حينما تتم تنحية المشاعر الإنسانية جانبا وتتحدث لغة السياسة خاصة فى موسم الانتخابات فإن وفاة النائب المخضرم كمال الشاذلى، التى مثلت مصيبة للحزب الوطنى بفقدانه مقعد الفئات «الغالى» بدائرة الباجور بعد وفاة صاحبه فإن رحيل الشاذلى مثل فائدة سياسية لحزب الوفد ممثلة فى مرشحه محمد كامل، الذى أصبح الطريق ممهدا أمامه لاقتناص المقعد بعد أن استعصى عليه الأمر فى انتخابات 2000 و2005 مع أنه أقام دعاوى قضائية وصف فيها الانتخابات بأنها مزورة يحيى رشاد سكرتير عام لجنة الوفد فى الباجور، كان أحد هؤلاء الذين عرفوا بخبر وفاة الشاذلى قبل أن يعرفه الكثيرون من وسائل الإعلام، وبادر بالاتصال برئيس الحزب السيد البدوى لتهنئته بأول مقعد للوفد فى انتخابات الشعب إلا أن رئيس الحزب الأكثر خبرة بالسياسة قال له «بس استنى شوية لما نشوف»، على حد قوله. ويعتقد رشاد وهو مدير تحرير «وفد المنوفية» التى سبق وشنت حملات صحفية كثيرة على الشاذلى وأدواره السياسية، وإن الفرصة أصبحت كبيرة أمام محمد كامل، الذى يشغل منصب رئيس اللجنة العامة للوفد بالمنوفية، خاصة مع خلو الساحة أمامه من رجل الوطنى القوى، الذى كان قادرا على رفع سماعة التليفون والاتصال بالرئيس أو بوزير الداخلية، على حد قوله، وكان يتناقل الناس عنه أنه «قادر على كل شىء إلا إحياء الموتى». «خلاص راح شيحة وراحت ألاعيبه» يقول رشاد فى تورية تشير إلى أن كثيرا من العقبات زالت الآن أمام مرشح حزبه فى الباجور، أما عن بقية المرشحين المستقلين على نفس المقعد البالغ عددهم ثمانية، والذين سبق وشجعهم مرض الشاذلى على الإقدام على الخطوة فى سابقة لم تحدث منذ سنين، فيرى رشاد أنهم «ضعاف بدرجة لا تمثل تهديدا لمرشح حزبه». كان هذا عن المرشحين، أما عن الناخبين وحسبما بدا فى جلساتهم ودردشات البعض منهم فقد جاءت وفاة الشاذلى، لتغيير الحسابات، وربما تنعش الأمل قليلا فى تغيير ما فى الدائرة، التى ظلت حكرا على الحزب الوطنى لسنين. ورغم أن ملامح الشماتة لم تبد حتى على أنصار كامل التقليديين والمعارضين عموما فى الدائرة لاسيما مع قيام كامل نفسه بنشر نعى فى جريدة الأهرام للشاذلى، فإن البعض منهم اعتبرها بمثابة «نهاية لعهد سياسى وبداية لعهد جديد يخلو من سيطرة الشاذلى بما كان يرمز من أسلوب فى الإدارة وسياسات لاقت سخطا كبيرا من جانبهم»، حسبما قال أحدهم ل «الشروق»، مفضلا عدم ذكر اسمه. ويتعارض هذا الرأى مع المشاركة الشعبية الواسعة فى جنازة الشاذلى فى مدينة الباجور والشعارات، التى رددها المشيعون حيث طالبوا بضرورة إلغاء الانتخابات فى الدائرة وترشيح معتز الشاذلى نجل النائب الراحل خلفا له. ولذلك لا يبدو الأمر محسوما خاصة فى ظل إجراء الانتخابات هذه المرة فى غيبة الضمانات، التى سبق وطالب بها حزب الوفد وبقية أحزاب ائتلاف المعارضة، وعلى رأسها الإشراف القضائى على الانتخابات، وهو الأمر الذى يعتقد معه الكثيرون من أهالى الدائرة أن غالبية مفاتيح اللعبة والقدرة على تحديد نتائجها ما تزال فى يد «حكومة الحزب الوطنى»، إلى الدرجة التى تنتشر بينهم شائعات تصل إلى حد تخيل احتمالات لقيام الحكومة ب «إلغاء الانتخابات فى الدائرة» من الأساس، خصوصا أن هناك أصواتا طالبت بأن يكون مقعد الشاذلى لابنه معتز، إلا أن مصادر فى الوطنى استبعدت حدوث هذا السيناريو.