوبة كانت تقاتل مع الجنوبيين لمنع فرض الشريعة والثقافة العربية، معتبرًا أن تصريح البشير بمثابة "إعلان حرب". وأضاف كمبال: "من الواضح أن البشير لا يعترف سوى بحقوق العرب والمسلمين، لقد سمح بالحرية الثقافية والدينية للأقليات عندما أراد إبقاء الجنوب، لكن ماذا سيحصل عليه المسيحيون والأقليات، مثل النوبة، بعد انفصال الجنوب؟"؛ معتبرًا أن بريطانيا وبقية الداعمين الدوليين لاتفاقية السلام السودانية يركزون على الجنوب والاستفتاء متجاهلين البروتوكول الإضافي لاتفاقية السلام، والذي ينص على حق "المشورة الشعبية" لتقرير مستقبل منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقال أحمد حسين آدم، المتحدث باسم حركة العدل والمساواة بالسودان، إن تصريح البشير يكشف عن وجهه الحقيقي، ومؤشر واضح حول نوع الدولة التي ستعيش الأقليات فيها بعد انفصال الجنوب، مشيرًا إلى أن البشير يحاول فرض دين واحد وثقافة واحدة وعرقية واحدة في السودان المتعدد الأعراق، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى للمزيد من العنف لأنه لا يوجد أحد يقبل بذلك، ليضيف: "إن ذلك إعلان حرب ضد النوبة ودارفور والنيل الأزرق، والسودان متعدد الثقافات". يُذكر أن الأممالمتحدة قد أعربت عن قلقها من المصير الغامض الذي يحيط بالجنوبيين الموجودين بشمال السودان والشماليين الموجودين في جنوب السودان، مشيرة إلى أنها أعدت سيناريو لأسوأ الظروف متضمنا خطط طوارئ تتعامل مع ما يقرب من 3 مليون لاجئ في حالة نشوب حرب نتيجة الخلافات حول الاستفتاء.