قلقل بالغ يخيم على حدود العراق مع عدوتها السابقة إيران، لا سيما بعد انتهاء المهمة القتالية للقوات الأمريكية فى البلد المحتل منذ مارس 2003، فالأسلحة والمسلحون الشيعة مستمرون فى عبور الحدود من الأراضى الإيرانية إلى العراقية، مع ضعف الحراسة الأمنية للحدود العراقية، وفقا لصحيفة «واشنطن بوست». وفيما نفى مدير المركز العربى للدراسات الإيرانية فى طهران محمد صالح صدقيان فى تصريحات ل«الشروق» صحة ما ذكرته الصحيفة، مشددا على أن طهران «معترفة بوحدة واستقلال العراق»، أكد المحلل السياسى العراقى حامد الخزرجى ل«الشروق» أن «النفوذ الإيرانى متغلغل فى العراق». الصحيفة أضافت فى تقرير نشرته الثلاثاء الماضى أن القوات الأمريكية تركت وراءها قوات حرس الحدود العراقية بدون تدريب كافٍ، وبدون أسلحة ومعدات صالحة لحماية الحدود، وحشود من الإيرانيين، معظمهم حجاج، يعبرون الحدود يوميا، ولا يمكن تفتيش كل هذه الحشود، فأجهزة وشاشات الفحص والمراقبة معطلة. ونقلت عن خادم خلف، الشرطى فى حرس الحدود، قوله: «لا توجد مشكلات حتى الآن، ولكن مع رحيل الأمريكان ستحدث المأساة، فالعراق كعكة كبيرة كل شخص يرغب فى أن يأكل أكبر قطعة منها. والجيش العراقى ليس قويا بما فيه الكفاية». ونوهت «واشنطن بوست» إلى أن العراق بات يعتمد على كل ما هو مستورد من إيران لإعادة الإعمار، معتبرة أن تيار السلع المتدفقة من إيران يعوق النهوض بالقطاع الزراعى الذى جمرته الحرب والجفاف. مدير مركز الدراسات العربية بطهران بدأ تعليقه بالقول إن «الحدود المشتركة تلبغ 1400 كيلو متر، لكن ما تدعيه الصحيفة من أدلة تحتاج لتوثيق، لا سيما أن العراق معترف بوحدة واستقلال العراق، وتدعو بغداد لفرض هيمنتها على البلاد، وتدعو واشنطن لتسليم العراقيين الملفين الأمنى والعسكرى». وشدد صدقيان على أن «القوات الإيرانية لم تدخل أراضى العراق، وبغداد لم تتهم طهران مطلقا بانتهاك حدودها.. صحيح أن هناك خلافا على تنفيذ معاهدة الجزائر الموقعة عام 1975، لكن الجانبين متفقان على تشكيل لجان لترسيم الحدود ووضع العلامات الحدودية». وختم حديثه باتهام «واشنطن بوست» ب«تحريض العراق على إيران، لتقويض علاقاتهما المشتركة». أما عن مسألة الصادرات الإيرانية، فقال إن «المحاصيل التى تستوردها العراق ليست من إيران فحسب، بل من تركيا وسوريا والأردن ومصر أيضا.. هذه سياسة حكومة بغداد، ولو رأت أن فى مصلحتها تعديل هذه السياسة لعدلتها». على الجانب الآخر، قال محلل سياسى عراقى إن «النفوذ الإيرانى متغلغل فى العراق، متمثلا فى السياسيين والأجهزة الأمنية الموالية لطهران التى يمكنها السيطرة على العراق بأكمله دون حاجة لعبور الحدود.. صحيح أن الحدود لا يمكن السيطرة عليها، لكون معظمها مناطق جبلية، إلا أن تواطؤ الحكومة العراقية مع إيران يسهل تسريب الأسلحة وإدخال رجال المخابرات الإيرانية». الخزرجى يدلل على صحة كلامه بأن «وثائق ويكيليكس كشفت عن علاقات بين كل من (رئيس الوزراء العراقى نورى) المالكى و(الرئيس جلال) طالبانى وبين قائد فيلق القدس، قاسم سليمانى، كما كشفت أن كبار القادة العراقيين يستشيرون السفير الإيرانى فى كل صغيرة وكبيرة». وشدد على أن «المشكلة ليست فى ترسيم الحدود، بل فى رغبة إيران فى السيطرة على العراق الغنى بالثروات، خاصة النفط»، متهما القادة العراقيين بأن «ولاءهم لإيران وليس للعراق». وختم الخزرجى: «لأن إعادة الإعمار الزراعى لا تعوقها فقط تدفق السلع الإيرانية، بل أيضا النفايات الصناعية التى تلقيها المصانع الإيرانية فى روافد أنهار العراق، ما سبب كوارث بيئية تدمر زراعتنا».