من هو ذلك العبقرى الذى اختار دار الأوبرا مكانا لاستضافة حفلى الافتتاح والختام ومقرا للمركز الصحفى لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى؟ وهل كان الاختيار لجمال المكان ووسطية الموقع فى قلب القاهرة أم أنه اختار الأوبرا باعتبارها موقعا تابعا لوزارة الثقافة، ولن يكلف إدارة المهرجان نفقات إضافية؟ تلك الأسئلة يطرحها ذلك الصرح الخشبى، الذى أقامته إدارة المهرجان فى ساحة الأوبرا لتفرش عليه بساطها الأحمر، الذى تغنى به الدكتور عزت أبوعوف ورفاقه، واعتبروه أحد مظاهر العظمة والجو الأسطورى، الذى أحاط بانطلاق دورة المهرجان الجديدة، ولم يلق القائمون على المهرجان أى اهتمام بما أبداه مهندسو الأوبرا من تحفظات على بناء صرح أمام مبنى الأوبرا وما سيترتب عليه من حجب واجهته الجميلة، فضلا عن إعاقة الطريق طوال العشرة أيام الماضية أمام رواد وزوار الأوبرا وما يجاورها من مراكز ثقافية، ليعبر بذلك المهرجان فى دورته الرابعة والثلاثين عن حالة العشوائية، التى تجتاح كل شىء فى حياتنا، والتى لم تستثن تلك التظاهرات الفنية الكبرى. واختلفت آراء زوار المثلث الذهبى للثقافة والفنون المعروف بأرض الأوبرا حول أسباب هذا البناء، الذى تكلف مبالغ طائلة لترمقه الكاميرات فى خلفية المشهد خلال حفلى افتتاح وختام المهرجان، وقيل إنه أقيم خصيصا ليتغنى ببنائه رئيس المهرجان وأتباعه كما لو كانوا قد أقاموا سدا عاليا جديدا، والبعض الآخر فسر الأمر باعتباره محاولة فتح أبواب رزق لناس غلابة «هيدعوا» للمهرجان وأصحابه بدوام النجاح، وأيا كانت أسباب بناء هذا المسخ فى دار الأوبرا المصرية فإنه قد حجب عن العالم تفاصيل المبنى، الذى تحول خلال ربع قرن من الزمان إلى واحد من أهم المعالم الحضارية فى قلب مصر. فى الفاصل تسربت العشوائية من ساحة الأوبرا إلى المسرح الكبير، حيث فاجأ حضور حفل الفرقة الاستعراضية الأمريكية «رات باك» بصوت ركيك لمذيعة مبتدئة تعلم الحاضرين بمواعيد العروض الأخرى على مسارح الأوبرا، وأسعار التذاكر وهو أسلوب دعاية لا يليق بدور الأوبرا، ولا محبى فنونها، ولو كانت هناك ضرورة لتوجيه الجمهور لأمر ما مثل إلغاء حفل أو جزء من البرنامج ، فعلى الأوبرا أن تستعين بصوت يليق بوقار المكان، ومذيعة محترفة تعرف أصول الإلقاء.