هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    الإسكان تحدد مواعيد تقنين الأراضى بمدينة العبور الجديدة الإثنين المقبل    تغييرات في الحراسة وطوارئ استثنائية.. كيف استقبل رئيس فنزويلا تهديدات ترامب؟    هجوم روسي على كييف: أصوات انفجارات ورئيس الإدارة العسكرية يحذر السكان    وزير الأوقاف ناعيًا الحاجة سبيلة عجيزة: رمز للعطاء والوطنية الصادقة    Yalla shoot live بث مباشر مجانًا سوريا تواجه قطر في كأس العرب 2025.. القنوات الناقله وطرق المشاهدة    إنتر يكتسح فينيزيا بخماسية ويتأهل بقوة إلى ربع نهائي كأس إيطاليا    بيراميدز يتلقى إخطارًا جديدًا بشأن موعد انضمام ماييلي لمنتخب الكونغو    فيديو اللحظات الأخيرة للسباح يوسف محمد يحقق تفاعلا واسعا على السوشيال ميديا    انتهاء مهلة إنذار معالى للزمالك.. واللاعب يبدأ إجراءات فسخ تعاقده    النيابة الإدارية يعلن فتح باب التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية لخريجي دفعة 2024    قناة الوثائقية تستعد لعرض سلسلة ملوك أفريقيا    محافظ سوهاج يشيد بما حققه الأشخاص ذوي الهمم في يومهم العالمي    أزمة مياه بالجيزة.. سيارات شرب لإنقاذ الأهالي    الطب البيطري: ماتشتريش لحمة غير من مصدر موثوق وتكون مختومة    ترامب يعلن بدء استهداف تهريب المخدرات ويكشف عن اتصالات مع مادورو    ترامب: لقاء ويتكوف وكوشنر مع بوتين أظهر رغبة روسيا في إنهاء الحرب    أهلي بنغازي يتهم 3 مسؤولين في فوضى تأجيل نهائي كأس ليبيا باستاد القاهرة    موعد مباريات اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025| إنفوجراف    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق النار شرق جباليا شمال قطاع غزة    ظهور تماسيح يثير ذعر الأهالي في الشرقية وتحرك عاجل من المحافظة (فيديو وصور)    استئناف المتهمة في واقعة دهس «طفل الجت سكي» بالساحل الشمالي.. اليوم    بالأسماء.. إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ب بني سويف    ضياء رشوان: موقف مصر لم يتغير مللي متر واحد منذ بداية حرب الإبادة    وزير الثقافة يُكرّم المخرج خالد جلال في احتفالية بالمسرح القومي.. صور    بلاغ للنائب العام ضد أحمد مراد بتهمة إزدراء الأديان    استشاري يحذر: الشيبسي والكولا يسببان الإدمان    العناية الإلهية تنقذ أسرة من حريق سيارة ملاكى أمام نادى أسوان الرياضى    مصر تستورد من الصين ب 14.7 مليار دولار في 10 أشهر من 2025    الشباب والرياضة: نتعامل مع واقعة وفاة السباح يوسف بمنتهى الحزم والشفافية    ألمانيا والنقابات العمالية تبدأ مفاوضات شاقة حول أجور القطاع العام    آثار القاهرة تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    ياسمين الحصرى ل معكم: أتمنى أن يقبل الله عملي وينالني شفاعة النبي    تصادم موتوسيكلات ينهى حياة شاب ويصيب آخرين في أسوان    أسامة كمال عن حريق سوق الخواجات في المنصورة: مانبتعلمش من الماضي.. ولا يوجد إجراءات سلامة أو أمن صناعي    هل الفراخ السردة غير صالحة للاستهلاك الآدمي؟ شعبة الثروة الداجنة توضح    هيئة قضايا الدولة تُنظم محاضرات للتوعية بمناهضة العنف ضد المرأة    حلمي عبد الباقي: لا أحد يستطيع هدم النقابة وكل ما يتم نشره ضدي كذب    أكرم القصاص ل إكسترا نيوز: ضمانات الانتخابات أعادت الثقة للناخبين    رئيس جامعة المنوفية وأمين عام الأعلى للجامعات يطلقان فعاليات مؤتمر خدمة المجتمع    بدء تحصيل الزيادة الجديدة في قانون الإيجار القديم من ديسمبر... اعرف قيمتها    مها محمد: كوليس ورد وشيكولاتة أجمل من التصوير    قرارات جديدة تعزز جودة الرعاية الصحية.. اعتماد 19 منشأة صحية وفق معايير GAHAR المعتمدة دوليًا    لأول مرّة| حماية إرادة الناخبين بضمان رئاسى    هل يجوز التصدق من أرباح البنوك؟| أمين الفتوى يجيب    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    الخامس في قنا.. القبض على " قرموش" لشراء اصوات الناخبين    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    في اليوم العالمي لذوي الهمم.. انتصار السيسي: وجودكم يضيف قيمًا وإنسانية وجمالًا لا يُقدّر بثمن    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    توافد الناخبين للتصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالإسكندرية| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحية العيد لشعوب أمريكا اللاتينية
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 11 - 2010

لعلك تدهش عزيزى القارئ أننى أوجه تحية العيد لشعوب غالبيتها الساحقة ليست من المسلمين، بل وتعتز بثقافتها المسيحية، سوف أشرح لك السبب، ولكن دعنى أولا أقول لك كل عام وكل شعوب المسلمين فى أفضل حال.
ودين الإسلام بسماحته يدعو إلى التآخى مع كل شعوب العالم «إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا». وقد اخترت فى هذا المقال الحديث عن شعوب أمريكا اللاتينية حتى أبعدك للحظات وأنت تستعد للاحتفال بالعيد عن همومنا التى لا نرى مخرجا قريبا منها.
لا أريدك أن تتحسر على أوضاعنا السياسية ونحن مقبلون على انتخابات يندر أن تجد مثيلا لها فى أى دولة فى العالم عرف شعبها تجربة الديمقراطية، ولن تجد لها مثيلا فى الدول العربية إلا ربما فى تونس، وليس فى اليمن أو فلسطين المحتلة.
ولعل أقرب دول العالم لما نعرفه فى مصر هو ميانمار سابقا بورما والتى نجحت الأحزاب التى تؤيد حكومتها العسكرية بثمانين فى المائة من مقاعد مجلسها النيابى بينما قاطعت المعارضة هذه الانتخابات، ولن يكون الأمر مختلفا كثيرا عندنا بعد أسبوعين أو ثلاثة على الرغم من مشاركة كل أحزاب المعارضة تقريبا.
ولا أريد أن أحدثك عن أوضاعنا الاقتصادية، ولن أقول لك إنه على الرغم من معدلات النمو العالية قبل الأزمة المالية العالمية، تلك المعدلات التى تفخر بها الحكومة. فلسنا على الطريق الذى يمكن أن يضمنا إلى قائمة الدول الصناعية الجديدة التى حضرت اجتماع مجموعة العشرين فى بداية هذا الأسبوع فى سول عاصمة كوريا الجنوبية.
ولكن لماذا أذهب بعيدا وأحدثك عن دول تفصلها عنا صحراوات ومحيط، وتبعد عنا ساعات سفر طوال، وآلاف الأميال. لذلك سببان، أولهما أن هذه البلاد تريد أن تتواصل معنا، وشعوبها تؤيد قضايانا، كانت كل من المكسيك وشيلى تتمتعان بعضوية مجلس الأمن فسنة 2003 عندما أرادت إدارة الرئيس بوش أن تحصل من هذا المجلس على قرار يوفر الشرعية لعملها العسكرى ضد العراق.
وكان رفض هاتين الدولتين من الأسباب التى حالت دون تمكن الولايات المتحدة وبريطانيا من الحصول على أغلبية الأصوات التسعة اللازمة لاستصدار مثل هذا القرار، ولعلك تعرف مقدار تعاطف هوجو تشافيز رئيس فنزويلا مع قضايانا العربية عموما وانتقاده الدائم لسياسات إسرائيل.
بل الأكثر من ذلك أن حكومات هذه الدول اقترحت عقد لقاء قمة دورى مع الدول العربية لتنسيق وتدعيم التعاون بين المجموعتين، وقد تلقت معظم الدول العربية هذه الدعوة بكل البرود، ولم يعن معظم القادة العرب بالمشاركة فى هذه القمة، وطبعا لن تدهش إذا عرفت أن مصر لم تمثل فى أى من هذه الاجتماعات لا برئيس الدولة ولا حتى برئيس الوزراء. وقد حضر إلى مصر من رؤساء هذه الدول كثيرون، بل وحضر أكثر من رئيس لبعض هذه الدول مصر أكثر من مرة.
جاء إلى القاهرة رؤساء البرازيل والأرجنتين وبوليفيا، وغيرهم، ولم تلق زياراتهم اهتماما كبيرا لا من المسئولين ولا من الإعلام، وإذا كان رشيد محمد رشيد قد خرق هذه القاعدة بزيارة طويلة لكل من البرازيل والأرجنتين منذ شهور قليلة، وهو ما يستحق عليه التحية، فإن ذلك لم يغير كثيرا من تجاهل هذه الدول فى زيارات كبار المسئولين الآخرين.
وقد تسألنى عزيزى القارئ وهل يلحقنا ضرر من هذا التجاهل. أقول لك نعم بكل تأكيد، فنحن ننصرف عن القوى الجديدة التى تصنع مستقبل هذا العالم. ثلاث من دول أمريكا اللاتينية أعضاء ثابتون فى مجموعة العشرين، وهى المكسيك والبرازيل والأرجنتين، وتشارك البرازيل فى عضوية مجموعتين صاعدتين فى السياسة الدولية، مع الصين وجنوب أفريقيا فى مجموعة، ومع الهند والصين والاتحاد الروسى فى مجموعة أخرى، ويلتقى قادة هذه الدول دوريا لينسقوا مواقف مؤثرة فى السياسة الدولية يضيف غيابنا عنها مزيدا من انعدام الفاعلية لمركزنا على الصعيد العالمى.
وقدرات هذه الدول على مساعدتنا فى مجالات عديدة هى قدرات هائلة. أذكرك عزيزى القارئ بأن المفاعل الذرى الثانى قد بنته مصر بمساعدة الأرجنتين، كما أن العديد من الطائرات التى تستخدمها مصر للطيران فى خطوطها الداخلية هى من إنتاج شركة برازيلية تصل حصتها فى سوق الطائرات متوسطة الحجم إلى ما يصل إلى سبعين فى المائة فى هذه السوق. بل إنه من المتوقع أن يواصل الاقتصاد البرازيلى نموه فى السنوات القادمة ليصبح فى خلال أربع سنوات خامس اقتصاد فى العالم.
ولكن الذى يدعو إلى الانبهار بتجربة أمريكا اللاتينية هو تقدمها السريع فى مجال التنمية الإنسانية، أى تعظيم قدرات البشر على نحو يوسع من نطاق اختياراتهم فى الحياة، وقد شهدت التقارير الأخيرة للتنمية البشرية بأن بعض دول أمريكا اللاتينية كانت من بين الأسرع فى العالم فى تحسين مستوى التنمية البشرية، ومنها تحديدا كل من جواتيمالا وبوليفيا والبرازيل، وذلك بسبب التقدم الهائل فى رفع مستويات التعليم والصحة والدخل، وهكذا قفزت البرازيل إلى مستوى التنمية البشرية العالية بينما لا تزال مصر تقبع فى الموضع الأول بعد المائة بين الدول ذات المستوى المتوسط.
وقد كان السبب فى ذلك هو السياسات المبتكرة التى اتبعتها حكومات بعض هذه الدول لكى تحارب الفقر وضعف التحصيل الدراسى لأبناء الفقراء.
ولكن الجدير بالإعجاب حقا هو التحول الديمقراطى فى هذه الدول، والتى كانت تقبع حتى منتصف الثمانينيات فى أغلبيتها الساحقة تحت الحكم العسكرى منذ ذلك الحين أصبحت تعرف الانتخابات الحرة النزيهة، وتداول السلطة من خلال صندوق الانتخابات، وعزل الرؤساء الفاسدين وتقديمهم للمحاكمة، ووصول قوى اجتماعية وسياسية جديدة إلى أعلى مراتب السلطة فى البلاد، وتحررا حقيقيا للمرأة.
وانبثاق أفكار جديدة تتحدى هيمنة فكر المنظمات المالية العالمية. لقد أصبح العامل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذى كسب قوته وهو فى صغره بمسح الأحذية رئيسا للبرازيل على فترتين، ولم تغره شعبيته الهائلة التى لم ينل مثلها رئيس برازيلى مثله بتغيير الدستور لينال فترة ثالثة بعد ثمانية أعوام قضاها على رأس البلاد، وتبوأت المرأة بالانتخاب مقاليد رئاسة الدولة فى شيلى والأرجنتين، وأخيرا فى البرازيل، والتى تستعد لخلافة لولا فيها ديلما روسف دارسة علم الاقتصاد، ووزيرة الطاقة السابقة، والمناضلة اليسارية فى شبابها، والتى دفعت ثمن مشاركتها فى تنظيمات ثورية بتحملها السجن والتعذيب.
هذه الانطلاقة الهائلة على طريق التحرر الإنسانى تعرفها شعوب أمريكا اللاتينية رغم أنها توجد فيما يسمى بالفناء الخلفى للولايات المتحدة الأمريكية، ورغم ميراث هائل من التفاوت الاجتماعى الذى أورثها فقرا وعنفا تبذل جهدها لمكافحته، وهى التى تمد لنا يد الأخوة والتضامن، ولكن معظم حكوماتنا لا تكاد تكترث لهذه اليد الممدودة نحوها.
تحية لهذه الشعوب فى أيام عيدنا، ونأمل أن ننضم لها ولغيرها من الشعوب التى تناضل من أجل أن تسود فى العالم أوضاع أكثر إنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.