أتمنى ألا يندفع بعض كتابنا حسنى النية من الآن ولأيام مقبلة فى الصراخ قائلين: الحقوا.. إسرائيل تتجسس علينا رغم أنها وقعت معنا على اتفاقية سلام منذ عام 1979. إلى هؤلاء نقول انه إذا كانت إسرائيل لاتزال تتجسس على أمريكا ولية نعمتها فمن الطبيعى والمنطقى أن تستمر فى التجسس علينا باعتبارنا عدوها الرئيسى.. وإذا لم تفعل ذلك فإنها ستكون «دولة خايبة وعبيطة».. وإذا لم نحاول نحن التجسس عليهم ومعرفة نواياهم المستقبلية، فإن ذلك كارثة على مستقبلنا التجسس والتجسس المضاد مهنة قديمة قدم الحياة ولن تتوقف حتى تقوم الساعة. هذه ملاحظة شكلية بمناسبة الكشف عن شبكة التجسس الإسرائيلية رسميا قبل يومين والمتهم فيها ضابطان بالموساد الإسرائيلى، ومصرى وصفه الكاتب نبيل فاروق فى لقاء تليفزيونى بأنه ضئيل الشأن. هذه قضية تثير على هامشها العديد من التساؤلات خصوصا فى ظل حديث عن قضية أخرى لم يتم إعلانها رسميا تتعلق بتجسس أربعة مصريين لإسرائيل حاولوا اختراق شبكات الاتصالات الهاتفية المصرية. أولى هذه الملاحظات أن معظم حالات التجسس الآن لا تتعلق فقط بالمعلومات لأن أكثر من 95٪ من المعلومات الموجودة فى أجهزة المخابرات منشورة فى وسائل الإعلام. ثانيا: ما تريده معظم أجهزة المخابرات هو النوايا واليقين.. إسرائيل لديها أقمار صناعية كثيرة تنقل لها كل ما يحدث فى العالم العربى، لكن أكثر ما يشغلها هو: ماذا يوجد داخل عقول صانعى القرار العرب، وماذا يفكرون فى المستقبل؟.. من هنا فإن كل التجسس التقنى مهما كان متقدماً لا قيمة له من دون العامل البشرى. ثالثا: إذا صح ما نشر مؤخرا عن وجود 13 ألف مصرى يعملون فى وظائف مدنية بالجيش الإسرائيلى، فكيف سنتعامل معهم.. هل نمنعهم من الدخول.. هل نسقط عنهم الجنسية المصرية؟ هل يعتبر هؤلاء رصيدا وكنزا جاهزا لدى الموساد يستطيع تجنيد ما يشاء منهم فى أى لحظة؟ رابعا: هل قصدت إسرائيل كشف هذا العميل الضئيل فى دمشق حتى تصب المزيد من البنزين على النيران المشتعلة فى العلاقات المصرية السورية وحزب الله، كى توحى بأن المصريين يتجسسون على سوريا ولبنان لمصلحة إسرائيل؟! وهل سارعت مصر بكشف الأمر لتفسد اللعبة الإسرائيلية؟! خامسا: هل سقوط الشبكتين فى مصر خلال الأيام الماضية، وفضيحة اغتيال المبحوح فى دبى قبل شهور، يعنى أن مستوى أداء جهاز الموساد الإسرائيلى تراجع وفقد اسطورته أم أن هذا الجهاز يعربد فى المنطقة، وبسبب كثرة عملياته، فإن بعض عملائه يسقطون بين الحين والآخر؟! سادسا: هل هى صدفة أن مظعم عمليات الموساد صارت تتركز على أجهزة الاتصالات خصوصا فى المنطقة العربية؟. أجهزة الاتصالات صارت بالضبط مثل «كعب أخيل».. لو اخترقتها فلن تحتاج إلى جواسيس فى مناطق أخرى.. وتلك قصة كبرى ينبغى أن نوليها كل الاهتمام.