سؤال وجواب، كل ما تريد معرفته حول تقليل الاغتراب بالتنسيق الإلكتروني    محافظ أسيوط يعلن تخفيض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام إلى 207 درجة وفصول الخدمات إلى 188 للعام الدراسي الجديد    تنسيق الجامعات 2025، كيفية تقليل الاغتراب بين الكليات والمعاهد وموعد التسجيل    البنك التجاري الدولي يرفع حد شراء العملات الأجنبية للمسافرين إلى 10,000 دولار أمريكي    8 قرارات عاجلة لمجلس الوزراء، اعرف التفاصيل    إصابة 4 أشخاص إثر تصادم سيارتين بقنا    تأجيل محاكمة مزارع قتل والده في القليوبية    وفاة الأديب الكبير صنع الله إبراهيم عن 88 عامًا    إخلاء كامل.. تفاصيل حريق مستشفى حلوان العام    اتصالان لوزير الخارجية مع نظيره الإيراني والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزارة الرياضة: ليس لدينا دخل بالترضيات الخارجية للاعبين.. واتحاد الكرة المسؤول عن مراجعة العقود    آخرهم حسام البدري.. 5 مدربين مصريين حصدوا لقب الدوري الليبي عبر التاريخ    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تن وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تقش مع نظيرتها الأردنية الجهود المشتركة لتحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز سياسات النمو والتشغيل    مدبولي يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    درجات الحرارة اليوم في مصر الأربعاء 13 أغسطس 2025.. أسوان تسجل 49 درجة    وزير السياحة والآثار: 41% من المنشآت الفندقية تطبق اشتراطات الممارسات الخضراء    بين الاجتهاد البشري والذكاء الاصطناعي، نقاشات حول مستقبل الفتوى الرقمية في مؤتمر الإفتاء (صور)    وزير الخارجية يستعرض محددات الموقف المصرى من التطورات الإقليمية مع ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية المعتمدة بمصر    نيوكاسل يتعاقد رسميًا مع ماليك ثياو    "قوية ورادعة".. وزارة الرياضة تعلق على عقوبات جماهير الزمالك    "الشناوي في حتة تانية".. تعليق ناري من الحضري على مشاركة شوبير أساسيا مع الأهلي    "التضامن": ملف الطفولة المبكرة على رأس أولوياتنا لتعزيز الريادة في رعاية جيل المستقبل    وزير الدفاع السوري يزور العاصمة التركية الأربعاء    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    وزير التربية والتعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    مجلس الوزراء ينعي علي المصيلحي ويقف دقيقة حداد في بداية اجتماعه    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    الرئيس السيسى يهنئ رئيس جمهورية تشاد بذكرى العيد القومى    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    «الزراعة» تكشف قصة نجاح الوزارة في حماية الثروة الحيوانية من العترة الجديدة لفيروس الحمي القلاعية    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام في صراع السوبر الأوروبي    وزير الري يتابع المشروعات التنموية في سيناء    شجرة أَرز وموسيقى    إبراهيم عبد المجيد عن «ثلاثية الإسكندرية»: طفولتي كانت فيها    قافلة المساعدات المصرية ال 14 تنطلق إلى قطاع غزة    الاحتلال ينسف مجموعة كبيرة من المنازل في حي الزيتون جنوب شرق غزة    رئيس «الرعاية الصحية» يتابع ملف التدريب والبحث الطبي بمنشآت التأمين الصحي    رئيس جامعة القاهرة يشارك في التصويت بانتخابات صندوق الزمالة ويؤكد تعظيم موارده وتطوير خدماته    أسعار النفط تستقر بعد بيانات عن تباطؤ الطلب الأمريكي    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    أمين عمر حكماً لمباراة بيراميدز والإسماعيلي بالدوري    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي، بأقل التكاليف    مصطفى كامل ل أنغام: عفا الله عما سلف    عاجل| أمريكا تستعد لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    رسميًا.. قائمة أسعار الكتب المدرسية لجميع المراحل التعليمية 2025/2026 «تفاصيل وإجراءات الصرف»    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    المتحدة تُطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    فترة تحمل لك فرصًا كبيرة.. حظك اليوم برج الدلو 13 أغسطس    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمر وياسمين.. وحنين لمطر الياسمين
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 11 - 2010

قمر وياسمين.. ليسا اسمين حقيقيين ولكنهما لفتاتين طالما نلتقى بهما فى العديد من المدن العربية بمراكز أو حتى ملاهى ومقاهٍ.. تختلف الأماكن والفتيات ولكن تبقى الأسماء التى أحببت أن أطلقها عليهما.. هن كالبدر فى أول إطلالته وفى عيونهن حنين إلى مطر الياسمين.
هن عيون تنطق بكلمات لا يعرفها اللسان أو ربما هى الانفصال الدائم بين ما تقوله عيونهن وما تقوله ألسنتهن.. العيون أكثر صدقا وحزنا وعتبا أم الألسن، فقد تدربت وهى باختصار كما قال لى أحد الأصدقاء المتابعين لأحوال كل الأقمار والياسمين فى كل جهات الكون ليست عذارء.. فقد فقدت تعابيرها الأولى منذ أن قام آخرون كبار بإدخالها فى عوالم لم تتخيلها فى أكثر لحظاتها تعاسة.. هم من أجبروها على أن تترك مقعد الدراسة إلى مقعد آخر فى ليل المدن المظلمة! هم من سرقوا طفولتها وصباها وشبابها حتى أصبحت كهلة فى عمر الزهرة الأولى.. كهلة وهى لم تتجاوز الحادية عشرة من عمرها!
فى غرف بمراكز تعرت من إنسانيتها فى الكثير من الأحيان.. جدران تنخرها الرطوبة، وأرضيات متهالكة بفعل الزمن وقلة العناية.. هناك بمثل هذه المراكز فى شوارع وأزقة وحوارى عربية كثيرة تلتقى بهن أيضا.. فتيات فى أعمار لا تقل عن الأحد عشر ولا تزيد على السادسة عشرة وكلهن يحملن نفس الإجابات فيما عيونهن ترسم تفاصيل قصص وحكايات أخرى.. كلما أكثرنا من الكلام لا الأسئلة وأدخلنهن فى دهاليز الحديث.. هناك ربما فقط ربما يفتحن بعض أبواب قلوبهن الموصدة.. تبدأ قمر بكلمات حادة تروى دربها الطويل مقارنة بسنين عمرها.. تختصر بعض الحقائق وتطيل فى التفاصيل.. تماطل بعض الشىء وتنكشف لأن البراءة تبقى أكثر نقاء وقوة من الخبرة والتجربة رغم صعوبة وتعقيد الأخيرة.. هى التى لم تكمل بعد سنواتها الاثنتى عشرة تنقلنا إلى عالم الظلام فى مدن النور والتنوير! تسقط بين الكلمة والأخرى أسماء لرجال جاءوا من «مدن الملح» بحثا عن متعة سريعة ولكنها «آمنة» مع فتيات بكر.. تختلف الحكايات لكل قمر وياسمين واحدة رحل بها والدها أو ربما والدتها من مدن الحرب والنزاع إلى عواصم الأضواء الساطعة! وأخرى انتقلت من أتربة بيوت الطين لفقراء الريف إلى ثراء المدن المكتظة برجال يحاربون السنين وعلاماتها عبر صبغات الشعر السوداء وبعض من المساحيق البالية وإعادة الشيخ إلى صباه مع صبية هى فى الكثير من الأحيان من عمر بناته أو حفيداته!
بعضهم يفضلها حلال ولهذه تجارها وسماسرتها وآخرون يجدون من يبرر لهم فعل اغتصاب الزمن من زهرة فى تفتحها الأول.. أما الوسطاء فلديهم من القدرة على تجميل القبيح وتحليل المحرم.. هنا إغراء بأموال طائلة وحياة رغيدة للفتاة وأهلها.. وهناك غواية المكان الذى سينقل صاحبة الصوت الرخيم والقوام الرشيق إلى مصاف نجمات الغناء والفن! الوسطاء حواة يبيعون الأحلام فى علب الوهم.. يسوقونها مرورا بفقر الضحية وضعفها وقلة خبرتها والأهم طمع المسئولين عنها، أولئك الذين منحهم المجتمع صفة أولياء الأمر.. آباء وأمهات فتحوا بطون بيوتهم ليتسلل إليها القادم الحامل محفظة تنحشر فيها الأوراق المتراصة تغرى العين وترخص من قيمة الإنسان الذى هو قمر أو حتى ياسمين!
عندما تنتهى الحكاية تبدأ الحقيقة فى التجلى كما الشمس وهى تتلصص على ظلام الليل فى ساعات الصباح الأولى.. تستفيض ياسمين بمجرد أن تستجمع بعض الشجاعة من كل تلك الفتيات الجالسات بحواس كلها سقطت فى عيونهن التى تبحث فى ثنايا الحديث عن شىء من الطمأنينة أو بعض من الأمن والأمان المفقودين حتى عند الأكثر قربا من حبل الوريد.. كثيرات منهن لم تعرفن حيوات أخرى.. هن ثروة الأسرة وزادها.. رغيفها وخاتم الذهب الأصفر بأصبعها.. تولد لتكون مسئولة عن أسرة وكأنها تدفع ثمن إحضارها إلى هذا العالم.. وما ان تفطم من ثدى أمها يبدأون فى إعدادها لتلك المرحلة المقبلة لتتحول إلى صندوق نقود الأسرة.. يربونها ويكبرونها.. يطعمونها ما يملكون حتى تطعم حياتها كلها لهم ولغيرهم من سماسرة الأقمار المضيئة.
عندما تفتح صندوق العجائب هذا وتنبش قصصا لأقمار كثيرة افترشت ليل المدن الصاخبة.. عندما تفعل ذلك تأتيك التهم الواهية «كيف تنشرون غسيلنا القذر؟» أليس الغسيل القذر خلق لكى ينشر بعد غسله وقبله؟! أو أنها حالات نادرة هناك فقط عشر أو أقل.. ولكنهم لا يعرفون أن قمر وياسمين ليستا أرقاما تضاف إلى تعداداتهم.. هن عيون وقلوب تفيض حنينا للحنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.