فى 27 فبراير وضعت المحكمة الإدارية العليا كلمة النهاية فى الصراع القضائى بين السفير إبراهيم يسرى، منسق حملة «لا لنكسة الغاز» والحكومة حول تصدير الغاز لإسرائيل.. أصدرت حكما أطلق عليه المراقبون أوصاف «المرضى لجميع الأطراف، والوسطى، والمتوازن» يقضى باستمرار تصدير الغاز لإسرائيل مع تعديل الأسعار والكميات المنصوص عليها فى العقود المبرمة بين القاهرة وتل أبيب منذ 2004. أرسى الحكم مبدأ قانونيا جديدا فيما يخص «مصلحة المواطنين فى رفع دعاوى لمقاضاة الحكومة لسوء تصرفها فى الثروات الطبيعية»، وهو أمر ظل لسنوات محور تناقض بين أحكام القضاء الإدارى، وبين بعض المحاكم التى ترى أحقية المواطنين فيه وبعضها يرى أن المواطن البسيط ليست له مصلحة مباشرة فى إقامة هذه الدعاوى. حسمت المحكمة برئاسة المستشار محمد الحسينى، رئيس مجلس الدولة السابق، هذا التناقض واعتبرت أن لكل مواطن مصرى حقا فى محاسبة الحكومة قضائيا على تصرفاتها فى الثروات الطبيعية المملوكة للشعب أصلا، باعتبار أن الحكومة ليست مالكة لهذه الثروات الطبيعية بل تديرها فقط بتوكيل من الشعب وتجب عليها مراعاة مصلحته فيها. ووجهت المحكمة فى حيثيات الحكم انتقادا لاذعا للحكومة فى تعاقداتها لتصدير الغاز لإسرائيل، بتحديد كمية الغاز الطبيعى المصدرة لأسواق شرق حوض البحر المتوسط ب7 بلايين متر مكعب سنويا «تزداد فى حالة وجود فائض» مما يشكل إجحافا بحق المواطن المصرى. وأيضا بتحديد سعر التصدير بحد أدنى 75 سنتا أمريكيا/ مليون وحدة حرارية بريطانية، وحد أقصى 1.5 دولار أمريكى فى حالة وصول متوسط سعر خام برنت البترولى فى 3 أشهر إلى 35 دولارا/ برميل، أى أنه لا مجال لزيادة الحد الأقصى للسعر حتى مع تجاوز سعر خام برنت للسقف الذى حدده القرار. وكذلك عندما قبلت بإتمام التعاقد لمدة 15 عاما على نحو غير قابل للمراجعة فى ضوء التطورات الجذرية الممكن حدوثها خلال هذه المدة، وهو ما يتناقض مع التشريعات الحاكمة لاستغلال هذه السلعة الاستراتيجية. لكن المحكمة قطعت فى حيثياتها الطريق على جميع الدعاوى القضائية التى تطالب بوقف التعاملات التجارية مع إسرائيل باعتبارها عدوا تاريخيا..