يرى المستشار محمد عبدالبديع عسران، نائب رئيس مجلس الدولة، أن التشريعات الحالية المنظمة لعملية بناء المساجد والكنائس «كافية جدا» وأن الحديث عن قانون موحد لبناء دور العبادة باختلاف دياناتها «كلام سياسى ليست له خلفية دينية أو قانونية» لأن تطبيق التشريعات الحالية بحذافيرها لا يسبب أى مشاكل. عسران، رأس لسنوات دائرة التراخيص بمحكمة القضاء الإدارى ويرأس حاليا الدائرة المختصة بقضايا النقابات والهيئات، ويقول إن الأسلوب القانونى الحالى لاستخراج ترخيص بناء كنيسة أو مسجد ينظم المسألة ببساطة شديدة، ويضمن الحفاظ على التوازن العددى والنسبى.. بين عدد الكنائس وتعداد المسيحيين من جهة، وعدد المساجد وتعداد المسلمين من جهة أخرى. ويضيف: المسجد مثل العمارة.. يُستخرج تصريح بنائه من الحى المختص جغرافيا، أما الكنيسة فيلزم لإنشائها صدور قرار جمهورى بعد اجتياز التحريات الأمنية واستيفاء بعض الشروط الهندسية، وهذا النظام هو التطور الطبيعى للخط الهيمايونى، الذى كان ينص على بناء الكنيسة بفرمان من والى مصر فى عهد الدولة العثمانية. ويعتقد عسران أن الحصول على تصريح من رئيس الدولة لإنشاء كنيسة هو أمر ضرورى «حتى لا يحدث إسراف فى بناء الكنائس بما يتجاوز احتياج وأعداد المسيحيين» وأن إصدار قانون موحد لدور العبادة فكرة خاطئة «لأن الطوائف المسيحية متعددة فى مصر، والقانون سيسمح لكل طائفة بإنشاء عدد غير محدود من الكنائس بدون مراعاة لانخفاض عدد أبناء جميع الطوائف، فيما عدا الأقباط الأرثوذوكس». ويستطرد: كل طائفة ستكون حريصة على إنشاء أكبر عدد من الكنائس، مما سيؤدى إلى فوضى ولن يمكن وقفها إلاّ بتدخل تشريعى جديد، وقد تؤدى هذه الفوضى إلى إثارة نزعات طائفية.. ليس فقط بين المسلمين والمسيحيين، بل أيضا بين الطوائف المسيحية المختلفة. ويؤكد عسران أن «المراكز القانونية ليست متساوية بين الكنيسة والمسجد، ولا يمكن المساواة بين عمليتى ترخيصهما، لأن الدولة يمكنها ضم المساجد إلى إدارتها والسيطرة عليها بقوة القانون من خلال استحواذ وزارة الأوقاف على جميع المساجد الأهلية، لكن الدولة لا يمكنها السيطرة على الكنائس لأنها تابعة للبطريركية». ويوضح أن القضاء أجاز قبل سنوات طويلة نقل تبعية مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف بعد بنائه بالجهود الذاتية، واستند إلى أن الدولة أجدر وأقدر على إدارة المساجد وخدمتها باعتبارها دور عبادة ملك الله وليست لأشخاص أو جهات، بينما استقرت أحكام القضاء على تبعية الكنائس والأديرة للبطريركيات فقط وعدم إمكانية نقل ملكيتها للأوقاف أو أى وزارة أخرى. ويشير عسران إلى ندرة عدد القضايا التى ترفع لإلزام رئيس الجمهورية بإصدار ترخيص لبناء كنيسة «لأن الدولة تتحرك بسرعة لإنهاء هذه المشاكل قبل وصولها للقضاء»، مشددا على أن سلطة رئيس الجمهورية التقديرية فى إصدار هذه التراخيص ليست معصومة عن الرقابة القضائية، ويمكن للمتضرر منها اللجوء لقضاء الإدارى، الذى يختص بتقييم الشروط المطلوبة لإنهاء ترخيص الكنيسة، ويحدد مدى تعسف الدولة فى إنشائها من عدمه.