أتمنى ألا ينتظر الدكتور السيد البدوى شحاتة رئيس حزب الوفد حتى يعتزل السياسة كى يكتب مذكراته. ويحسن البدوى صنعا لنفسه ولحزبه إذا قرر أن يكلمنا ويصارحنا بحقيقة علاقته مع الحكومة منذ تم انتخابه رئيسا للحزب فى 28 مايو الماضى، وحتى اتخاذ الحزب قبل يومين قرار الانسحاب من جولة الإعادة لانتخابات مجلس الشعب غدًا الأحد. كثيرون أشادوا بالطريقة التى جاء بها البدوى رئيسا للحزب، وتفاءلوا، لما تصوروه نموذجا ينبغى أن يتكرر فى معظم الأحزاب والنقابات وكل الانتخابات. فى 17 سبتمبر الماضى بدأ الغيورون على اسم الوفد يقلقون حينما تم حشد الوفديين بطرق متعددة من أجل التصويت لمصلحة المشاركة فى الانتخابات البرلمانية بأغلبية 56٪ ضد 44٪. ورغم ذلك قبل الجميع بالأمر باعتباره نتيجة لعملية ديمقراطية، لكن آخرين تحدثوا عن صفقة بين البدوى والحكومة يحل حزب الوفد بموجبها مكان الإخوان المسلمين. خطورة قرار الوفد فى 17 سبتمبر أنه أجبر جميع القوى السياسية على أن تسير على نفس نهجه خصوصا جماعة الإخوان التى تحججت بموافقة الوفد ولعبت الأمر بمهارة حيث لم تعلن عن مشاركتها إلا بعد إعلان الوفد، وهو ما فعله حزبا التجمع والناصرى. كل ما سبق يمكن النقاش أو الاختلاف بشأنه باعتباره وجهات نظر، وأن المشاركة أفضل كثيرا من المقاطعة خصوصا فى الواقع المصرى الذى لم يتقبل التجربة الحزبية حتى الآن. لكن عندما وقعت واقعة جريدة «الدستور» فى 5 أكتوبر الماضى ودور السيد البدوى فيها، «بدأ الفار يلعب فى عب كثيرين» وأيقن هؤلاء أن البدوى جاء لتنفيذ خطة طويلة الأمد هدفها القضاء على ما تبقى من المعارضة. دخل البدوى وحزبه إلى الانتخابات متصورا أنه سيحصل على أكثر من مائة مقعد، بل شكل الرجل حكومة ظل، فى ظل سياسة لا توجد بها أشياء أصلية حتى يكون لها ظل. حصل ما حصل الأحد الماضى وتلقى الوفد وكل المعارضة صفعة قاسية من الحزب الوطنى، ثم اضطر الحزب ورئيسه بعد شد وجذب كبيرين إلى اتخاذ قرار الانسحاب بعد انسحاب الإخوان المسلمين. الآن نريد ونتمنى من السيد البدوى أن يخرج علينا ويجيبنا بكل أمانة عن بضعة أسئلة أهمها: على أى أساس اتخذ البدوى قرار المشاركة فى الانتخابات.. هل حصل على ضمانات حقيقية بالنزاهة، هل حصل على وعود سرية ببعض التسهيلات، هل تعرض لتهديد بأن مصالحه وأعماله التجارية والإعلامية والطبية سوف تتعرض للضرر حال عدم المشاركة. هناك سيناريوهان لا ثالث لهما: الأول أن البدوى كان حسن النية وصدق أن الانتخابات ستكون نزيهة.. وبالتالى وجب عليه أن يعتذر لأنصاره عن «حسن نيته». السيناريو الثانى أن البدوى قرر المشاركة بعد تلقيه وعودا بمقاعد محددة تتناسب وتاريخ الوفد، والدور الذى لعبه الحزب فى إسباغ الشرعية على الانتخابات. وفى هذه الحالة على البدوى أن يعتذر للجميع ويكشف أنه كان ضحية عملية خداع. فى هذه اللحظات الحساسة.. أمام البدوى فرصة كبيرة لإزالة كل ما علق بسمعته وبدوره بداية من اغتيال الدستور حتى اغتيال إرادة الأمة.