بالتعاون مع «قضايا الدولة».. تنظيم معرض لمنتجات ذوي الإعاقة    رئيس جامعة بورسعيد يكشف تفاصيل الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسي الأول    أكاديمية الشرطة تنظم دورتين تدريبيتين للكوادر الأمنية الأفريقية في المركز المصري لحفظ السلام    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان مشروعات منظومة النظافة    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    عاجل- مدبولي يترأس اجتماع اللجنة العليا للعدالة الاجتماعية لمتابعة تطبيق الدعم النقدي    «المركزي» يقرر تعطيل العمل بالبنوك الخميس المقبل بمناسبة انتهاء السنة المالية    "المركزي" يعلن موعد عطلة نهاية السنة المالية للبنوك    محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    مندوب الصومال بالجامعة العربية: ندعو للوقوف بحزم ضد اعتداءات إسرائيل المتكررة ضد دولنا    مدرب تونس يطمئن الجماهير بشأن إصابة بن رمضان    تجديد حبس عامل استدرج فتاة من ذوي الهمم بالعباسية    الداخلية تضبط شخص يوزع كروت بمحيط لجان دمنهور    الداخلية تقضي على بؤر إجرامية بالمنوفية وتضبط مخدرات بقيمة 54 مليون جنيه    مرخصة أم مخالفة؟.. «الصحة» تحقق في فيديو هروب جماعي من مصحة بالمريوطية    وداعًا المخرج عمرو بيومي بعد مسيرة سينمائية حافلة    مي كساب تبدأ تصوير مسلسل «نون النسوة» استعدادًا لرمضان 2026    وصول جثمان المخرج داوود عبدالسيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    أعشاب تقلل التوتر العصبي للنساء، قبل الدورة الشهرية    قطر تستعد لتنظيم دورة ودية لمنتخبات كأس العالم 2026.. هل يشارك الفراعنة؟    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    القوات الروسية تحرر 5 بلدات في مقاطعة زابوروجيه وجمهورية دونيتسك الشعبية    حقيقة اختطاف أجنبي بالقاهرة.. الداخلية تكشف تفاصيل الواقعة    وزير المالية: توسيع القاعدة الاقتصادية والإنتاجية والضريبية هدف استراتيجي للدولة    أمم إفريقيا - مؤتمر بوميل: منتخب مصر يمتلك فريقين.. وعلينا التركيز على أنفسنا    الشباب والرياضة بالمنوفية: فتح باب القبول للانضمام إلى مشروع البطل الأولمبى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    إكسترا نيوز: مساعدات تعبر رفح إلى غزة وسط أمطار غزيرة    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    الصحة: الشيخ زايد التخصصي يجري قساطر قلبية معقدة تتجاوز تكلفتها مليون جنيه على نفقة الدولة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 28-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الخارجية: مصر لا يمكن أن تقبل باستمرار القتل والتدمير الممنهج لمقدرات الشعب السوداني    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    العراق يتسلم 6 مروحيات "كاراكال" فرنسية لتعزيز الدفاع الجوي    21 مواطنًا يحصلون على جنسيات أجنبية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية    8 أبطال بجنوب سيناء يصعدون للمشاركة في تصفيات أولمبياد المحافظات الحدودية بالوادي الجديد    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    حبس مها الصغير شهر بتهمة سرقة لوحات لفنانين أوروبيين وتغريمها 10 آلاف جنيه    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    لماذا يجب أن تبقى مجلة روزاليوسف؟    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    كاسات الزبادي بالفواكه والمكسرات والعسل، فطار خفيف أو سناك مشبع    شريف الشربيني يشارك في اجتماع لجنة الإسكان بمجلس الشيوخ اليوم    إصابة شخصان إثر تصادم ميكروباص مع توك توك بقنا    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    نيللي كريم وداليا مصطفى تسيطران على جوجل: شائعات ونجاحات تُشعل الجدل    عضو بالأرصاد: توقعات بأمطار متوسطة على السواحل الشمالية الشرقية اليوم    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    لافروف: نظام زيلينسكي لا يبدي أي استعداد لمفاوضات بناءة    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابتذال الشر فى بيت بوش الأبيض
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 05 - 2009

سيمر الثلاثاء المقبل خمس سنوات على أول مرة يشاهد فيها الأمريكيون الصور التى خرجت من سجن أبوغريب فى برنامج «60 دقيقة». وهنا أيضا، نود أن نتمسك بالخرافات التى تبعد الشر.
فإذا سمحت بلدنا بالتعذيب، فمن المؤكد أنها فعلت ذلك لتمنع معركة مدمرة، مثلما حدث فى سيناريو القنبلة الموقوتة فى مسلسل «24»، المشهور عالميا.
وإذا كان هناك من يستحقون اللوم، فهم أولئك الذين وصفهم الرئيس بوش ب«حفنة من الجنود الأمريكيين الذين أساءوا إلى بلدنا ولم يراعوا قيمنا»، واعتبر أنهم غير أخلاقيين وأشرار مثل لينى إنجلند، وتشارلز جرانر وغيرهما من الجنود الذين وجه إليهم الاتهام فى حين بُرئت القيادة العليا من المسئولية.
وقد عرفنا الكثير، بل الكثير جدا عن أمريكا والتعذيب خلال السنوات الخمس الماضية. لكن، وكما كتب مارك دانر أخيرا فى مجلة «نيويورك بوك ريفيو»، بالرغم من كل ما تم الكشف عنه، تظل إحدى الحقائق الأساسية كما هى: «لم يأت عام 2004 حتى وجد الشعب الأمريكى أمامه رواية أساسية حول كيف قرر المسئولون المنتخبون والمعينون من قبل الحكومة تعذيب السجناء؟
وكيف عالجوا الموقف؟». وكانت إدارة أوباما على حق عندما أعلنت، منذ 10 أيام، رفع السرية عن 4 مذكرات تعذيب جديدة لأن محتواها، فى جانب منه، أصبح معروفا بالفعل.
لكننا مانزال منزعجين من الحقائق الأشد قسوة والصورة الأكبر: كان التعذيب سياسة سبق التوصل إليها وإقرارها فى أعلى المستويات فى حكومتنا، وثبت تورط الأطباء النفسيين وأطباء الباطنة فى إحداث الألم، ولم يساعد هذا، حسب تقدير مصادر موثوق بها، مثل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى روبرت مولر، فى إحباط أى هجمات إرهابية.
ومذكرات وزارة العدل، التى صدرت أخيرا، شأن تلك التى صدرت قبلها، لم يكتبها أناس محدودو التعليم والكفاءة مثل إنجلند، وجون يو، وستيفن برادبيرى وجاى بايبى المتخرجين فى جامعات مثل هارفارد، ويل، وستانفورد. فقد أقرتها شركات قانونية كبرى.
وكان بايبى قد استصدر باعتباره مساعدا للنائب العام مذكرة فى الأول من أغسطس 2002، تقر بإسهاب فى «أساليب» التحقيق الشرسة مثل «الصفع على الوجه صفع الإهانة» و«وضع الحشرات فى صندوق الحبس».
وقد اقترح استخدام 10 من هذه الأساليب «بطريقة متصاعدة، تتوج بالغمر بالماء، وإن كان من الممكن عدم اللجوء إلى هذه الوسيلة». والغمر بالماء هو المفضل عند بول بوت ومحاكم التفتيش الإسبانية، استخدمته الولايات المتحدة فى محاكمات جرائم الحرب بعد الحرب العالمية الثانية. لكن بايبى ينتهى إلى أنه «لا يسبب ألما حادا أو معاناة، فى رأينا».
وتستحق مذكرة بايبى نظرة أكثر تدقيقا لأنها تضيف شيئا جديدا بالفعل وصادم إلى قصة خمس سنوات من التعذيب. وعندما توضع فى سياقها الكامل تكون بمثابة دليل لا يقبل الشك يحررنا من الإنكار الذى يحول بيننا وبين التعامل مع هذا الفصل القبيح فى تاريخنا.
وكانت المذكرة تخص معتقلا بعينه، هو أبوزبيدة الذى أُلقى القبض عليه قبل ذلك بنحو أربعة أشهر، فى أواخر مارس 2002. وتصور المذكرة أبوزبيدة على أنه أحد كبار قادة القاعدة (كما أشاع بوش بعد القبض عليه).
لكن بحلول أغسطس ثبت زيف هذا. وكما يشير رون سسكند فى كتابه «مبدأ الواحد بالمائة»، فقد تم تعريف أبوزبيدة فور القبض عليه بأنه موظف تشهيلات، يعمل فى حجز تذاكر الطيران للجماعة الإرهابية و«لم يكن يعرف الكثير عن العمليات أو الإستراتيجية الحقيقية، وكانت تبدو عليه أعراض الفصام».
وفى الوقت الذى كتب فيه بايبى مذكرته، كان أبوزبيدة قد خضع للتحقيق أمام مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى والاستخبارات المركزية على مدى شهور وقدم المعلومات القليلة التى يعرفها. وكان أهم إسهام قدمه هو إفادته بأن خالد شيخ محمد هو الرأس المدبر لتفجيرات الحادى عشر من سبتمبر لكن، كما كتبت جين ماير فى كتابها «الجانب المظلم».
فحتى هذه المساهمة تعد خبرا قديما: إذ كانت وكالة الاستخبارات المركزية على علم بدور محمد منذ صيف 2001، كما تفيد لجنة الحادى عشر من سبتمبر. وفى مثل حالة أبوزبيدة مع محققى مكتب التحقيقات الفيدرالى، فإن الأساليب التقليدية كانت تفى بالغرض. لكن مذكرة بايبى تتضمن أن «مرحلة تصعيد الضغط» كانت مطلوبة لإرغام أبوزبيدة على الكلام.
وما إن أعطى بايبى الضوء الأخضر، حتى توالى التعذيب: فى أغسطس 2002 جرى غمر أبوزبيدة بالماء 38 مرة، حسب مذكرة أخرى جديدة من المذكرات التى أفرج عنها. ولا غرابة فى أن المخابرات لم تحصل على معلومات مهمة بتعذيب عضو القاعدة هذا المريض عقليا. فلماذا إذن هذا الإفراط؟
ولا نعرف إن كانت بعض الحقائق الجديدة ستظهر لو أن ديك تشينى نجح فى حملته غير المتوقعة التى قوبلت بالترحيب للإبقاء على سرية الوثائق التى قال إنها ستبرئ ساحة سياسة التحقيقات التى تنتهجها الإدارة.
هذا فى حين أن لدينا الدليل على تفسير بديل لدوافع بايبى لكتابة مذكرة أغسطس. والفضل للتقرير الشامل الذى أصدرته لجنة الشئون العسكرية بمجلس الشيوخ عن المعتقلين الذين أطلق سراحهم الأسبوع الماضى.
فقد توصل التقرير إلى أن الميجور بول بيرنى، وهو أحد الأطباء النفسيين الذين كُلفوا بالتحقيقات فى خليج جوانتانامو فى صيف عام 2002 إلى مطلب آخر من مطالب البيت الأبيض «:كنا نركز معظم الوقت على محاولة إقامة صلة بين القاعدة والعراق ولم نحرز نجاحا فى هذا».
ومع تزايد «استياء» الرتب العليا من العجز عن إثبات هذه الصلة، قال الميجور إنه «كان هناك ضغط متزايد لاتخاذ الإجراءات»، التى من تمكن من الحصول على تلك المعلومات.
وقد كُتبت مذكرة بايبى بعد أسبوع من «مذكرة داونينج ستريت»، التى كانت سرا حينها (وتسرب محتواها فيما بعد)، وفيها يخبر رئيس المخابرات البريطانية تونى بلير أن بيت بوش الأبيض مصمم على دخول حرب العراق وأن «المعلومات والحقائق يجرى توفيرها لوضع الخطة». وبعد شهر من صدور مذكرة بايبى، فى 8 سبتمبر 2002.
كان على شينى أن يظهر بمظهره المشين فى برنامج «واجه الصحافة»، وهو يشهر بأسلحة الدمار الشامل التى يملكها صدام و«عدد الاتصالات على مر السنين بين القاعدة والعراق».
لكن العراق لم تكن له صلة بالحادى عشر من سبتمبر، وكان البيت الأبيض يعرف هذا. وكان التعذيب هو الأمل الأخير لانتزاع مثل هذه «المعلومات» الزائفة من معتقلين كانوا على استعداد لقول أى شىء يمكن أن يوقف الغمر بالماء.
والأسبوع الماضى، رفض المدافعون عن بوش شينى، تقرير لجنة الشئون العسكرية بمجلس الشيوخ ووصفوه بأنه «منحاز». لكن، وكما أخبرنى رئيس اللجنة كارل ليفين، فقد أقرته اللجنة التى من بين أعضائها جون ماكين، وليندساى جراهام، وجو ليبرمان بالإجماع.
كما أكد ليفين شهادات المحامين العسكريين الذين انشقوا عن مبدأ البيت الأبيض الذى لم يلق إلا التجاهل. فقد كانت إدارة بوش «مدفوعة»، على حد قول ليفين. «قالوا إن ذلك كان من أجل الحصول على المزيد من المعلومات. لكنهم كانوا يسعون يائسين من أجل إيجاد صلة بين القاعدة والعراق».
وبعد مرور خمس سنوات على افتضاح أمر أبوغريب، يجب أن نقر بأن حكومتنا سمحت بالتعذيب بطريقة منهجية وكذبت فى هذا الأمر. لكن علينا أيضا أن نفكر فى احتمال أنها لم تفعل هذا برغبة صادقة، وإن كانت مضللة عن عمد، ليس ل«حمايتنا» لكن لإشعال حرب مدمرة لا طائل من ورائها.
وبدلا من أن تنقذنا من «حادى عشر من سبتمبر آخر»، كان التعذيب أداة فى حملة لتزييف واستغلال الحادى عشر من سبتمبر لتضليل الأمريكيين المتخوفين من عملية لا صلة لها بالقاعدة. ويظل الكذب بشأن العراق الخطيئة الأصلية التى ينبع منها جانب كبير من لا شرعية بيت بوش الأبيض.
ويرى ليفين وأنا معه أنه الوقت قد حان، مع اكتشاف المزيد من الحقائق، كى تشكل وزارة العدل لجنة من اثنين أو ثلاثة من السياسيين المستقلين، «لمراجعة هذا الكم من المواد» المتاح أمامنا بالفعل. فالحقيقة الأساسية هناك، كما توجد دائما. ويمكن للجنة أن توصى بطريقة تضمن المساءلة بشأن هذه الخيانة التامة للقيم الأمريكية.
ويمكن للرئيس أوباما أن يقول كل ما يريد عن عدم النظر إلى الوراء، لكن هذا الماضى الشائن أكبر مما يبدو. ولن يقدر له أن يتحول إلى ثقب فى الذاكرة بأكثر مما حدث لمعسكرات اعتقال الحرب العالمية الثانية.
وعلى البيت الأبيض والكونجرس والساسة من كلا الحزبين إفساح الطريق. ونحن لسنا بحاجة إلى لجنة أخرى. فما يجب أن نحققه، بعد طول انتظار، هو محاكمات عادلة تعلن عودة دولتنا إلى الالتزام بسيادة القانون.
New York Times Syndication


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.