هل شاهدتم مباراة الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد ؟ المؤكد أن الذي شاهدها ويقارنها بأي مباراة محلية سواء في مصر أو في كل الدول العربية يتأكد أننا لا نلعب كرة القدم الحقيقية بمعايرها الفنية التي قدمها برشلونة وإنما نمارس لعبة شبيهة ونطلق عليها مجازا أسم نفس اللعبة التي يتقنها هؤلاء المبدعون الذين أمتعونا مساء أمس في ملعب "كامب نو" رغم التفوق الكبير للبارسا على الريال. هل يمكن أن نقارن حتى مجرد مقارنة بين المهارات والإبداع البشري الذي رأيناه في مباراة الدوري الاسباني وبين 99 % من مبارياتنا ؟..صعب جدا !! الفارق الواضح في مهارات الاستلام والتسليم لكل اللاعبين خاصة نجوم برشلونة يؤكد أن تنشئة لاعبينا على المهارات الأساسية يفتقد الكثير من العلم والاجتهاد والتركيز وربما الضمير أيضا ! السرعات العالية للاعبين طوال 90 دقيقة يجعل المشاهد يلهث وهو يتابع الكرة بينما يذهب في ثبات عميق وهو يشاهد الكثير من مبارياتنا المحلية وربما الدولية أيضا .. ويكشف الهوة السحيقة بين معدلات اللياقة البدنية والذهنية بين أولئك الذين رأيناهم أمس ومن يدعون النجومية في ملاعبنا . القدرات الكبيرة في رسم تحركات متقنة ودرجة التفاهم والترابط بين عناصر الفريق الكتالوني وتنفيذ الهجمة وإنهائها بنجاح بنسب عالية وأيضاً تنفيذ الضغط الدفاعي يؤكد أن هناك وعي وفكر ودراسة وعلوم كثيرة وراء صناعة هذه اللوحة الإبداعية في مقابل الكثير من الفهلوة والعشوائية والاجتهادات الشخصية التي غالبا ما تكون على فترات متباعدة وتمثل طفرات فردية لا تتكرر إلا نادرا في مباريات تلك اللعبة التي نسميها نحن العرب مجازا كرة القدم !! ربما تكون انطباعاتي هذه انطباعات مشاهد عادي رغم أنني أمضيت في عالم الصحافة الرياضية أكثر من ربع قرن وقبلها عقد كامل من متابعة اللعبة الشعبية الأولى كهاو لها مثل الملايين تعبر عن انبهار غير المتخصص بمستوى المباراة وخاصة فريق برشلونة وتصورت للحظات أنني قد أكون مبالغ في رؤيتي ورأيي وانطباعي. كان يجلس إلي جواري ونحن نتابع المباراة الصديقين طارق العشري احد نجوم التدريب المصري وأحمد ناجي أستاذ تدريب حراس المرمى في مصر وعدد من الزملاء النقاد الرياضيين والإعلاميين وكانوا جميعا يشاركونني نفس الرأي والشعور وربما كان العشري وناجي أكثر انبهارا منا نحن النقاد !! كان الجلسة الودية التي جمعتنا خلال المباراة للاحتفال بطارق عن أدائه المميز في الموسم الكروي الماضي حيث حرصت جمعية الثقافة الرياضية ورئيسها الإعلامي أشرف محمود على تكريم المدرب الشاب والذي تأخر كثير لارتباطات المدرب المهنية الكثيرة والمتوالية . وتشاء الأقدار أن تجرى الاحتفالية في الوقت الذي كان برشلونة يحتفل على طريقته الخاصة بالنادي الملكي ويقدم المدرب الاسباني الشاب جوسيب جوارديولا درسا مجانيا لكل المدربين في العالم بما فيهم الداهية البرتغالي جوزيه مورينو الذي ظهر لا حول له ولا قوة أمام خطة وتكتيكات منافسه الشاب . قلت للعشري : " نحن لا نلعب الكرة يا صديقي" .. فقال : نحن نعذب الكرة.. فرددت بسرعة بل وتعذبوننا أيضا وتخدعونا بأنكم تلعبون كرة قدم وهذا وهم لا بد أن نتخلص منه !