رئيس الجامعة العمالية: قريبا نتحول لجامعة تكنولوجية ومدة الدراسة 4 سنوات    بالأسماء، 21 شخصًا يتنازلون عن الجنسية المصرية    نظر دعوى عدم دستورية عدد من مواد قانون التأمين الاجتماعي 9 سبتمبر    مدبولي يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    المشاط: العلاقات المصرية الأردنية تحظى بدعم مباشر من قيادتي البلدين لتحقيق التكامل الاقتصادي    رئيس الأركان الإسرائيلي يوافق على الفكرة الرئيسية لخطة الهجوم في قطاع غزة    غزو هائل من قناديل البحر تتسبب في غلق أكبر محطة نووية فرنسية بالكامل    اتصالان لوزير الخارجية مع نظيره الإيراني والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    ياسين بونو يتصدر استفتاء أفضل حارس مرمى في العالم 2025    وزارة الرياضة: ليس لدينا دخل بالترضيات الخارجية للاعبين.. واتحاد الكرة المسؤول عن مراجعة العقود    آخرهم حسام البدري.. 5 مدربين مصريين حصدوا لقب الدوري الليبي عبر التاريخ    ضبط عنصر جنائي غسل 60 مليون جنيه حصيلة تجارة المخدرات    درجات الحرارة اليوم في مصر الأربعاء 13 أغسطس 2025.. أسوان تسجل 49 درجة    وزير التربية والتعليم والتعليم الفني يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    صنع الله إبراهيم، أعماله الأدبية الخالدة جعلته رمزا للحرية والمقاومة    "لطفية النادي.. رائدة الطيران المصري" في العدد الجديد من مجلة "مصر المحروسة"    بين الاجتهاد البشري والذكاء الاصطناعي، نقاشات حول مستقبل الفتوى الرقمية في مؤتمر الإفتاء (صور)    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد سير العمل بعيادتى الجلدية والنفسية (صور)    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    مجلس الوزراء ينعي علي المصيلحي ويقف دقيقة حداد في بداية اجتماعه    مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    تنسيق المرحلة الثالثة.. 50% حد أدنى للتقدم للشعبة العلمية والأدبية    الرئيس السيسى يهنئ رئيس جمهورية تشاد بذكرى العيد القومى    نيوكاسل يتعاقد رسميًا مع ماليك ثياو    "الشناوي في حتة تانية".. تعليق ناري من الحضري على مشاركة شوبير أساسيا مع الأهلي    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    وزير الري يتابع المشروعات التنموية في سيناء    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام في صراع السوبر الأوروبي    «الزراعة» تكشف قصة نجاح الوزارة في حماية الثروة الحيوانية من العترة الجديدة لفيروس الحمي القلاعية    شجرة أَرز وموسيقى    قافلة المساعدات المصرية ال 14 تنطلق إلى قطاع غزة    الاحتلال ينسف مجموعة كبيرة من المنازل في حي الزيتون جنوب شرق غزة    رئيس «الرعاية الصحية» يتابع ملف التدريب والبحث الطبي بمنشآت التأمين الصحي    رئيس جامعة القاهرة يشارك في التصويت بانتخابات صندوق الزمالة ويؤكد تعظيم موارده وتطوير خدماته    أسعار النفط تستقر بعد بيانات عن تباطؤ الطلب الأمريكي    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    «الترويكا الأوروبية» تهدد بإعادة فرض عقوبات على إيران في هذه الحالة    حالة المرور اليوم، زحام وكثافات متقطعة بالمحاور وميادين القاهرة والجيزة    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    أمين عمر حكماً لمباراة بيراميدز والإسماعيلي بالدوري    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي، بأقل التكاليف    مصطفى كامل ل أنغام: عفا الله عما سلف    عاجل| أمريكا تستعد لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    رسميًا.. قائمة أسعار الكتب المدرسية لجميع المراحل التعليمية 2025/2026 «تفاصيل وإجراءات الصرف»    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    المتحدة تُطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالثانوي العام والفني    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    فترة تحمل لك فرصًا كبيرة.. حظك اليوم برج الدلو 13 أغسطس    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعظم مشهد اغتصاب
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 12 - 2010

«وكأنى لم أكن هناك».. عنوان صادم لفيلم تمنيت أن أكون بحق هناك.. فى أرض الأحداث لأنتقم أو أثور ضد تلك الانتهاكات التى لم يغفرها التاريخ أبدا.. أو على الأقل أبكى الدموع تطفئ اللهيب الذى أشعله هؤلاء الجناة الطغاة الساديون فى جسد وروح ضحاياهم.
الفيلم الأيرلندى السويدى المقدونى عاد بنا إلى ما نفتقده من سينما الواقع.. سينما تكشف لحظة حقيقية غض فيها الزمن والتاريخ والإنسانية والشرف والكرامة والبراءة والأخلاق البصر.. لحظة سيطر عليها شيطان الجشع والطمع وعشق الدم وإهدار الكرامات.. لحظة تخلص فيها الإنسان من الإنسان. أحداث الفيلم المأخوذ عن واقعة حقيقية تدور على أرض البوسنة لتكشف أبشع مشهد فى حرب الصرب والبوسنة التى دارت فى التسعينيات حينما احتل جنود الصرب إحدى القرى وتخلصوا من كل الرجال بها ويحبسوا كل السيدات والأطفال والفتيات فى معسكر مغلق يتم اغتصابهن يوميا، حيث يتبادل أكثر من رجل على جسد المرأة الواحدة فى ساعة واحدة.. ومنذ البداية تحكى لنا المخرجة جوانيتا ويلسون بالتفصيل معاناة مدرسة شابة جميلة تدعى سميرة أتت من سراييفو لتقوم بالتدريس فى إحدى قرى البوسنة.. جاءت وهى تحمل أحلامها الصغيرة فى تعليم الأطفال «شيئا مختلفا» وهو الهدف الذى ربما أذاب عنها الإحساس بالغربة، لكنها لم تكن تدرى ماذا يخبئ لها القدر.. عفوا إنه ليس قدرا خالصا حيث أصبح هناك من يتلاعبون بمقدرات البشر.. المهم اقتحم الجنود القرية وأخذوا يقودون كل رجالها إلى جانب بعيد وفى مشهد ولا أروع نسمع صوت اطلاق الرصاص عليهم دون أن نشاهد المشهد، لكننا بالفعل أدركنا الصورة، وباتت كل النساء رهائن المعسكر البربرى، ويجىء المشهد الأعظم حيث يتم اغتصاب سميرة وهى الأجمل بين الأسرى.. كان الاغتصاب الجماعى مؤلما لكن المخرجة الرائعة جوانيتا ويلسون سلطت الكاميرا على وجه الضحية لتعبر وباقتدار والممثلة نانا شابتروفيتش عن اللحظة.. عينان تنظرا إلى الأمام تكبت الدموع، آهات خفيفة، تتلاشى كلما زادت نشوة المغتصبين.. إنه بحق أعظم مشهد اغتصاب شاهدته على شاشة السينما والفضل فى ذلك يعود لأن تلك البطلة التى نقلت لنا إحساسا بأنها لم تكن هناك، أو كأنها لم تكن فى اللحظة نفسها، وأنها خارج المشهد.. إنها لحظات نضج حقيقى عندما تتقمص الفتاة الشخصية والعكس.. ومع تكرار الانتهاك البدنى مع شخصية المدرسة ونماذج نسائية أخرى، بل ظهور طفلة تتعرض للتعذيب وهتك العرض والحفر بالسكين على ظهرها رسما يشبه الصليب يؤدى بها إلى الموت.. تتحول مشاعر وتصرفات سميرة المدرسة الأنيقة، حيث تتجمل وتضع أحمر الشفاه عندما يطلبها قائد المعسكر ليواصل رحلة الانتهاك.. وقد بدت وكأنها أحبت اللعبة تذهب لتقيم معه علاقة وتسرق بعض الأكل والفاكهة لتعطيها لزميلاتها فى المعسكر.. وبدا بزوغ علاقة استلطاف وحب بين القائد وسميرة وعندما لامتها نظرات النساء الآخريات قالت سميرة بلا مشاعر «إنهم مجرد رجال ونحن مجرد نساء.. أنا امرأة».
وذات صباح انكشفت الغمة وزالت عندما فوجئ الجميع بترحيل السجينات الضحايا فى أتوبيسات حيث أعلن أحد الجنود أن الحرب انتهت.. وفى مشهد رائع طلب القائد سميرة ليودعها ويخبرها بأمر الرحيل وأنه يتمنى غير ذلك، قالت له: لا تخف إنهن لن يتحدثن خوفا من الفضيحة ولا أنا، وبعد الخروج من منطقة الحرب والقرية الموبوءة تكتشف بطلتنا أنها حامل فى طفل والده من سفاحى الحرب، وفى عدة لقطات ومشاهد شديدة الذكاء والحساسية والمشاعر نراها فى المستشفى تريد أن تتخلص من الجنين، ثم يخبرها الطبيب أنها تأخرت.. ثم تلد.. ثم تريد أن تتخلص من الطفل.. ثم تنظر فى صورتها مع والديها وتضعها فى سرير الطفل.. ثم تتعاظم مشاعر الأمومة لتتغلب على كل مأساة الحدث وتحتضن الطفل لترضعه من صدرها.. كنا نظن بالفعل أنها ستتخلص منه لتعود إلى ممارسة حياتها الطبيعية ملقية بالحدث برمته وراء ظهرها، لكنها ظلت ترضع الطفل ثم تزرف دموعها.. تلك هى النهاية المؤثرة والموجعة والمؤلمة لمصير فتيات كثيرات مثل سميرة خرجن وبأحشائهن أطفال وأبناء لمجرمى الحرب.. حملت فى لحظات ضعف واستسلام لا نعرف ما هو مصيرهن مثلما عرفنا مصير سميرة.. إن الفيلم لم يغتصب مشاعرنا وإحساسنا بتصرفات الحرب القذرة.. لم يغتصب آهاتنا ولا إعجابنا الشديد بالتصوير والسيناريو وجمل الحوار القليلة.. بل كانت موجات الإعجاب متلاحقة بوازع طبيعى.. لكن المخرجة والممثلة التى أرشحهما للجوائز الأولى فى المهرجان اغتصبتا بقايا إرهاصات سينما زائفة طاردتنا لتغرس مكانها جذور سينما حقيقية ممتعة مهما كانت مرارتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.