تلوح في الأفق بوادر أزمة في العلاقات الدبلوماسية بين الولاياتالمتحدة وألمانيا في أعقاب الإعلان عن تسريب مئات الآلاف من الوثائق السرية عبر موقع ويكيليس المتخصص في نشر الوثائق الحكومية. وذكرت صحيفة "بيلد آم زونتاج" الألمانية، الصادرة اليوم الأحد، أن الوثائق تشمل تفاصيل "سرية ومحرجة" واتصالات دبلوماسية للولايات المتحدة مع دول أخرى وتقديرات شخصية للسفراء الأمريكيين عن وزراء بالدول التي يمثلون بلادهم فيها. وأبرزت وسائل الإعلام الألمانية مبادرة وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، بالاتصال مع نظيرها الألماني، جيدو فيسترفيله، للاعتذار مقدما عن محتوى بعض هذه الوثائق التي أوضح خلالها السفير الأمريكي ببرلين أن وزير الخارجية الألماني "ضعيف سياسيا" بسبب فشل الحزب الديمقراطي الحر الذي يتزعمه في تحقيق وعوده الانتخابية، فضلا عن احتياج فيسترفيله في أول الأمر لتعلم كيفية إدارة الأمور في وزارته. وقالت الصحيفة الألمانية إن الوثائق تحدثت عن نقاط إيجابية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ولوزير الدفاع كارل تيودور تسو جوتنبرج، فيما أعرب السفير الأمريكي ببرلين، فيليب مورفي، عن ثقته في أن العلاقات المتينة بين البلدين ستتجاوز التحدي الكبير الذي سينجم عن نشر هذه الوثائق السرية في إشارة إلى أن الوثائق تحمل الكثير من الضربات الموجعة للعلاقات بين البلدين. واعترف السفير الأمريكي بأن نشر الوثائق الأمريكية من شأنه التأثير سلبا وبشكل مباشر على التعاون مع الحكومات في أنحاء العالم وإثارة حالة من القلق. وأجرى وزير الخارجية الألماني الأربعاء الماضي مشاورات مع السفير الألماني في هذا الصدد، كما اتصل وزير الاقتصاد راينر برودرليه بالسفير للتعرف على تفاصيل الوثائق واحتواء تداعيات نشرها. وأعرب دبلوماسي أمريكي بارز للصحيفة الألمانية عن المخاوف من أن يؤدي نشر الوثائق إلى تهديد حياة العديد من الأفراد في أنحاء العالم بسبب إخطارهم الجانب الألماني بمعلومات سرية، وقد يؤدي النشر إلى استبعاد العديد من السفراء أو استدعائهم على الأقل. من ناحية أخرى أخطرت الخارجية الأمريكية دول الصين وبريطانيا وفرنسا والدنمارك والنرويج وإسرائيل وكندا وأستراليا والسعودية والإمارت العربية المتحدة وتركيا بمحتوى هذه الوثائق. وتستعد وزارة الخارجية الأمريكية لقيام موقع ويكيليكس بنشر مئات الآلاف من الرسائل والتقارير السرية في وقت ما خلال الأيام القادمة. ومن المتوقع أن تنشر مجلة "دير شبيجل" الألمانية وصحيفتا "الجارديان" اللندنية و"نيويورك تايمز" الأمريكية في وقت واحد تقارير بشأنها ثم تظهر بعدها بيوم أو يومين روابط مباشرة للوثائق. وذكر موقع "نيتس بوليتك" الألماني أمس السبت، أن الموقع الإلكتروني لمجلة دير شبيجل نشر لبعض الوقت تقريرا به تلميحات بشأن بعض تفاصيل وثائق ويكيليكس. وسحبت دير شبيجل التقرير بعد وقت قصير من نشره على الإنترنت. ووفقا للرابط إلى المقالة التي اختفت، ستشمل الوثائق 250 ألف برقية دبلوماسية أرسلها ممثلو الولاياتالمتحدة في جميع أنحاء العالم إلى وزارة الخارجية في واشنطن. وذكر موقع "نيتس بوليتك" أن معظم المستندات أرسلت منذ عام 2004 وهناك وثيقة واحدة فقط يعود تاريخها إلى 1966. ويرجع أكثر من 9 آلاف وثيقة إلى أول شهرين من العام الجاري. ورفضت دير شبيجل التعليق على صحة تقرير نيتس بوليتك أو ما إذا كان نشر ملخص الوثائق قد جرى وضعه على الموقع الإلكتروني بطريق الخطأ. وانتقدت واشنطن بشدة ويكيليكس، متهمة الموقع بتعريض الأمن الوطني وحياة الأفراد للخطر. وتؤكد وزارة الخارجية الأمريكية أن تلك الوثائق سرقت ويجب إعادتها.