فى كاريكاتير الفيلسوف وليد طاهر يوم الثلاثاء الماضى فى «الشروق» وجدنا أنفسنا أمام أسرة من ثلاثة أشخاص مُعدمين يتناولون طعاما بسيطا على صندوق مكتوب عليه «صندوق الانتخابات» ويقول أحدهم «اللّى يوكَّلنا... نوكَّله...» أى من يطعمنا ننتخبه. وإن صدقنا تقارير منظمات حقوق الإنسان فضلا عن المجلس القومى لحقوق الإنسان فإن الرشوة الانتخابية وورقة التصويت الدوارة هى من مظاهر حياتنا السياسية الراسخة حيث يجد الكثير من فقراء المصريين الانتخابات فرصة لمن يبيع ما يملك سواء كان ذلك عضلاته التى يستأجرها من يدفع أكثر كى يقوم الشخص بدور البلطجى أو من يقدم لهم طعاما أو كساء خلال فترة الانتخابات على أمل أن يعطوه أصواتهم فضلا عمن يأخذ نصيبه «كاش». أى نخاسة تلك؟ وأى ديمقراطية أو انتخابات تلك التى نعيشها فى ظل حزب يصف نفسه بأنه ديمقراطى؟ والحقيقة أن معظم أحزاب ودول العالمين الثالث والرابع غير الديمقراطية كانت حريصة على أن تعطى لنفسها صفة «ديمقراطى» حتى تؤكد على صفة لا تملكها، مثل حرص كوريا الشمالية على أن يكون اسمها الرسمى «جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية» ونفس الكلام ينطبق على ألمانياالشرقية قبل الوحدة حيث كان اسمها الرسمى «الجمهورية الألمانية الديمقراطية». ويبدو أن الحزب الوطنى الديمقراطى التزم نفس المنحى، كمن يكرر على مسامع الناس الحديث عن الديمقراطية وهو لا يملك منها إلا الاسم وبعض المظاهر الشكلية. وقد جاء فى الأثر أن مصر تعيش أزهى عصور الديمقراطية. والحقيقة هذا وصف تعبيرى بقدر ما أقول لك إننى أمتلك أعظم سيارة فى العالم، وعندما يحين وقت اصطحابى لك كى تركب هذه السيارة تكتشف أننى لا أملك ما تعارف الناس على تسميته بسيارة، وإنما أملك بعض مكوناتها مثل البطارية أو واحدة من الإطارات أو واحد من المقاعد. أعتقد أن هذا أقصى ما تملكه مصر فى ظل الحزب الوطنى الديمقراطى. والأسوأ من كل هذا أن هذا الحزب ليس له رؤية بشأن كيفية الانتقال إلى الديمقراطية الحقيقية لأنه يعلم يقينا أننا لو انتقلنا إليها فسيكون هو أول ضحاياها. إذن ما الحل؟ يسمى الحزب نفسه «ديمقراطى» ويتحدث عن «الديمقراطية» فى كل مناسبة ويدعى أن كل قراراته من أجل الديمقراطية وبها، ولكن لا ينبغى أن ينفذ الشكل إلى المضمون والكلام إلى الفعل حتى لا يخسر الحزب وأعضاؤه مكاسبهم التى ستضيع فى أول انتخابات حرة نزيهة تشهدها مصر.