ثلاثة ركاب فى الخلف، وراكبان على يمين ويسار السائق. رقم قياسى جديد حققه أحمد، 12 عاما، سائق التوك توك، فى حشر أكبر عدد ممكن من الركاب فى العربة الصغيرة. البوابة الأولى فى حى حدائق الأهرام فى منتصف الليل. إنه الوقت المميز الذى يختاره أحمد لكى يبدأ عمله، «لأن المنطقة بتبقى فاضية وهادية، والناس بتخاف تمشى فبتركب توك توك حتى لو لمسافة صغيرة». ولكن الطفل الذى يدخن بشراهة ويتحدث بلهجة خشنة لا تناسب سنه، لا تخيفه الوحدة فى وقت متأخر من الليل. ظهر التوك توك فجأة فى شوارع محافظات الدلتا فى منتصف 2006، وقبلها لم يكن معروفا إلا لمحبى الأفلام الهندية، بلد المنشأ للمركبة الهجين. وصل سريعا إلى عشوائيات القاهرة ذات الشوارع الضيقة التى لا تسمح بمرور السيارات، والمدن الجديدة مثل 6 أكتوبر وحدائق الأهرام وغيرها من المدن التى لا تخدمها شبكة مواصلات داخلية. سرعان ما نشر الكتاب مقالات مليئة بالعويل والصراخ تنتقد «ثقافة التوك توك»، التى اعتبروها نسخة أردأ وأكثر ابتذالا من ثقافة الميكروباص. السماعات الكبيرة رديئة الجودة التى يركبها سائقو التوك توك على سياراتهم، والبوسترات والمرايا والشعارات وغيرها من وسائل «التجميل» قد جعلت من التوك توك رمزا للقبح والعشوائية والرداءة. لكن التوك توك فرض نفسه بالقوة، وسد فراغا لا تلبيه وسائل المواصلات التقليدية. وقررت الحكومة فى النهاية أن ترخص التوك توك ليجد لنفسه وجودا شرعيا رغم أنف الكارهين. وقبل أيام أقدم صاحب توك توك على إشعال النار فى نفسه داخل وحدة مرور 6 أكتوبر. صاحب التوك توك الذى حاول الانتحار، قال فى التحقيق إنه تاب عن النشل تماما، واشترى التوك توك بالتقسيط للعمل عليه لتوفير قوت يومه له ولأولاده من المال الحلال، ولكنه فوجئ بالقبض عليه لخروجه بالتوك توك خارج المكان المخصص للعمل به، مما يعرضه للحبس إذا تأخر فى سداد الأقساط المستحقة عليه»، كما نشرت «الشروق». يحصل أحمد على مبلغ يتراوح بين 30 و50 جنيها يوميا، حسب نسبة الربح والإقبال، «وأهو أحسن من القعدة من غير شغل، لأن الإيد البطالة نجسة».