الانتخابات الحقيقية هى مناسبة يتحول فيها الحاكم إلى محكوم والمحكوم إلى حاكم. وتعد نسبة المشاركين فى عملية التصويت قضية مهمة لأكثر من سبب أهمها أن هذه النسبة توضح مدى احترام المواطنين لمؤسسة الانتخاب نفسها، واعتقادهم بنزاهة القائمين عليها. وعزوف الناس عن التصويت فى الانتخابات يعكس إما عدم ثقتهم فى القائمين عليها أو أنهم لا يجدون فروقا ذات بال بين الوضع الراهن ووضع ما بعد الانتخابات. وتنجح الحكومات التسلطية فى تركيب خلطة قانونية ونفسية وثقافية تجعل الناخب غير راغب أو قادر على المشاركة، ولكنها لا تنسى أن تدعو الجميع للمشاركة، وحين لا يشاركون يلقى أنصار التسلط باللوم على المواطن السلبى العازف عن القيام بمهام المواطنة بطبيعته. تعالوا نقارن بين نسبة تصويت المصريين فى الانتخابات التشريعية (لإجمالى المقيدين فى الجداول الانتخابية) ونسب مشاركة الذين صوتوا فى انتخابات دول مناظرة لنا أو قريبة منا. وهو ما قد يساعد فى الحكم على نجاح عملية الإصلاح السياسى التى يقودها الحزب الحاكم. فى جنوب إفريقيا كانت نسبة التصويت فى عام 2009 هى 77 بالمائة، وفى تركيا كانت نسبة التصويت فى انتخابات عام 2007 هى 84 بالمائة، وفى البرازيل كانت نسبة التصويت فى انتخابات 2006 هى 83 بالمائة، وفى انتخابات 2005 فى شيلى كانت النسبة 87 بالمائة، وفى انتخابات 2005 فى إثيوبيا 82 بالمائة، وفى انتخابات إندونيسيا فى عام 2004 كانت النسبة 84 بالمائة، وانتخابات 2009 فى إسرائيل شهدت نسبة تصويت فى حدود 64 بالمائة، وفى انتخابات 2004 بالهند كانت نسبة التصويت حوالى 58 بالمائة، وفى إيران كانت النسبة حوالى 51 بالمائة فى انتخابات برلمان 2008 (أى بمتوسط 74 بالمائة فى الحالات التسع السابقة). أما آخر نسبة تصويت المصريين فى آخر انتخابات لمجلس الشعب فى سنة 2005 فكانت النسبة 28 بالمائة، وكانت قبل ذلك فى حدود 45 إلى 50 بالمائة حيث لم يكن هناك إشراف قضائى وبالتالى كانت الحكومة تضع الأرقام التى تريدها؛ مع ملاحظة أن الكثير من المصريين يصوتون لأسباب قبلية أو فى مقابل رشاوى انتخابية. إذن فى انتخابات مصر سيفوز الحزب الوطنى الديمقراطى وستخسر مصر والوطن والديمقراطية. ولكن على الأقل من يذهب إلى صندوق الاقتراع سيُجهِد المزورين حتى وإن لم يُجهِض التزوير، ويكون قد وفى بالتزامه أمام وطنه وربه الذى قال: «ولا يأب الشهداءُ إذا ما دُعوا».