ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن المظاهرات وأعمال الشغب التي عمت تونس بعد انتحار شاب عاطل توحي بأن الثورة وتغيير نظام الحكم ما زال أمرا ممكنا في العالم العربي، مضيفة أنه بينما تركزت أنظار العالم لمدة طويلة على حركات المعارضة في إيران ومصر جاءت مظاهرات تونس المفاجئة، لتصبح واحدة من أكثر الأحداث غير المرتبة إلهاما ضد نظام قمعي. وهو ما أشارت إليه أوكتافيا نصر، الصحفية اللبنانية، يوم الخميس الماضي، عندما كتبت أنها "لم تفكر أن اليوم قد يأتي، وبالتأكيد في تونس، ولأكون صادقة في منطقة الشرق الأوسط، لقد ظننت أن هذا التصرف الثوري سيأتي من مصر، حيث أصبحت المعارضة لنظام مبارك أكثر شراسة وأعلى صوتا، حتى إن مظاهرات الغضب أصبحت شيئا روتينيا". وأضافت الجارديان أنه رغم التقارير المؤلمة عن قتل قوات الشرطة المتظاهرين، فإن الأحداث مشجعة. مستدركة بأن ذلك لا يشير بالضرورة إلى حدوث تحول في المنطقة، لكنه مؤشر على أن التحول ممكن. وأشارت مراسلة الصحيفة إلى أنه بالرغم من وجوب عدم الخلط بين الظروف السياسية في الدول العربية، فإن تطبيق حالة تونس في بقية الدول ما زال جائزًا، وأوضحت أن هناك دلائل صغيرة على حدوث تغيير جوهري في الأنظمة الحاكمة، وأن من يتبنى التغيير التدريجي البطيء يجادل بأن العولمة ستقود إلى تغير طبيعي في النهاية، مفندة ذلك بقولها إنها شاهدت تراجعا عن التغيير في عدة أماكن، وأن العولمة تم استخدامها بانتقائية، وتم تحييدها من أجل إخضاع المواطنين. وأضافت أن الثروة البترولية في السعودية، أو النظم الموازية من الرشوة في مصر التي تؤمن الدخل، أو تحالفات شيوخ القبائل في الأردن التي تؤمن شرعية الملكية، أو التحالف مع الجيش في الجزائر، فإن هناك العديد من العوامل التي تدعمها قوات الأمن تساهم في إخماد أي لهيب للثورة، مشيرة إلى أن الاشتباكات النادرة نتيجة حوادث منعزلة مثل القبض على مدون في مصر أو جلد النساء في السودان، يتم سحقها بسرعة نتيجة حساسية النظام. وأشارت إلى أن ما يساهم أيضا في عدم حدوث تغيير في المنطقة هو ميل العديد إلى مقارنة الأوضاع في الدول العربية، فسكان الدولة الغنية بالبترول يبررون عدم تحركهم بألا يعانوا من الفقر الذي يوجد في شمال إفريقيا، في حين أن سكان شمال إفريقيا يعزون أنفسهم بأنهم يتمتعون بحرية الملبس والاختلاط بين الجنسين، وأنهم جميعا يعزون أنفسهم بأنهم ليسوا في السودان. ورغم أن تونس بعيدة عن تيار الثقافة العربية والإعلام، الذي يسيطر عليه المشرق العربي ودول الخليج، فإن الأحداث التي شهدتها تونس شاهدها العالم العربي على القنوات الفضائية. وأضافت مراسلة الجريدة أن المظاهرات العاطفية في العالم العربي ليست شيئا نادرا في الشارع العربي، ولكنه عادة ما يكون مرتبطا بأحداث بفلسطين أو الإهانات الموجهة من الغرب، أو نتيجة الكرة، حيث يكون الغضب نتيجة إهانة الكرامة، ولكن نادرا ما يوجه هذا الغضب ضد السبب الأساسي، ألا وهو الحكومة نفسها. وتشير المراسلة إلى تحليل أحد المدونين المغاربة إلى أهمية احتجاجات تونس بأنها تتحدى الخطاب المسيطر على السياسات التونسية وقلة التقارير والكتابات الغربية، بأن تونس بعيدة عن أن تكون واحدة من أكثر الدول التي تتمتع بالاستقرار السياسي والاقتصادي في شمال إفريقيا، وأنه يجب ربط احتجاجات تونس بالنطاق العام للمنطقة بمعنى أنه إذا سارت الأمور على ذلك النحو في تونس، فما تأثير ذلك على الأنظمة الهرمة المجاورة لها التي على شفا مرحلة انتقال السلطة.