تبددت آمال الأقباط فى الحصول على عدد أكبر من المقاعد فى مجلس الشعب، وبالرغم من إقبالهم على الترشيح هذه المرة إلا أن ثلاثة فقط هم الذين نجحوا فى الفوز بالجولة الأولى، وهو ما دفع عددا من رموز الأقباط إلى الهجوم بشدة على الحزب الوطنى وتحميله المسئولية فى استبعاد الأقباط من الحياة السياسية، واتهامه بأنه حزب «متعصب» و«طائفى». وحسب البيانات المتوفرة، فمن بين 150 مرشحا قبطيا تمكن ثلاثة مرشحين أقباط فقط من حسم الانتخابات من الجولة الأولى، وهم الدكتور يوسف بطرس غالى، مرشح الفئات بدائرة المعهد الفنى، وخالد نبيل مهنى الأسيوطى، مرشح الفئات بالظاهر والأزبكية، وسليمان صبحى سليمان، فى المراغة بسوهاج. فى حين يخوض 6 آخرون جولة الإعادة. ويخوض جولة الإعادة كل من: رامى لكح على مقعد الفئات بشبرا أمام اللواء فادى الحبشى، وفايز بقطر واصف بالإسكندرية، وإيهاب نسيم مرشح الوطنى على مقعد العمال ببنى سويف الذى يدخل جولة الإعادة أمام مرشح الوطنى الآخر على البكرى سليم، ويخوض ألبير إسحق جولة الإعادة على مقعد العمال بدائرة شبرا، وسامح أنطون على مقعد العمال بروض الفرج أمام طارق سباق مرشح حزب الوفد. وانتقد الأقباط الأحزاب السياسية وخاصة الحزب الوطنى التى لم ترشح عددا كافيا من الأقباط، ونال «الوطنى» النصيب الأكبر من الانتقاد حيث لم يرشح سوى 10 أقباط على قوائمه من إجمالى 763 مرشحا، بينما رشح حزب التجمع 8 أقباط من إجمالى 77 مرشحا، ثم حزب الوفد الذى رشح 7 أقباط من إجمالى 209 مرشحين، ولم يرشح الحزب الناصرى أى قبطى بينما رشح حزب الغد جبهة موسى مصطفى موسى قبطيا واحدا. وفى حين كان متوسط نسبة تمثيل الأقباط قبل ثورة يوليو 8%، انخفض التمثيل بشكل دراماتيكى بعد الثورة، ولم يزد تمثيل الأقباط على 2% بل خلت بعض المجالس من وجود أقباط، وحسب ثروت باسيلى، وكيل المجلس الملى العام فإن متوسط نسبة تمثيل الأقباط خلال ال28 عاما الماضية هو 1.6%. وفشلت فى الفوز أسماء بارزة كان الجميع يتوقع نجاحها مثل منير فخرى عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد، والدكتورة منى مكرم عبيد مرشحة الوفد على كوتة المرأة بالقليوبية. كما فشل فى الفوز أيضا مرشحون يحظون بشعبية مثل إيهاب رمزى، مرشح الحزب الوطنى على مقعد الفئات ببنى مزار، والدكتور وجيه شكرى ساويرس مرشح حزب التجمع الذى يخوض الانتخابات للمرة الثالثة فى فئات بندر المنيا. قال الدكتور عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: «أنت لا تستطيع أن تتحدث عن انتخابات إلا فى مجتمع قابل لثقافة الديمقراطية من حيث القبول بالتعددية والتنوع والاختلاف، وإلا فالانتخابات لا تصبح معبرة عن النهج الديمقراطى». وأضاف: «المجتمع وصل إلى مرحلة من التفتيت وساد الفرز الدينى، وأصبح الانتخاب يتم بناء على أساس انتماء المرشح الدينى، ولو أن بطرس غالى ليس وزيرا لما نجح». وأشار إلى أنه بافتراض أن الأقباط سيحصلون على 5 مقاعد من بين 508 مقاعد فهذا يعنى 1% وإذا عين الرئيس 5 آخرين تصبح النسبة 2%. وقال إن أحداث العمرانية أكدت أن اللعبة التقليدية فى ثنائية الكنيسة والحزب الوطنى أصبحت غير صالحة، فاللعبة بين رجال دين، لا يجيدون العمل السياسى، والحزب الوطنى الذى يحصل على ما يريد من الأقباط بلا مقابل. وأكد جاد أن الكنيسة والحزب الحاكم يتشاركان فى محاربة أى نخبة مدنية علمانية قبطية لأنها ضد مصالحهما لأن وجود دور للعلمانيين الأقباط سيؤثر على التفاوض مع النظام باعتبارها ممثلتهم. فالكنيسة تركز على قضايا هامشية مثل بناء الكنائس ولا تتحدث مطلقا على حقوق المواطنة للأقباط التى هى الأساس فى حل مشاكل الأقباط، وقال «حكومة الحزب الوطنى تتحمل مسئولية الطائفية التى تبث فى مناهج التعليم والإعلام». وأضاف «تظل المشكلة الأساسية هى ثقافة المجتمع التى أوجدها النظام والتى تؤصل لحالة من الطائفية المتفاقمة، فالرأى العام يتعامل مع القبطى كآخر.. وآن الأوان أن يعمل الأقباط على تفعيل نشاطهم ودورهم المدنى». وقال ثروت باسيلى، وكيل المجلس الملى العام: «حتى الآن لم يثبت أن الأقباط حصلوا خلال هذه الانتخابات على النسبة الصحيحة لتمثيلهم فى البرلمان حتى لو نجح كل الأقباط الذين رشحتهم الأحزاب». وأشار باسيلى إلى أن التمثيل النيابى معناه أن النواب يمثلون كل أفراد المجتمع بنفس نسبة أفرادهم العددية فى المجتمع لكى يكون تمثيلهم صحيحا. ولفت إلى أن متوسط نسبة تمثيل الأقباط خلال ال28 عاما الماضية 1.6% وهو ما اعتبره غير عادل، متسائلا «هل هذه نسبة الأقباط فى مصر، هذا ليس معقولا؟!». وأرجع باسيلى سبب ضعف تمثيل الأقباط للنظام الانتخابى الفردى، مطالبا بتطبيق نظام القوائم النسبية الذى يعطى فرصة أفضل للأقباط، وقال «طالما استمر هذا النظام المعتمد على التوزيع الجغرافى فلن يتمكن الأقباط من الفوز بسبب أن نسبتهم العددية فى الدوائر لا تضمن لهم الفوز». وقال إن حادث العمرانية أدت إلى سلبية الأقباط فى الذهاب للتصويت، طالما أن الأقباط لا يجدون فائدة من مشاركتهم. واعتبر ممدوح رمزى، نائب رئيس الحزب الدستورى أن أقباط مصر يعاملون كالكومبارس على مسرح السياسة المصرية، «فلا يعقل أن من بين 508 نواب فى المجلس لا ينجح سوى ثلاثة أو أربعة أقباط، فى حين أن تعداد الأقباط 15 مليون مواطن» حسب تقدير رمزى. وتساءل رمزى: لماذا لا يكون هناك نظام محاصصة مثل لبنان ليحصل الأقباط على تمثيل سياسى يوازى نسبتهم العددية. وأكد رمزى أن الأقباط الذين شاركوا لم يعطوا أصواتهم للحزب الوطنى. وأرجع رمزى سبب ضعف تمثيل الأقباط «لأن حكومة الحزب الوطنى هى حكومة متعصبة والأشد كرها للأقباط». ودلل رمزى على عداء حكومة الحزب الوطنى للأقباط باستخدام الذخيرة الحية فى مواجهة المتظاهرين الأقباط فى أحداث العمرانية، مما أدى إلى مقتل شخصين. وقال «الأقباط ممنوعون من ممارسة حقوقهم السياسية مثلما هم ممنوعون من ممارسة أبسط حقوقهم المدنية المتمثلة فى بناء دور عبادة لممارسة شعائرهم الدينية» وقال نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان: «المشكلة ليست فى الأقباط فالمناخ الموجود معاد ولا مفهوم المواطنة للأقباط.. فالحكومة لم توجد المناخ المناسب لمشاركة الأقباط». وأكد جبرائيل أنه بعكس ما يقال عن الأقباط من أنهم سلبيون فقد شارك الأقباط هذه المرة بعدد كبير من المرشحين، وأضاف «الشارع المصرى سيطرت عليه الثقافة الوهابية المتشددة التى انعكست فى الممارسات التى يواجهها الأقباط مما يجعلهم يشعرون بأنهم أقلية غير مرغوبة». وقال إن موقف الأقباط تراوح ما بين الامتناع عن الذهاب للانتخابات كاحتجاج سلبى على أحداث العمرانية، ومن توجه للإدلاء بصوته لم يصوت للحزب الوطنى.