تلاعب الزمالك بفريق بنى عبيد، والكلمة هى أدق تعبير. فما فعله نجوم الأبيض ومدربهم لم يكن لعبا أو صراعا، ولا ثأرا كما يردد الذين يلعبون بكلمة الثأر فى ميدان الرياضة بلامناسبة. فهى كانت مباراة سهلة، وأفضل ما فيها كان تلك الجدية الشديدة التى لعب بها الزمالك المباراة منذ الدقيقة الأولى حتى الأخيرة.. ترى الجدية بسهولة وتقرؤها دون حاجة إلى خبرات. أداء سريع وصارم ويمتزج فيه الإصرار بالإمتاع.. كما أشيد بما قدمه حسام حسن فى التشكيل الذى حيرنى جدا، ويبدو أنه حير بنى عبيد ومدربه وأربكهم أيضا.. لكنه استخدم حازم إمام وشيكابالا بصورة لا بأس بها، على الرغم من أسلوب تبادل مركزيهما المدرسى، وعدم إجادة إمام اللعب فى الجبهة اليسرى، فكان يتسلم الكرة ويردها للخلف، بينما فى جبهته اليمنى ينطلق بها مخترقا ومهددا دفاع المنافس، ولا أعرف لماذا لم يستعن بلاعبين مثل محمد إبراهيم وغيره من النجوم وكنت أنتظر إجابة واضحة فى المؤتمر الصحفى على هذا التشكيل، الذى يحسب فيه أنه أثار ارتباكا شديدا فى صفوف بنى عبيد الذى ظن أنه بنى ريال مدريد أو بنى تشيلسى يوم قرأ صحف الصباح الصادرة قبل المباراة.. يبقى أن الزمالك لعب أمام فريق ضعيف سدد كرة واحدة على المرمى فى الدقيقة 58، ولم ينجح طوال 90 دقيقة، فى تبادل الكرة 4 مرات، وجرى لاعبوه كثيرا وكثيرا خلف الكرة و«لم يمسكوها».. فكان الفوز منطقيا جدا ويستحق أن يكون أكثر. ويحسب للزمالك تلك الجدية.. وهذا الاحتراف الفكرى فى الأداء.. الجدية بداية نهضة أى عمل أو مشروع أو فريق... يسجل لفريق الاتحاد السكندرى تميزه فى هذا اللقاء بالسرعات.. وبتقسيم وقت المباراة. فى البداية كانت مجموعة الهجوم كاملة وظلت كذلك لمدة 60 دقيقة. العجيزى لاعب الأهلى المعار فى إطار صفقة جدو، وأتوبونج الذى طرق أبواب الأهلى سابقا ولم يفتح له الباب، ومارك مبواه، وأوزو فليكس، ومحمد فوزى وحسين فهمى من الطرفين، ومركز فهمى كان خسارة لأنه أفضل فى الوسط. تنظيم الاتحاد فى الشوط الثانى كان ملائما لقدرات لاعبيه وللجهد الذى بذلوه فى ثلاث مباريات متتالية وفى الشوط الأول من تلك المباراة.. فلم يغامر محمد عامر أكثر مما يجب فى نهاية اللقاء.. لعب الأهلى أيضا مباراة قوية وصعبة، وكان فيها صراع تكتيكى بين زيزو وعامر.. وكلاهما حاول أن يستخدم ما يملك من أدوات، ويوظفها. على النحو التالى: 1 الأهلى بلا رأس حربة.. وسعى لتعويض هذا النقص الخطير بثلاثة لاعبين يتحركون فى دائرة المقدمة، وهم عفروتو، وأبوتريكة، وجدو. وكان ترتيب الإجادة بين الثلاثة هو: عفروتو، جدو، أبوتريكة. وغياب رأس الحربة عطل قطار الأهلى السريع المعروف بسيد معوض.. فلمن يرسل كراته العرضية؟.. لمن والصندوق خالٍ لا يجد من يشغله لأن جدو دائما خارجه؟ 2 لعب حسام غالى فى مركز الليبرو، ومع ذلك اهتزت شباك الأهلى مرتين، وظل أوتوبونج مصدرا للتهديد مع العجيزى. وكان غالى يتقدم حين يمتلك الفريق الكرة لزيادة عدد لاعبى الوسط.. فيما بقى سيد معوض فى الملعب انتظارا لاشتراك فضل فى رأس الحربة.. وضاعت جبهة مهمة طوال فترة الانتظار. 3 اختصار مشكلة الأهلى فى مدرب أو لاعب ولاعبين خطأ جسيم، فهى مشكلة فريق بالكامل افتقد قوته الضاربة داخل الصندوق، ولم يعد يهاجم بزيادة عددية، ولم يعد يقتحم صندوق المنافس بخمسة وستة لاعبين. كما أنه خسر أحد أهم أسلحته الجماعية أيضا، وهو الاستحواذ على الكرة والسيطرة على الملعب والخصم بالاستقبال، والتمرير، والتحرك.. وباتت مبارياته الأخيرة كلها دفاعا عن ماضٍ أو ردا للفعل.. 4 من أهم مصادر قوة الفرق الكبيرة، قيام الجميع فى المباريات الصعبة بمهام الدفاع والضغط.وصحيح أن طاقة الدفاع والضغط تختلف من لاعب إلى لاعب.. إلا أن الأهلى يلعب الآن بأربعة لاعبين لا يمارسون هذا الواجب.. 5 فلسفة خط الوسط تجلت فى أحسن أيام الأهلى فى أعوام 2005 و2006، و2007، فكان خطا لبناء الهجمات والمساندة فى المقدمة، وبات خطا مهمته إفساد هجمات المنافس والهرولة خلف لاعبيه وخلف الكرة.. والفارق بين الأسلوبين هو الفارق العميق بين سنوات الأهلى المجيدة، وأسابيعه الحزينة..